القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»    الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    تبعات الضربة الإيرانية على إسرائيل    خلال تفقده الانضباط الوظيفي في وزارتي النقل والأشغال العامة والنفط والمعادن    صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران    الكيان الصهيوني و «تدمير الذات» سيناريو الحرب الكبرى وعبث نتنياهو الأخير!!    الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    مسؤول روسي يؤكد أن موسكو يمكنها التوسط بين "إسرائيل" وإيران لتسوية الصراع وماكرون يعلق    إيران تستهدف العقل العلمي للاحتلال    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    مرض الفشل الكلوي (8)    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    إيران تستهدف اسرائيل برشقة صاروخية جديدة    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق سمات أمنية مخيفة ومستقبل مجهول
نشر في أخبار الساعة يوم 25 - 08 - 2010


أعداد مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
. مؤثرات الصراع على البيئة العراقية
. استهداف البنية التحتية تمهيدا لتقسيم العراق
. أكذوبة الأمن وحقيقة استمرار الحرب
. سمات أمنية مخيفة ومستقبل مجهول
يعيش العراق بعد الغزو الانكلوامريكي عام2003 فوضى سياسية وعسكرية واقتصادية عصفت بالبنية التحتية المؤسساتية والاجتماعية , خصوصا بعد عمليات نهب وسرقة مؤسسات الدولة ومرافقها بشكل مبرمج, وفقا للمنهجية الإستراتيجية والأيديولوجية لليمين المتشدد في أمريكا وبدعم ومباركة من اللوبي الصهيوني ودفع إقليمي حاقد تفضي إلى تدمير مقومات وركائز الدولة السيادية , وإخراج العراق من معادلة المصالح الجيوسياسية العربية , كونه القطب الصلب في الصراع ,كما يفترض أن ينظر للعراق بمنظور استراتيجي فهو ليس "جزيرة نائية في المحيط أو ولاية في أقصى القطب" ليجري احتلاله بهذا الشكل الهمجي الوحشي الحاقد, كما أن العراق يمتلك عناصر محسوسة تجعله محورا جيوسياسيا في الرقعة الإستراتيجية العالمية, وكاد أن يكون لاعب جيواستراتيجيا في العالم في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لولا انزلاق العراق الى حروب غير مبررة ؟, ويوصف القانون الدولي الحرب ضد العراق"عدوان وانتهاك للشرعية الدولية" واقتصاديا "قرصنة وهيمنة وسطوة تجارية للرأسمالية الجشعة في أمريكا" وأخلاقيا "انهيار للقيم والمثل الإنسانية العالمية" والتي طالما نادى بها ساسة الولايات المتحدة والغرب تحت مزدوجي الديمقراطية" و"الإرهاب" ويعتبر العدوان على العراق" انهيارا حضاريا واستهداف للقيم العربية والإسلامية" وتعد اكبر جريمة ارتكبها الغرب بحق العراق وخطيئة استراتيجية أغفلها العرب, ونشهد وقائع ممسرحة تؤكد انقلاب الولايات المتحدة الأمريكية على نفسها في العراق وسعيها المحموم لإعادة تقسيم الكعكة العراقية الممزقة عاموديا مع فاعلين إقليميين(لبننة العراق) لتخرج بحكومة صفقة أمريكية إقليمية, ولعل الوضع العراقي المعقد سيشهد عنف متزايد وعمليات شبحية تنفذها شركات المرتزقة وأجهزة المخابرات الأجنبية والمليشيات الطائفية والتنظيمات المزوجة الولاء, ونجد تحول واضح الى نمط الحرب المزدوجة والتي تستهدف المواطن العراقي وبنية العراق وقدرته, ليبقى العراق نقطة الشروع لتصفير القدرة العربية ونشر الفوضى في المنطقة وتكرار خطيئة العراق في دولة عربية أخرى بين لبننة وعرقنة وصوملة وسودنة.... الخ ضمن سياق صناعة الإرهاب وتجارة الأمن .
