مع قدوم شهر رمضان الكريم وما يضفيه هذا الشهر الكريم على الإنسان من تلك الفوائد الروحية المتعلقة بالعبادة وتقوى الله وعبادته حق العبادة والالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى فإننا أيضا نستغل هذه المناسبة للتذكير بأسباب المحافظة على صحة أجسادنا التي ائتمنا الله عليها نظرا للعلاقة والوثيقة بين الاطمئنان النفسي وحق الجسد فان الفوائد النفسية التي يجنيها الصائم لها دورها الايجابي في حسن سير الوظائف العضوية لأجهزة الجسم. وقد أثبتت الدراسات الطبية ما للصوم من فوائد صحية عديدة حيث يساعد على منح أجهزة الجسم راحة هي في اشد الحاجة إليها بعد عملها طول العام فيساعد الجسم على تجديد أنسجته التالفة وعلى التخلص من السموم والدهون الزائدة التي تؤدي إلى السمنة إلا إن ذلك لا يتحقق من خلال الامتناع عن تناول الطعام والشراب خلال النهار ثم يتبعه تناول كميات كبيرة مما لذ وطاب من الأطعمة الدسمة والاشربة من غير مراعاة للقواعد الصحية بل ينبغي تناول الطعام المقبول والمتوازن والشامل لكل العناصر الغذائية الرئيسية . فإذا التزمنا بما أوصانا الله به في كتابه الكريم ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا)) وما بما أوصانا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ) ما ملأ ابن ادم وعاء شر من بطنه… إلى آخر الحديث ) ومنها قوله صلى الله عليه وسلم ( بحسب ابن ادم لقيمات يقمن صلبه)) فان الفرد منا يحصل على الفائدة الصحية المرجوة من الصيام فنكون في غاية الصحة والسعادة . فينقص الوزن قليلا وتخفض نسبة الدهون وينخفض بإذن الله تعالى معدلات أمراض القلب والكبد والكلى. كما إن العلوم الطبية العصرية قد أظهرت أهمية الطعام في الوقاية والشفاء من كثير من أمراض العصر فقد ظهرت الكثير من العيادات الطبية التي تعتمد الصوم أساسا في معالجتها الطبية حيث يعتبر الصوم ظاهرة حيوية وفطرية لا تستمر الحياة السوية بدونها. فالإنسان لا يصوم بمفرده بل أن جميع المخلوقات الحية تمر في حياتها بفترات من صوم اختياري … فالطيور و الأسماك والحشرات كلها تصوم أياما وربما شهورا متوالية في جحورها تمتنع فيها عن الحركة والطعام مرض السكري والصيام: يعتبر مرض السكري واحدا من أكثر الأمراض شيوعا في العالم حيث تشير الإحصاءات إلى إن 26.6مليون شخص يعاني من مرض السكري في العالم ويتم تشخيص 18الف حالة لمرضى السكري يوميا.ويتوقع أن يبلغ عدد المصابين بالسكري بحلول عام 2030م ليصل إلى 380 مليون مصابا. ويأخذ مرض السكري منحنى مخيفا في الكثير من الدول وخاصة دول الخليج العربي وحضرموت ليست استثناءا حيث أن هناك زيادة كبيرة في أعداد مرض السكر لدينا وفي فئات عمرية مختلفة حيث انه يتم اكتشاف حالات مصابة بالسكري في عمر أياما لأقل من شهر وفي عمر أشهر قليلة وسنوات مختلفة وتقدر الإحصائيات أن أكثر من 26% (أكثر من ربع السكان ) في الأمارات العربية يعانون من السكري ومضاعفاته ولا يختلف الأمر في بقية دول الخليج الأخرى في السعودية ,البحرين, الكويت وتكمن الخطورة ليس في المرض نفسه وإنما في مضاعفاته الخطيرة حيث أن تأثيره على الأوعية الدموية يؤدي إلى الإصابة بالذبحة والأزمات القلبية والسكتات الدماغية كما أن تأثيره على الأوعية الدموية الدقيقة تجعله من أهم أسباب فقدان البصر نتيجة لتأثيره على شبكية العين.. والأوعية الدموية الكلوية.