العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعاً عن سيد الخلق
نشر في حشد يوم 07 - 02 - 2013


عظمة محمد .. بين تجريم بوش،وانصاف كارليل
امتلأت وسائل الاعلام الغربية والأمريكية بما يسيء إلى الإسلام والمنتسبين إليه،وتعاضدت الدراما الغربية مع هذه الأفكار،فأنتجت المسلسلات وصورت المسلم لصاً قاتلاً وشيطاناً ماكراً وساعد على ذلك جهل عوام الغربيين بحقيقة الإسلام بسبب تأثير الإعلام الرهيب والمتواصل على اسماعهم وابصارهم وافكارهم من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية التي يسيطر عليها اليهود المتعصبون ولعلنا تابعنا جميعاً الهجوم الشرس على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم المتمثل في نشر وإعادة نشر صور ورسومات كاريكاتورية تظهره في مناظر قبيحة وبصورة مزرية يندى لها جبين كل مسلم، ومن كان منصفاً من غير المسلمين، وحدث ذلك في بعض الدول الأوربية وتحديداً في الدنمارك وفي هذه الوقفة التي سأتحدث فيها عن عظمة نبينا الذي تصوب إليه سهام السوء والفحش،في هذه الأيام كما نعرف من قبل صحف دنمركية قررت إعادة الرسوم المسيئة له،وقبل الولوج إلى بيت القصيد فإنني لن انسى أن أشير إلى مانصبو ان نتحدث من أجله، موضوعه متصل اتصالاً وثيقاً فيما نحن بصدد الحديث عنه..
ففي 600 صفحة صدر كتاب بعنوان «المائة:تقويم لأعظم الناس اثراً في التاريخ» لمؤلفه العالم الفلكي والرياضي،والذي يعمل في هيئة الفضاء الأمريكية «مايكل هارت».
فبعد دراسة التاريخ لاحظ أن من بين عشرات الألوف من ملايين الناس لم تذكر دوائر المعارف كلها سوى عشرين ألف شخص كان لهم أثر في بلادهم وفي البلاد الأخرى، وفي التاريخ الإنساني.
وبعد أن فرغ المؤلف من اصدار هذا الكتاب تلقى اقتراحات من العلماء والادباء ورجال الدين باضافة اسماء أخرى،ولكن المؤلف عنده مقاييس ثابتة لاختيار الشخصيات المائة واستبعاد مئات غيرها.
يقول إنه حدث عندما كان الفيلسوف فولتير في بريطانيا أن اشترك في مناقشة موضوعها،من هو الأعظم، الأمبراطور الروماني يوليوس قيصر أو القائد الاغريقي الاسكندر الأكبر أو القائد المغولي تيمور لنك أو الزعيم البريطاني كرومويل؟
وكان الرد على هذا السؤال أن قال احد من المتناقشين بل أعظم الجميع العالم الرياضي البريطاني اسحاق نيوتن،وكان رد فولتير، فعلاً نيوتن أعظم،لأنه يحكم عقولنا بالمنطق والصدق،وهؤلاء يستعبدون عقولنا بالعنف،وكذلك فهو يستحق عظيم الاحترام،ولكن المؤلف أقام اختياره لشخصياته الخالدة على عدة أسس، من بينها أن الشخصية يجب أن تكون حقيقية،فهناك شخصيات شهيرة بعيدة الأثر،ولا أحد يعرف إن كانت عاشت أو لم تعش مثل الحكيم الصيني لاوتسو، حيث لا أحد يعرف هل هو إنسان أو اسطورة، وكذلك الشاعر الاغريقي هو ميروس،لا أحد يعرف إن كان حقيقة،والشاعر ايلسوب صاحب الأمثال والحكم، هو أيضاً لايعرف إن كان قد عاش حقاً.
واستبعد أيضاً عدداً كبيراً من المجهولين، مثل أول من اخترع النار، وأول من اخترع العجلات،وأول من اخترع الكتابة.
حيث لابد وان يكون شخصاً عبقرياً، ولكننا لانعرفه.. ولانعرف أيضاً ان كان واحداً أو كثيرين.