مؤثرات الصراع على البيئة العراقية
تؤكد الوقائع ان استراتيجية الانسحاب لم تكن حقيقية بل مناورة وتكتيك سياسي وعسكري لتقليل الإنفاق والخسائر,وان الرئيس الأمريكي لم يتمكن من تنفيذ وعوده الانتخابية للشعب الأمريكي بإنهاء كابوس"احتلال العراق"فعلا,ولابد من التفتيش عن المستفيد من بقاء الاحتلال ورفضه فكرة الانسحاب ونضع عدد من الاحتمالات التي تؤكد تحقيق تلك الرؤية وهي:-
1. الصراع الحزبي التقليدي بين الحزب الجمهوري والديمقراطي والمجمع الصناعي العسكري واللوبي الصهيوني .
2. الصراع التقليدي بين وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين وحاشية البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات وزعانفهم السياسية, وهو صراع أزلي حيث يتمسك البنتاغون بملف العراق الدموي وتعتبره مشروعها التجاري ,والذي أعدته من مطلع تسعينيات القرن الماضي وبدعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية,وهناك عدد من الارتباطات لجنرالات الحرب الأمريكيين بشركات السلاح والنفط والتي تفرض أملاءاتها لمنع الانسحاب.
3. المنهجية المتشددة لرموز "مشروع القرن الأمريكي الجديد" وعدد من رموز اليمين المتشدد والمنظمات الأمريكية الصهيونية التي ساقت الولايات المتحدة الأمريكية لغزو العراق على أساس ديني راديكالي متشدد يلتصق بالأساطير التلمودية وبمنحى اقتصادي ليتخذ من العراق نقطة انطلاق لمشاريعهم ونزواتهم.
4. وجود أكثر من (160000) مئة ألف متعهد ومقاول يعملون بالعراق[1],ضمن استراتيجية خصخصة الحرب, وقد طرح هذا الاستخدام مشكلة وهي الفساد والاستغلال وجني الأرباح الفاحشة[2], والعمليات العسكرية خارج أطار السيطرة.
5. شركات الأمن العسكري الخاصة القسم الخامس في القدرة العسكرية الشاملة, وزارة الدفاع الأمريكية وحدها أنفقت أربعة مليارات على حراس الأمن في عام2007, وأبرزها"بلاك ووتر,دين كورب"؟, وتعد تجارة الأمن وصناعة الإرهاب أكثر تجارة مربحة تعدت أرباح النفط والذهب.
6. شركات النفط الرابح الحقيقي الوحيد من هذه الحرب, حيث ارتفعت أسهم شركة هاليبرتون ب229بالمائة منذ بداية الحرب, متجاوزا مكاسب شركات الدفاع الأخرى[3], إضافة الى شركات السلاح والمرتزقة والالكترونيات والإنشاءات والسيارات والمعدات.
7. مراكز الأبحاث والدراسات ووسائل الإعلام وبقية المنظومات الأمريكية التي ترتزق على مشروع غزو العراق.
8. التغلغل الصهيوني ومشاريعه في تقسيم العراق وفقا للأساطير التلمودية.
9. التغلغل والنفوذ الإيراني الساعي لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية وعسكرية ذات منحى استراتيجي في العراق في ظل الوجود الأمريكي والذي يطمح منحه دورا إقليميا وعالميا والتحول من محور جيوسياسي ساند إلى لاعب جيواستراتيجيا في المنطقة.
10. الأدوات السياسية المتصارعة والمرتبطة بمشروع الاحتلال والأجندات الإقليمية ذات الصبغة الطائفية والعرقية الانفصالية والتي رهنت مستقبلها بوجود القوات الأمريكية, والتي لم تتمكن من تحقيق نجاح سياسي في المدة الإستراتيجية[4] طيلة السنوات العجاف والتي خلفت ملفات متفجرة يصعب معالجتها وأبرزها عبودية السلطة.
11. طبقة سماسرة الحرب والمتعهدين والانتهازيين والمرتزقة العراقيين الذين يعملون في القواعد والدوائر الأمريكية في العراق لأغراض مختلفة وهؤلاء يتطابقون مع المتعهدين الأمريكيين في الفكر والنهج والتوجه ويخضعون لفكرة الارتزاق المالي .
