الناس في هذه الدنيا أصناف متباينة يختلفون في نظرتهم لمشاكلهم وفي طرق حلها ، وسبل معالجاتها ، واتخاذ تلك التدابير التي من شأنها أن تفكفك من عقدها ، وترخي ما اشتد منها أو تصلب ، فمن الناس من لا يستطيع إن يحل مشاكله إلا بالصياح ورفع الصوت ، ومنهم من تأخذهم غاشية العجلة والاستعجال فيقع في مشاكل اكثر، نظرا لتعجله في حل مشكلته التي كانت تستدعي من صاحبها أ ن يكون حريصا على هدوء الأعصاب وبرودتها بدلا من شدها في أمر لا يستحق منه أكثر من النظر بتأمل إلى مشكلته ، وصنف من الناس قد أكون واحدا منهم و القارئ العزيز يحاول أن يستعين بالله في كل مشاكله لكن تخونه الذاكرة فيبدأ بطرق جميع الأبواب المغلقة حتى إذا استعصت عليه لجأ إلى الباب الواسع والمفتوح دائما ، وهو باب الله عزوجل ، والعجيب أن من نطرق أبوابهم أناس أمثالنا قد نذهب إليهم ونعلم أننا ثقال عليهم ، دون أن تتم دعوة منهم إنما نتطفلها تطفلا طمعا منا في قليل من المال أو المعونة ، أما الله عزوجل فهو صاحب الخزائن التي لا تنفد ، وهو مالك الملك ومع ذلك - لسوء تقدير منا – بابه آخر ما نطرق من الأبواب ، أي حين نعجز عن امتلاك الاسباب الأرضية نلجأ إليه وهذا من سوء تدبير العبد قديما و في أحد قرى الهند الصغيرة، كان هناك مزارع غير محظوظ لاقتراضه مبلغا كبيرا من المال من أحد مقرضي المال في القرية. مقرض المال هذا – و هو عجوز و قبيح – أعجب ببنت المزارع الفاتنة والتقية الصالحة والتي عرف عنها أبوها أنها كثيرا ما كانت تحثه على الاستعانة بالله ، لذا قدم عرضا بمقايضته قائلا له : بأنه سيعفي المزارع من القرض إذا زوجه ابنته،ارتاع المزارع و ابنته من هذا العرض. عندئذ اقترح مقرض المال الماكر بأن يدع المزارع و ابنته أمام اختبار إن تجاوزته ابنته أعفاه من المال وإلم تتجاوزه تزوجها غصبا عنها وعن أبيها فظاظة وغلظة منه . وافقت البنت لظنها الحين بالله عزوجل ، واختارت أن تخوض الاختبار الذي سيكون فيه فكاك دين أبيها ، وحتى لا تكون زوجة له ، أخبرته البنت بموافقتها ، ونيتها الدخول في تحد مع المقرض وعلى الشروط التي أملاها هو بنفسه . أخبرهم بأنه سيضع حصاتين واحدة سوداء و الأخرى بيضاء في كيس النقود، و على الفتاة التقاط أحد الحصاتين فإذا التقطت الحصاة السوداء، تصبح زوجته و يتنازل عن قرض أبيها، وإذا التقطت الحصاة البيضاء، لا تتزوجه و يتنازل عن قرض أبيها، وإذا رفضت التقاط أي حصاة، سيسجن والدها. كان الجميع واقفين على ممر مفروش بالحصى في أرض المزارع، و حينما كان النقاش جاريا، انحنى مقرض المال ليلتقط حصاتين. انتبهت الفتاة حادة البصر أن الرجل التقط حصاتين سوداوين و وضعهما في الكيس. ثم طلب من الفتاة التقاط حصاة من الكيس . الآن تخيل أنك كنت تقف هناك ، بماذا ستنصح الفتاة ؟ خاصة أننا إذا حللنا الموقف بعناية سنستنتج الاحتمالات التالية :إما أن الفتاة سترفض التقاط الحصاة، أو أنه يجب على الفتاة إظهار وجود حصاتين سوداوين في كيس النقود و بيان أن مقرض المال رجل غشاش ، وإما أن تلتقط الفتاة الحصاة السوداء و تضحي بنفسها لتنقذ أباها من الدين و السجن . وقفت مع نفسها لبرهة من الزمن كأنها تستجلب رعاية الله لها ، وطلب عونه ، وفرجه مما هي فيه . وتأمل أخي القارئ لحظة في هذه الحكاية، إنها تسرد حتى نقدر الفرق بين التفكير السطحي و التفكير المنطقي. إن ورطة هذه الفتاة لا يمكن الإفلات منها إذا استخدمنا التفكير المنطقي الاعتيادي، فكر بالنتائج التي ستحدث إذا اختارت الفتاة إجابة الأسئلة المنطقية في الأعلى ، مرة أخرى، ماذا ستنصح الفتاة ؟ حسنا ' هذا ما فعلته الفتاة بعد استعانتها بالله . أدخلت يدها في كيس النقود و سحبت منه حصاة و بدون أن تفتح يدها و تنظر إلى لون الحصاة تعثرت وأسقطت الحصاة من يدها في الممر المملوء بالحصى ، و بذلك لا يمكن الجزم بلون الحصاة التي التقطتها الفتاة . " يا لي من حمقاء، و لكننا نستطيع النظر في الكيس للحصاة الباقية وعندئذ نعرف لون الحصاة التي التقطتها" هكذا قالت الفتاة، و بما أن الحصاة المتبقية سوداء، فإننا سنفترض أنها التقطت الحصاة البيضاء. و بما أن مقرض المال لن يجرؤ على فضح عدم أمانته ' فإن الفتاة قد غيرت بما ظهر أنه موقف مستحيل التصرف به إلى موقف نافع لأبعد الحدود . تقرر لنا هذه الحادثة أن اعقد المشاكل إذا استخدم معها الاستعانة بالله فإن فرج الله لامحالة آت . صحيح هناك مشاكل معقدة ، لكننا لا نحاول التفكير، ظننا منا أن حلها في العمل المرهق وليس العمل بذكاء وهذه مشكلتنا التي يجب أن نغير مسارها في حياتنا وإلا ظلت مشاكلنا بلال حلول