كما أنه أقام أساس الاختيار على أن يكون الشخص عميق الأثر، سواء كان هذا الأثر طيباً أو خبيثاً،ولذلك كان لابد أن يختار هتلر،لأنه كان عبقرية شريرة.
ولابد أن يكون للشخص أثر عالمي، إذ لايكفي أن يكون له اثر اقليمي.. ولذلك استبعد كل الزعامات الساسية والدينية،والمواهب العلمية التي لها اثر محلي فقط.
واستبعد المؤلف كل الاشخاص الاحياء، أياً كانت اثارهم البالغة.. فإن أحداً لايعرف بعد، كم تعيش اثارهم في بلادهم أو على الإنسانية، فالمستقبل غيب.
وفي نفس الوقت من الممكن أن يختار اناساً مايزال لهم مستقبل عظيم،فمن المؤكد أن البشرية سوف تعتمد على الكهرباء خمسة قرون أخرى على الأقل،ولذلك كان لابد أن يضع في هذه القائمة اثنين من العلماء هما «فراداي وماكسويل».
ومن الممكن أن يتلازم اثنان من العلماء أو من الفلاسفة دون تفريق بينهما،مثل ماركس وصديقه فريدويش أنجلز،
فكلاهما له اثر عظيم على التاريخ الإنساني.
وكذلك الاخوان رايت اللذان اخترعا الطائرة.
والمهم من ذلك كله أن يكون للشخصية اثر شخصي عميق متجذر ومتجدد على شعبها وعلى تاريخ الإنسانية،ولذلك فقد اختار محمداً صلى الله عليه وسلم أول هذه القائمة،وعنده لذلك أسباب مقنعة.
ويرى انيس منصور، مؤلف كتاب «محمد أعظم الخالدين».
والذي ألفه عن كتاب أو من كتاب قال عنه «لم ارفع عيني عنه، وان كنت لم التزم بحرفية كل ماجاء فيه» يقصد اعتماده على كتاب مايكل هارت في تأليفه كتابه هذا.
يقول:ولا ادعي انني اضفت شيئاً إلى هذا الكتاب،وإنما حذفت بعض العبارات وبعض المصطلحات العلمية الصعبة دون اخلال بما اراده المؤلف.
ويجدر الاشارة إلى أن كتابه قد سار في ترتيبه على غرار ماسار عليه مايكل هارت فقد جعل أول الخالدين العظماء،هو محمداً صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول عن مايكل هارت المؤلف الامريكي إنه لم يقلب في تاريخ الاسلام وتاريخ الفكر الغربي، وإلا لوجد عطاءً في كل فروع المعرفة، ففضل العرب والمسلمين على الحضارة الغربية معروف له ولغيره من العلماء الجادين المخلصين.
ومن المؤكد أن الرجل مخلص وصادق في حكمه عكس الكثيرين من عظماء التاريخ.
ويواصل انيس منصور قوله عن الرجل:-
وكان المؤلف يستحق الكثير من الحفاوة أي حفاوة الدول العربية والاسلامية ولكنه لم يلق اهتماماً وامتناناً من أحد..
فقط أن تقرأ كتابه هذا وتشير إليه وتدعو الناس إلى قراءته والاعجاب به.
وذلك امتنان أخرس لأن صاحب الفضل لم يسمع به،وتلك عقوبة لايستحقها المؤلفون الكبار،ولكنهم قد اعتادوا على ذلك، فأعمالهم تبقى متعة شخصية، أما رأي الناس فهو شراء لهذه الأعمال دون أن يدري بهم المؤلفون ثم يختم حديثه عن كتابه الذي ألفه دون أن يدري به المؤلف الأصل حيث قال:
وسوف تكون المفاجأة للمؤلف وأنا أبعث إليه بنسخة من هذا الكتاب، وبذلك تكون المفاجأة الثانية، أما الأولى فهي عندما ارسلت له خطاباً ابدي أعجابي بعلمه وخلقه، واستأذنه في نشر مااستطيع من هذا الكتاب.