تشكل تلك المفاصل عصي في الدواليب ولو بشكل غير منظور ,وتعمل على عدم خروج قوات الاحتلال من العراق وتسعى لتحقيق مكاسب شخصية وفئوية أو حزبية ضيقة مرتهنة بأجندات أجنبية وإقليمية على حساب سلامة وامن المجتمع العراقي وسيادته واستقلاله, وأن البقاء في العراق قد يكلف الولايات المتحدة الأمريكية وجودها كدولة متحدة نظرا للمخاطر والملفات العصيبة التي خلفتها الإدارة السابقة .
استهداف البنية التحتية تمهيدا لتقسيم العراق
أكد الخبراء ان غزو العراق يعد نقطة الشروع في "مشروع القرن الأمريكي" لإلحاق العراق إلى النظام الرأسمالي بالقوة,وتطبيق أساطير "إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل" وبمنحى ديني متشدد, وتشكيل قاعدة عسكرية لوجستية للانطلاق إلى مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي أفشلته المقاومة العراقية الباسلة طيلة سنوات الصراع. وسرعان ما طبقت تكتيكات "مشروع تقسيم العراق" عبر استهداف بنيته التحتية الاجتماعية والتي ألقت بضلالها على المشهد السياسي والأمني العراقي ما بعد الغزو, وجعل أمن ومقدرات الشعب العراقي رهينة بيد مؤسسات الاحتلال والنفوذ والمرتزقة وسماسرة الحرب , ومن المسلمات الفقهية السياسية والأمنية "أن الأمن مطلبا وطنيا ذو سيادة يستحيل تحقيقه في ظل الاحتلال أو نفوذ إقليمي وهو عقد اجتماعي يجب أن تؤمنه السلطة الوطنية للشعب وخلافا لذلك تفقد مشروعيتها حتى وان كانت منتخبة", ولعل مفهوم الآمن[5] مفهوم مركب ومعقد مقارنة مع بساطة المصطلح الذي طالما روجت له الدوائر الإعلامية وبشكل واسع يوحي بتحقيقه, مع غموض وصعوبة تحقيق مقوماته وعناصره في ظل الفوضى التي يشهدها العراق الآن, وغالبا ما يخرج الكثير من الضباط والمسئولين الأمنيين الحاليين يستعرضون عديد القوات وانتشارها ومفاصلها المعلوماتية والتقنية ليوحي أن الأمن يتحقق عبر القواعد النظرية في تشكيل القاعدة المادية للأمن والسلم في الظروف الاعتيادية,ولكن هنا يختلف الأمر فان الأمن صناعة معقدة وتطبيقاته تتطلب تحقيق السيادة الوطنية أولا ليحقق التوافق والاستقرار السياسي وكذلك الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والتنمية والرفاهية في ظل أجواء توافق وطني حقيقية تستند على منظومة القيم الوطنية ,فالآمن هو العمود الفقري في سياسة أي دولة بل هو مبرر وجود الدولة ككيان سياسي وهي قاعدة فقهية سياسية وأمنية.
