حينما تتم الاستهانة بدماء الناس .. وحينما يتم الرمي بالوطن نحو المجهول المخيف ..لا لشيء سوى شهوة الانتقام والثأر ليس من الغريم السياسي فقط ولكن من الشعب الذي أوصل هذا الغريم إلى سدّة الحكم حينما منحه صوته وانتخبه .. هذا في تقديري ما تفعله (المعارضة) المصريّة اليوم، فها هي حركة (تمرّد) تُعلن في بيانها السياسي: (نعلن أنّ محمد مرسي العيّاط لم يعد رئيساً لجمهورية مصر العربية .. نعلن أنّ محمد مرسي العيّاط لم يعد رئيساً للمصريين .. وندعو الجمعية العمومية للشعب المصري للانعقاد يوم غد الأحد 30 يونيو بميدان التحرير ..) !!!!!! هكذا وبكل بساطة وصفاقة واستهتار، (نعلن أنّ مرسي لم يعد رئيساً للمصريين) !!!، هل هذه مبادئ الديمقراطية وآلياتها في التبادل السلمي للسلطة التي لطالما تشدّقَ بها علينا العلمانيّون ولطالما أعطونا فيها دروساً وعظات؟!! ، هل هذه هي بوابة الخروج الآمن لمصرَ من أزمتها ومحنتها ؟!! ، هل تستحق مصر هذا العبث والاستهتار بها وبمصيرها وبمصائر ابناءها ؟!! إلى اين يقودون مصرَ ؟!! ، إنّها الفوضى التي لا نهاية لها ولا حدّ ولا ضوابط، فليسقط مرسي ويرحل، ثم ماذا؟! هل سيعودون إلى الديمقراطية والانتخابات والاستفتاءات ؟!! فماذا إن أعادت الصناديق الكرّة للإسلاميين؟!!! ، وماذا لو جاء علمانيٌ على رأس الحكم في مصر، ولم يعجب الإسلاميين، فهل يبرر للإسلاميين أن يحرقوا الأرض من تحته ليغيّروه .. إنها ثقافة (التمرّد) و(الفوضى) دون ضوابط .. إن من العدل والصدق والإنصاف أن يتم التفريق بين من أخطأ ومن أجرم، بين من خانه التقدير وبين من تعمّد الإجرام وقصده، بين من لم يستطع أن يخفف معاناةً وبين من قصد وتسبب في معاناة .. بين من لم يقم بعد ببعض الإصلاحات وبين من يًفسد ليل نهار .. ليس من العدل أن نحكمَ ب(الفتك) و 0ألإعدام) و (نصب المشانق) و(السجون) لمن اجتهد قدر ما استطاع وأخطأ وخانه التقدير في بعض مواقفه وافعاله .. وليس من الإنصاف أن نجتزأ المشهد ونحكم ب(الهلاك) على أداءٍ لم يستكمل وقته ومدته الممكّنة من إحداث تغييرٍ حقيقي، خاصة والموروث ليس بالهيّن البسيط على الإطلاق .. ما الذي يمنع من جمع (22 مليون توقيع) !!!، ما دام يمتلك هذه الشعبية الكاسحة الساحقة الماحقة أن ينتظر ثلاثة اشهر على أكثر تقدير ليدخل بهذا الرصيد الضخم الانتخابات البرلمانيّة ويكتسح الإسلاميين ويشكّل الحكومة التي منحها (دستور مرسي) صلاحياتٍ أكبر على حساب صلاحيّات الرئيس ؟؟!! إن المشهد المصري بكل تعقيداته يُثبت أنّ (الديمقراطية) ما كانت سوى وهمٍ وسراب، سوّقه لنا العلمانيون والليبراليّون طالما حفظ مصالحهم، وحافظ على كراسيّهم، وأمّن لهم النهب المنظّم لثروات الشعوب ومقدراتها، ولكن أن يكون الطريق لوصول الإسلاميين إلى العروش العتيقة، فذاك دونه هدم المعبدِ على رؤوس ساكنيه ولو كانت تلك الشعوب التي طالما تغنّوا بالدفاعِ عن مصالحها .. إن إسقاطاً بسيطاً لهذا المشهد على واقعنا في بلادنا، سيجد كيف أن الطامحين المتشبثين بأحلام العروش، المتاجرين بآلامنا ومعاناتنا، المتلاعبين بمستقبلنا، يستخدمون ذات المنهج ويسلكون ذات الطريق .. فهل تعي الشعوبُ أم تبقى في غيّها وعاطفتها سادرة والمعبدُ على رأسها ينهار .. اللهم لطفك .. اللهمّ رحمتك ..