وهناك حقيقة ينبغي أن نغض النظر عنها أو نتعامى عنها خاصة ونحن نتحدث عن بعض المنصفين الغربيين الذين ألمحوا إلى شخصية النبي صلى الله عليه وسلم كعظيم من العظماء، أو بعض الذين أفردوا كتباً حوت هذه الشخصية العظيمة بجلالها وهيبتها واثرها الذي تركته والذي مازالت الناس تستقي من نبعه وتغترف من بحره، وتطفئ ظمأ روحها من معين علمه العذب..
هناك على الطرف الآخر من عاند وكابر وأبى إلا أن يمر مروراً من أمام شخصية النبي الكريم العملاقة غير آبه بما أحدثته هذه الشخصية لهذا العالم، فعموا أعينهم عنها ولو بنظرة حتى لو كانت خاطفة، وصموا اذانهم عن سماع الكلام الذي ملأ الدنيا اقراراً بفضل هذا الرجل،واخرسوا ألسنتهم فلم ينبسوا ببنت شفة اقراراً منهم بفضل النبي الكريم.
وكثير من هؤلاء من سار على هذا المنوال في تعامله مع سيرة المختار صلى الله عليه وسلم وكثير هم علماء الغرب من المفكرين والمثقفين والفلاسفة المناطقية،كبيرهم، بوش الأب الرئيس السابق للولايات الأمريكية،ووالد الرئيس الحالي لها،حيث قد ألف كتاباً طافحاً بالاجرام والسوء، وقد اتهم نبينا بأنه مؤسس الأمبراطورية الإسلامية التي أقام دعائمها على أساس من الإرهاب المتمثل حينها بالسيف، مجاوزاً الحدود والازمان والأماكن والشواهد التاريخية التي تثبت عكس ذلك، ولكن قد تم عرضه وتحليله في السابق على صفحات الثقافية.
وكثيرهم الذين تناولوا عظماء هذه الدنيا بنفس القدر أيضاً كثير هم الذين همشوا نبينا الكريم صاحب الرسالة الباقية والعظمة الخالدة.
ففي شخصياتهم التي يبحثون فيها نجدهم يغوصون عميقاً بحثاً عن مآثرهم وماتركوه خدمة للبشرية جمعاء، فنعجب من بحوثهم التي تسبر الاغوار ويغوصون معها إلى قاع بحار هؤلاء العظماء،لكنك تصاب بنوع من الحسرة وأنت تغلب في هؤلاء العظماء، دون أن يكون هناك ذكر لصاحب الفضل الأول لهؤلاء العظماء فيما توصلوا إليه، وكأنهم يحجبون الشمس بغربال، ويبقى بوش الأب بكتابه ذلك العلاقة النارقة لأمثال هؤلاء.
تجرد توماس كارليل
وأمام هذا التهميش الفاضح، والتعامل المتعمد الواضح لشخص النبي الكريم، يبرز كاتب لايقل شأناً عن «مايكل هارت».
بل قد يكون ارفع عنه قدراً واسمى، وشهادته أجدى من شهادته وارقى،كاتب له قدره المعتبر، وله ثقله وأهميته والتي تنبع من كونه فيلسوفاً انجليزياً يقتصر على ذلك بحديث مختصر مقتضب.
إنه الفيلسوف الانجليزي «توماس كارليل» والذي ألف كتاباً افرده للنبي صلى الله عليه وسلم يتحدث فيه عن قضايا حساسه، ومتطرقاً إلى احداث مفصلية في فهم الشخصية المحمدية التي صاغتها هذه الاحداث، تناولها بكل عدل وانصاف،محكماً فيها عقله ومايمليه عليه منطق الناس الجاري فيهم، وقد عنون له باسم «المثل الاعلى»
في كتاب يحمل اسم النبي صلى الله عليه وسلم يرد فيه علي تهجمات بعض الغربيين على الإسلام ونبيه، والذين طالما الصقوا التهم الباطلة،برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالدين الحنيف.
وأهمية ماكتبه «توماس كارليل» منذ عام 1352ه 1934م،تكمن في تجرده وموضوعيته الواضحة في مؤلفه، وفي دراسته لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وللفترة المرافقة لنزول الوحي وبدء الدعوة الإسلامية.