تعد المهمة الأساسية والأولى للدولة هو تحقيق الأمن والخروج من حالة الفوضى وشريعة الغاب[6], والأمن بمفهومه البسيط هو "غياب الخوف واختفاء التهديد وسيادة الاطمئنان النفسي لدى المجتمع" وهذا ما لم يتحقق طيلة سنوات الاحتلال ولعل ابرز أسبابه وجود الاحتلال الأمريكي[7] وهيمنته على المفاصل السياسية والأمنية والاقتصادية بمنظورها الشاذ[8] ويبغي من ذلك تحقيق مصالحه وأمنه السياسي بالدرجة الأولى , ويبرز بشكل واضح فشل صناعة الإدارة الأمريكية السابقة وهشاشة الهياكل البنيوية السياسية والعسكرية والقانونية العراقية والتي خلفت اكلاف بشرية ومادية بأرقام فلكية, ناهيك عن وجود نفوذ مخابراتي أجنبي وإقليمي, وصراع أجندات على ارض العراق التي تستنزف أمن المجتمع العراقي[9],مما يجعل تطبيق الأمن وفق مفهوم القيم والهوية الوطنية مستحيلا في ظل هذا المناخ, لقد ارتكز الأمن في العراق على مفاهيم مستوردة ومشوهة وعلى هياكل تنظيمية مزدوجة الولاء والارتزاق, ويفترض أن القوات المسلحة هي انعكاس للشعب وخادمة له,والحقيقة أن تلك القوات تتبع بالغالب التوجيهات والوصايا الصادرة من قوات الاحتلال من جهة وانتمائها الحزبي من جهة أخرى , ونؤكد أن الأمن ابرز مقوماته هو الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الأمن الانسيابي ويشكل 80% من جسد الأمن وتتبعه القدرة والحرفية العسكرية والأمنية المؤطرة باحترام القانون وحقوق الإنسان والمجتمع والمواطن وأتباع القاعدة المحورية إن إرادة الشعب هي مصدر القوة التي تحقق الأمن؟.
أكذوبة الأمن وحقيقة استمرار الحرب
سوقت الدوائر الإعلامية والسياسية الأمريكية ومكاتب العلاقات العامة ان الأمن قد تحقق في العراق خصوصا بعد تطبيق استراتيجية الاندفاعة الأمريكية مطلع عام 2008,وقد قطب العنف والإرهاب بشكل طائفي لأغراض سياسية ذات منحى مخابراتي تتواءم مع حجم التكتيك المفروض إحداثه على الأرض, وبما يتفق مع الهدف الاستراتيجي السياسي والإعلامي للأجندات المتصارعة في العراق ,وتمنح بطاقة المرور لكافة مفاصل العنف والإرهاب الدولي ألمخابراتي في العراق ,ولغرض توصيف فوضى الأمن لابد من استعراض عناصر الشك في دائرة الأمن الوقائي الضالعة بعمليات إرهابية كبرى ضد المدنيين ,وضمن أحداث الحركة الدراماتيكية لتوجيه البوصلة السياسية نحو الأجندات النافذة , ويمكن تبويب المفاصل والعناصر المسلحة التي تحوز السلاح وتمتلك القدرات الهائلة في تنفيذ التفجيرات الإرهابية التقنية الدقيقة, وتحدث رعب وسط المدنيين[10] وأبرزها هي :-
1. قوات الاحتلال الأمريكي النظامية والقوات الأجنبية المتحالفة معها بقدراتها الجوية والفضائية والمعلوماتية المتطورة والمرتبطة بمشروع الاحتلال.
2. شركات الخدمات العسكرية الخاصة(المرتزقة) وتقوم بعدد من العمليات القذرة مقابل ثمن, وتحظى بحصانة قانونية واستقلال وكتمان في التنفيذ عالي المستوى في العراق, وتخضع تلك لإرادة وكالة المخابرات الأمريكية.
3. دوائر المخابرات الأجنبية والإقليمية[11] المختلفة بواجهات متعددة البعض منها بوشاح عراقي لأغراض سياسية ذات طابع أستخبارتي وبمنهجيات أمنية مختلفة.
4. عصابات الجريمة المنظمة التي تتستر خلف واجهات تجارية وشركات تبييض الأموال وتمتلك الموارد والقدرات التي تمكنها من تنفيذ العمليات الشبحية التي تستهدف المجتمع العراقي بلا تميز وغالبيتها يرتبط بأجندات مخابراتية أجنبية أضافية.
5. المجاميع الخاصة المسلحة البالغة 13 مجموعة وفرق الموت والتنظيمات المسلحة المرتبطة بأجندات إقليمية , وتسعى لإذكاء الصراع الطائفي والمذهبي وتمتلك أسلحة وذخائر متطورة مختلفة, ولم تجري معالجتها حكوميا وتتحرك بانسيابية واضحة.