حيث انه من أهم أسباب الإصابة بالفشل الكلوي كما أن تأثيره على الأوعية الدموية الطرفية تجعله ضمن أسباب فقدان الأطراف حيث تشير بعض الدراسات الأمريكية تؤكد بان السكري مسئول عن بتر أكثر من 50 ألف حالة سنويا حتى انه أكثر من عدد حالات فقدان الأطراف التي حصلت خلال حرب فيتنام كلها. .ومرضى السكري مثلهم مثل الناس العاديين يشكل لهم الصوم فائدة علاجية ونفسية كثيرة ونمط حياتهم خلال الشهر الكريم يجب أن لا تختلف كثيرا عن حياتهم خلال الشهر الكريم يجب أن لا تختلف كثيرا عن حياتهم في غيره من حيث الالتزام بالحمية الغذائية الخاصة الموصوفة لهم واستعمال العلاج المعتاد إلا انه يجب أن يناقش كل شخص مع طبيبه طريقة استخدام العلاج وتوقيت تناوله ونوع الأطعمة التي يجب تناولها. وإجمالا فان معظم المصابين بمرضى السكري يمكنهم الصوم بلا مشاكل لان الصوم يساعدهم على تخفيف الوزن والاستفادة من الأنسولين الموجود في أجسامهم فالمرضى الذين يحتاجون إلى تناول الأقراص عن طريق الفم مرة او مرتين يوميا يمكنهم تناول أدويتهم مع الإفطار و السحور ولكن يجب تخفيف جرعة السحور إلى النصف أو حتى إيقافها عند السحور بعد استشارة الطبيب حتى لا تسبب هبوط في السكر أثناء النهار. وكذلك بالنسبة للمرضى الذين يعتمدون على الأنسولين في علاجهم فيمكن تناول جرعه الأنسولين المعتادة التي يأخذها قبل الفطور في غير أيام رمضان ويتناولها المغرب مع الإفطار ويتوقف عن اخذ جرعة السحور ويتم تقسيم كمية الطعام المحددة يوميا إلى وجبتين رئيسيتين الفطور والسحور ووجبه ثالثة بين الوجبتين على ان يبتعد عن تناول الكثير من النشويات أو السكريات مع السحور على إن يتم مناقشة كل حالة على حدة كل مع طبيبه. وهناك البعض من مرضى السكري الذين لا يستطيعون الصيام وهم : * المريض المصاب بالسكري الغير مستقر. * المرضى الذين يحتاجون إلى جرعة كبيرة من الأنسولين لأكثر من مرة في اليوم . * المريضة الحامل المصابة بالسكري. * المريض المسن الذي يعاني من مضاعفات السكري المتقدمة. * المريض الذي يصاب بحالة حماض ارتفاع السكر . ويجب التأكيد على الحقائق التالية: * السماح بالصيام أو عدمه إضافة إلى تنظيم العلاج و أوقات تناوله قد يختلف بين شخص وأخر وهذا يعود إلى الطبيب المعالج. * المرضى الذين تكرر إصابتهم بنوبات نقص في السكر أو الارتفاع الشديد في سكر الدم عليهم بقطع الصيام فورا لحاجته للعلاج الفوري. * ينبغي تقسيم وجبات الطعام إلى ثلاثة أجزاء رئيسية عند الإفطار والثانية بعد صلاة التراويح والثالثة عند السحور * عدم الإفراط في الطعام وتجنب الحلويات والعصائر المحلاة. * يفضل تأجيل وجبة السحور. أ.د/ أحمد علي باحاج أستاذ الأمراض الباطنية كلية الطب جامعة حضرموت استشاري أمراض السكري والكبد