وليسمح لي القارئ الكريم أن أسطر بالحرف الواحد بعض ما كتبه هذا الفيلسوف في كتابه عن العظمة المحمدية التي غابت أو غيبها «مايكل هارت» في كتابه والتي لم يفرد لها مساحة صفحة في كتابه هذا، يكتب بالمقابل «توماس كارليل» متجرداً ايما تجرد وإنك لتعجب أشد العجب مما كتبه هذا الفيلسوف الانجليزي والذي أحسن فيه ايما إحسان من خلال مانعد أنه تمام العدل والانصاف، وخاصة إذا جاء من أمثال هؤلاء كشهادة دونت في كتاب لاتنقصه المصداقية.
وبقدر ماتعجب يكون الاعجاب مما سطره هذا الرجل.
والذي حين كتب ماكتبه عن نبينا ليس لأنه نبي للمسلمين وسنجد ذلك واضحاً من خلال ماكتبه، ولكن لشخصيته الفذة البشرية التي جمعت المجد والعظمة وحضيت بمقومات اهلت النبي العظيم لأن يكون عظيماً عظمة لاتخفى على من يملك شيئاً من العقل،تجلى واضحة كالشمس في ضحاها أو القمر اذا تلاها.
حيث يقول في بداية كتابه:-
لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى مايظن من أن محمداً خداع مزور،وآن لنا أن نحارب.
مايشاع من مثل هذه الأقوال، فإن الرسالة التي اداها ذلك الرسول مازالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس امثالنا،خلفهم الله الذي خلفنا،أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها، ومات عليها هذه الملايين الفائتة الحص
أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً ولو أن الكذب والفشل يروجان عند خلق الله هذا الرواج، ويصادفان منهم مثل ذلك التصديق والقبول، فما الناس الاَّ بله ومجانين، وما الحياة الا سخف وعبث وأضلولة، كان الأولى بها أن لاتخلق، فواسفاه ما أسوأ هذا الزعم وما اضعف أهله واحقهم بالرثاء والرحمة.
وبعد:-فعلى من اراد ان يبلغ منزلة مافي علوم الكائنات ان لايصدق شيئاً البتة من أقوال أولئك،فإنها نتائج جيل كفر، وعصر جحود والحاد، وهي دليل على موت الارواح في حياة الأبدان، ولعل العالم لم ير قط رأياً أكفر من هذا وألأم.
ü وهل رأيتم قط معشر الإخوان أن رجلاً كاذباً يستطيع أن يوجد ديناً، أن الرجل الكاذب لايقدر أن يبني بيتاً من الطوب! فهو إذا لم يكن عليماً بخصائص الجير والجص والتراب وماشاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت، وإنما هو تل من الانقاض. وكثيب من أخلاط المواد،نعم وليس جديراً أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرناً، يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم يكن.
ثم إذا نظرت إلى كلمات العظيم شاعراً كان أو فيلسوفاً أو نبياً أو فارساً أو ملكاً، ألا تراها ضرباً من الوحي! والرجل العظيم في نظري مخلوق من فؤاد الدنيا وأحشاء الكون، فهو جزء من الحقائق الجوهرية للأشياء، وقد دل الله على وجوده بعدة آيات، أرى أن أحدثها وأجدها هو الرجل العظيم الذي علمه الله العلم والحكمة، فوجب علينا أن نصغي إليه قبل كل شيء.
وعلى ذلك فلسنا نعد محمداً هذا قط رجلاً كاذباً متصنعاً يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيه، أو يطمح إلى درجة ملك أو سلطان، أو غير ذلك من الحقائر والصغائر، وماالرسالة التي أداها إلا حق صراح وماكلمته إلا صوت صادق صادر من العالم المجهود، كلا ما محمد بالكاذب ولا الملفق وإنما هو قطعة من الحياة قد تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله،وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم وهذه حقيقة تدمغ كل باطل وتدحض حجة القوم الكافرين.