6. المليشيات الطائفية والعرقية المسلحة,وتتميز تلك المليشيات بخطورتها على الأمن القومي العراقي وتستهدف البنية التحتية للمجتمع العراقي, وقد ارتكبت الكثير من المجازر والجرائم في عدد من مدن العراق ومناطق بغداد ضمن عمليات التطهير الطائفي عام2006-2007,وتستهدف وحدة العراق,ولا تزال تتمتع بسطوة وحصانة وحرية الحركة بالسلاح وينفذ البعض منهم عمليات التصفية الجسدية وفق قوائم للتصفيات السياسية وعمليات الاستهداف للكفاءات العراقية, وشوهد نشاطها مؤخرا .
7. عناصر الأحزاب الحاكمة المسلحة ودوائر استخباراتها والحمايات الشخصية,والعناصر المندمجة ضمن الأجهزة الحكومية كخلايا نائمة تنشط عند الحاجة .
8. المجرمين من ذوي السوابق الذين أطلق سراحهم قبل الغزو,البعض منهم أصبحوا قياديين في الأحزاب الوافدة من الخارج, والآخر شكل عصابات محلية للخطف والسرقة والقتلة المأجورين مما وسع رقعة الجريمة في العراق.
9. الشركات الأمنية العراقية ظل شركات المرتزقة الأجنبية وهي شركات مرخصة باستخدام وحمل السلاح , ومهامها مريبة ولا تخضع للرقابة والمحاسبة .
10. الدوافع والنوازع الشخصية الشريرة ذات الدافع الطائفي والعرقي وهوس المناصب ومنح الرتب الوهمية للمواقع الأمنية المهمة وصراع المناصب..الخ.
أوردنا ابرز المفاصل والمحاور المسلحة التي يتم استثنائها دوما من الشك في التحقيق أو الإشارة إليها لزعزعة الأمن في العراق ولم يتم تفكيكها او معالجتها سواء لأسباب تنظيمية أو سياسية أو للتملص من مسؤولية الأحداث[12] ناهيك عن المتغيرات السياسية في ساحة الصراع التي تتطلب أحداث تغيير أو تحريك لملف ما لقوات الاحتلال في العراق.
سمات أمنية مخيفة ومستقبل مجهول
افتقر المشهد الأمني العراقي لأبسط مقومات الأمن وهو "غياب الخوف" و"سيادة الاطمئنان" و"تحقيق الاستقرار" ,ولعل عناصر الفشل تعود إلى خلل بنيوي في صناعة الأمن في العراق و تقود الى مستقبل مجهول يتقبل كافة الاحتمالات الصعبة والمعقدة في ظل :-
1. وجود قوات أجنبية متعددة على ارض العراق.
2. المرتزقة والمتعهدين الأجانب.
3. زعانف نفوذ إقليمي متعاظم
4. دوائر المخابرات الأجنبية والإقليمية .
5. المليشيات الطائفية والعرقية والمجاميع المسلحة الخاصة.
6. عصابات الجريمة المنظمة.
7. الخلل البنيوي السياسي والأمني والاقتصادي.
8. منظومة قوانين مجافية للبيئة العراقية.
9. إخضاع الأدوات السياسية ومفاصل الدولة حتى الآن لمنظومة القرارات التي اتخذها الحاكم العسكري لقوات الاحتلال برايمر والتي صفرت عناصر القدرة العراقية.
10. عدم تجانس الأدوات السياسية مع البيئة الجماهيرية العراقية.
11. الإرهاب السياسي الذي تمارسه قوات الاحتلال والقوات الحكومية كالمداهمات والقتل خارج القانون والاختطاف والتغييب القسري , الجثث المنزوعة الهوية, والتعذيب والاغتصاب..الخ.
12. عسكرة الشارع العراقي وفصل مدنه ومناطقه باسيجة كونكريتية كلفت العراق أنفاق مالي بأرقام فلكية كان المواطن العراقي أحق بها, ويبدو أنها صفقة تجارية اشترك بها جنرالات وسياسيون وسماسرة.
13. التمايز البشري بين المواطنين العراقيين على أساس الطائفة والعرق والمذهب والانتماء للحزب وسيادة فلسفة الطائفية ودولة المكونات واندثار المفاهيم الوطنية.
