خرج المؤتمر العلمي لجمعية علماء اليمن بجملة من الأحكام والدعوات والتوصيات بخصوص ما جرى ويجري على الساحة الوطنية في مختلف الجوانب والأصعدة ، وقدم ورقة احكامه وتوصياته على طاولة كل الاطراف السياسية ، كبيان للرؤية الشرعية المستوحاة من صميم منهاج العقيدة الاسلامية ، وكبراءة ذمم لعلماء الدين حيال ما يجري في البلاد وعلى العباد من نزاع واختلاف اراق الدم اليمني وقطع كل سبل الحياة ، ووضع الكيان الوطني على حافة منحدر سحيق ومهلك. ولمن قرأ البيان الختامي لجمعية علماء اليمن وما تضمنته مجمل بنوده التي صاغها اكثر من 500 من نخبة رجال الدين ، سيجد ان بلسما قد وجد ، وبقي ان يضع على الجرح ليبرأ ويذهب بالحمى والأرق التي قوضت الجسد اليمني وأقعدته على سرير التجاذبات الداخلية والخارجية .. رهينا لنزوات الفرد والفئة. ولمن يعتقد جزافا او دون دراية وتأمل بأن الاحكام والتوصيات التي تضمنها البيان حابت او انحازت او جانبت الصواب ، او اختلطت بالسياسة كما تشيعه وتسوق له بعض الاطراف والقوى ، نقول بأن الشرع الإلهي حينما يُلتزم به ويترك له اصدار الحكم من روح الدين وعقل الوطن لدرأ فتنة أو وضع حل .. لا يلتفت إلا الى ما يقرره الدين الحنيف بعيدا عن رغبات أو قناعات أو أهواء طرف بعينه من اطراف النزاع والمشكلة. ثم لنا ان نسأل ضمائرنا .. من المستفيد من بقاء المظاهر المسلحة في المدن وتعطيل العملية التعليمية في المدارس والجامعات وبقاء المظالم واستفحال معاناة الفرد والوطن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ومن الرابح في معركة تديرها آلة الموت والقتل المستوطنة كل زقاق وشارع وحي ، ونزاعا يفتك بأوصال الوطن يوزع الرعب والخوف ويمزق البنية والكيان الواحد؟! من سيكون بمنأى عن الفتنة فيما لو تمادت واتسعت مع اصرار وقمار ومكابرة كل طرف بمواقفه ، وهل الإحتكام لشرع الله الا ملجأ وملاذ ومنأى عن كل ما حدث ويحدث؟ لقد حرص نخبة العلماء في بيانهم ان يعرًوا الجرح من خلال تفصيل وقائع المشكلة وتداعياتها ، ومن ثم اصدروا موقف الدين الذي وجب ان لا نشكك فيها او نتجاوزها جميعا ، إلا من ركب هواه و تمادى في غيه. اليس الالتزام بالعقود والعهود حكما الهياً .. كفيلا بأن يوضح المسار ويجنب الشقاق ، ثم اليس من قيم الوطن وروح الدين اولا ان تنبني علاقة الفرد بولي الامر بالمهابة والاحترام طالما لا يزال بشرعية العهد والعقد ، وطالما وفئة غالبية قد أوكلته الأمر وفق دستور نظم عملية بقاءه ورحيله؟! حقيقة لقد جاء حكم العلماء منصفا للوطن وابناءه .. انقاذا للحاضر والمستقبل ، عدلا في توجيهاته الى كل اطراف النزاع ، مراعيا لدستور البلاد ومنتصرا للنهج الديمقراطي ، وفوق كل ذلك جاء من روح الدين وعقل الوطن. وبقي اليوم على كل الاطراف ، ونحن نستجدي الضمائر الحية لكل طرف ، ان تستجيب لنداء الدين والوطن ولنبدأ المصالحة الوطنية .. والله قد حكم بأن الصلح خير.