محمد بريء من الطمع الدنيوي
ويزعم المتعصبون من النصارى والملحدون أن محمداً لم يكن يريد بقيامه إلا الشهرة الشخصية، ومفاخر الجاه والسلطان، كلا وأيم الله لقد أكن في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار والفلوات، المتوقد المقلتين العظيم النفس، المملوء رحمة وخيراً، وحناناً وبراً وحكمة وحجى، وأربة ونهى أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه.
الرد على القائلين بأن الإسلام انتشر بالسيف
وكانت نية محمد حتى الآن أن ينشر دينه بالحكمة والموعظة الحسنة فقط فلما وجد أن القوم الظالمين لم يكتفوا برفض رسالته السماوية، وعدم الاصغاء إلى صوت ضميره وصيحة لبه، حتى أرادوا أن يسكتوه فلا ينطق بالرسالة عزم ابن الصحراء على أن يدافع عن نفسه، دفاع رجل ثم دفاع عربي، ولسان حاله يقول أما وقد أبت قريش إلا الحرب، فلينظروا أي فتيان هيجاء نحن، وحقاً رأى فإن أولئك القوم أغلقوا آذانهم عن كلمة الحق، وشريعة الصدق، وأبوا إلا تمادياً في ضلالهم يستبيحون الحريم، ويهتكون الحرمات ويسلبون وينهبون، ويقتلون النفس التي حرم الله قتلها، ويأتون كل إثم ومنكر، وقد جاءهم محمد من طريق الرفق والاناة، فأبوا إلا عتواً وطغياناً فليجعل الأمر إذن إلى الحسام المهند، والوشيج المقوم، وإلى كل مسرودة حصداء، وسابحة جرداء وكذلك قضى محمد بقية عمره وهي عشر سنين أخرى في حرب وجهاد، لم يسترح غمضة عين وكانت النتيجة ماتعلمون؟
ولقد قيل كثيراً في شأن نشر محمد دينه بالسيف، فإذا جعل الناس ذلك دليلاً على كذبه فشد ماأخطاؤا وجاروا، فهم يقولون: ماكان الدين لينتشر لولا السيف، ولكن ماهو الذي أوجد السيف؟ هو قوة ذلك الدين وانه حق، والرأي الجديد أول ماينشأ يكون في رأس رجل واحد، فالذي يعتقده هو فرد فرد ضد العالم أجمع، فإذا تناول هذا الفرد سيفاً وقام في وجه الدنيا فقلما والله يضيع، وأرى على العموم أن الحق ينشر نفسه بأية طريقة، حسبما تقتضيه الحال، أو لم تروا أن النصرانية كانت لاتأنف أن تستخدم السيف أحياناً؟ وحسبكم مافعل شارلمان بقبائل السكسون وأنا لا أحفل أكان انتشار الحق بالسيف، أم باللسان أو بآية آلة أخرى.
براءة محمد من الشهوات وتواضعه وتقشفه
وماكان محمد أخا شهوات برغم مااتهم به ظلماً وعدواناً، وشد مانجور ونخطئ إذا حسبناه رجلاً شهوياً، لاهم له إلا قضاء مآربه من الملاذ، كلا فما أبعد ماكان بينه وبين الملاذ أياً كانت، لقد كان زاهداً متقشفاً في مسكنه ومأكله ومشربه وملبسه وسائر أموره وأحواله وكان طعامه عادة الخبز والماء وربما تتابعت الشهور ولم توقد بداره نار وانهم ليذكرون ونعم مايذكرون أنه كان يصلح ويرفو ثوبه بيده، فهل بعد ذلك مكرمة ومفخرة؟ فحبذا محمد من رجل خشن اللباس، خشن الطعام، مجتهد في الله قائم النهار، ساهر الليل دائباً في نشر دين الله، غير طامح إلى مايطمح إليه أصاغر الرجال من رتبة أو دولة أو سلطان.