14. أعداد قوات أمنية وفق فلسفة (سد الثغرات) كقوات بديلة عن قوات الاحتلال, وقد انتهجت نفس الفلسفة التدريبية التي تديرها شركات المرتزقة والتي لا تتجانس مع العادات والتقاليد العسكرية العراقية والحرفية ولا تواءم مع سيكولوجية المواطن العراقي وينظر أليها بازدراء ورعب لسوء سلوكها.
15. دمج المليشيات في القوات المسلحة وفق قانون برايمر ومنح الرتب الفخرية وأشغال المناصب الكبرى الحرفية بعناصر الأحزاب مما افقد تلك القوات استقلاليتها وحرفيتها.
16. المادة (9) من الدستور الحالي تنص على تشكيل القوات المسلحة بتوازن المكونات أي وفق مفهوم المحاصصة الطائفية والعرقية وهذا يخالف كافة الأعراف والقيم العسكرية المهنية والوطنية.
17. توسيع فرشة العنف مما يوسع دائرة الإرهاب لإغراض سياسية.
18. ضحايا عمليات التجسس الكيدية- المخبر السري - واعتقال الكثير من الأبرياء وفق تهم كيدية ذات طابع طائفي وطبقي بالدرجة الأولى .
19. انتهاج فلسفة مكافحة الإرهاب الأمريكية واندثار صفحة الدفاع والاقتصار على مهام شرطية ومداهمات لا تتناسب مع طبيعة عمل ومهام أي جيش بالعالم أو المنطقة.
20. غياب المشروع الوطني الجامع وفلسفة الحوار والاحتواء والعفو والتفاوض.
21. عمليات التقشير ألمخابراتي واستهداف وتصفية العناصر والشخصيات الوطنية المختلفة
22. غياب المحاكمات والمسائلة القانونية لمن أجرم بحق العراقيين بعد غزو العراق خصوصا رموز وعناصر الأحزاب الطائفية , وقد ارتكبوا جرائم التطهير الطائفي و حرب التغيير الدموغرافي تطبيعا لتقسيم العراق, مما يحفز الثار والانتقام.
23. غياب مفاصل امتصاص الصدمة الجماهيرية كقوانين العفو وتعديل القوانين وإيجاد فرص عمل ووظائف كحق للموطن وكذلك انهيار الواقع الخدمي بكافة جوانبه.
24. عدم محاكمة السياسيين والوزراء والموظفين الفاسدين مما وسع دائرة الفساد المالي والسياسي والفكري والإعلامي وأصبحت ظاهرة مستشرية دون عقاب واستنزفت أموال وموارد الشعب العراقي .
يشهد العراق اليوم في ظل حمى الدعاية الأمريكية للانسحاب التكتيكي وفوضى التوازن العربي الإقليمي , ووقائع ممسرحة لتشكيل الحكومة القادمة ومحاولة رسم تضاريس المشهد السياسي وفق أجندات خارجية,لتقاسم المهام والنفوذ كل حسب أدواته السياسية وزعانف العنف والإرهاب التي يتحكم بها,وخصوصا صناعة الخوف والإرهاب وتجارة الأمن, وقد شهد العراقيين ملامحه الدموية يوميا , من القتل خارج القانون والجثث المنزوعة الهوية والتي تحمل أثار تعذيب منظم , ناهيك عن التفجيرات الإرهابية وسط حشود المدنيين وذات طابع قدرة تقني متقدم مما يدل انها ممسرحة لصناعة الخوف وديمومة مناخ صناعة الإرهاب وتجارة الأمن المكلف للغاية, وسيشهد العراق تصاعد في الإحداث الدراماتيكية لتمرير البقاء الامريكي والنفوذ الإقليمي, وإلغاء هوية العراق الوطنية العربية لتكون منصة انطلاق لدولة عربية أخرى.
الأربعاء، 25 آب، 2010
مركز صقر للدراسات الإستراتيجية
Saqr Centre for Strategic Studies


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.