غير متطلع إلى ذكر أو شهرة كيفما كانت، رجل عظيم وربكم وإلا فما كان ملاقياً من أولئك العرب الغلاظ توقيراً واحتراماً وإكباراً وإعظاماً، وماكان يمكنه أن يقودهم ويعاشرهم معظم أوقاته ثلاثاً وعشرين حجة وهم ملتفون به يقاتلون بين يديه ويجاهدون حوله لقد كان في هؤلاء العرب جفاء وغلظة وبادرة وعجرفية، وكانوا حماة الأنوف، أباة الضيم، وعر المقادة صعاب الشكيمة فمن قدر على رياضتهم وتذليل جانبهم حتى رضخوا له واستقادوا فذلكم وايم الله بطل كبير، ولولا ماأبصروا فيه من آيات النبل والفضل لما خضعوا له ولا أذعنوا، وكيف وقد كانوا أطوع له من بنانه.
وظني أنه لو كان أتيح لهم بدل محمد قيصر من القياصرة بتاجه وصولجانه لما كان مصيباً من طاعتهم مقدار ماناله محمد، في ثوبه المرقع بيده فكذلك تكون العظمة وهكذا تكون الأبطال.
تأثير الإسلام على العرب وفضله عليهم
ولقد أخرج الله العرب بالإسلام، من الظلمات إلى النور وأحيى به من العرب أمة هامدة وأرضا هامدة، وهل كانت إلا فئة من جوالة الأعراب، خاملة فقيرة تجوب الفلاة، منذ بدء العالم، لايسمع لها صوت ولاتحس منها حركة فأرسل الله لهم نبياً بكلمة من لدنه ورسالة من قبله فإذا الخمول قد استحال شهرة والغموض نبهة والضعة رفعة، والضعف قوة والشرارة حريقاً، وسع نوره الأنحاء وعم ضوؤه الأرجاء، وعقد شعاعه الشمال بالجنوب والمشرق بالمغرب وماهو إلا قرن بعد هذا الحادث حتى أصبح لدولة العرب رجل في الهند ورجل في الأندلس وأشرقت دولة الإسلام حقباً عديدة ودهور مديدة بنور الفضل والنبل، والمروءة والبأس، والنجدة ورونق الحق والهدى على نصف المعمورة، وكذلك الإيمان عظيم وهو مبعث الحياة ومنبع القوة ومازال للأمة رقي في درج الفضل وتعريج إلى ذرى المجد مادام مذهبها اليقين ومنهاجهاالإيمان ألستم ترون في حالة أولئك الأعراب ومحمدهم وعصرهم، كأنما قد وقعت من السماء شرارة على تلك الرمال،التي كان لايبصر بها فضل ولايرجى فيها خير فإذا هي بارود سريع الانفجار وماهي برمل ميت، وإذا هي قد تأججت واشتعلت واتصلت نيرانها بين غرناطة ودلهي.
ولطالما قلت إن الرجل العظيم كالشهاب من السماء وسائر الناس في انتظاره كالحطب، فماهو إلا أن يسقط حتى يتأججوا ويلتهبوا.
خاتمة القول
هذه بعض الموضوعات التي تحدث عنها «كارليل» الفيلسوف الانجليزي والتي تدلل فيها لايدع مجالاً للشك دلالة واضحة على عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أقام دولة الإسلام على اساس من العدل والسلامة رضيت واستبشرت به بقية الاسم التي وجدت فيه انها وأمانيها وحسن التدبير لأمورها حث لم تجد ذلك في حضارتها التي كانت قائمة على اساس الظلم والجور.
وهذا الكلام الذي اقتبسناه من كلام «كارليل» نحيله إلى الرئيس الامريكي السابق الذي قرر في كتابه أن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن في يوم من الأيام داعية سلام بقدر ماكان داعية للعنف والارهاب واللذين استخدمهما في بناء ماوصفه مبراطورية الارهاب.
لينظر إلى كلام «كارليل» أن ينظر للأمور يعلن العقل ويقيس الرجال بميزان الأحوال التي يصوغهم ويبين معدنهم أما اذا عميت عليه الحقيقة فلا يسعنا أن نصف كلامه إلا بأنه ضرب من ضروب الأوهام ان لم يكن ضرباً من ضروب الكذب والذهان الفارغة والتي لاينخدع بها أحد، لانها واهنة أوهن من بيت العنكبوت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.