قد تستغرب عزيزي القارىء حين تقرأ العنوان أعلاه وقد تشعربالفخر والإعتزاز بهكذا خبر، وهذا حق مشروع لنا جميعاً نحن أبناء اليمن. فمن منا لن يشعربالبهجة والسرور ويأخذه الفخر والغرور حين يقرأ مثل هذه العبارة؟ أنا شخصياً بدأت اصدقها وبدأ خيالي يأخذني هنا وهناك ويجمح ويشطح في كل الإتجاهات وهذا بالتأكيد ما يحدث معك الآن وما يدور في مخيلتك عزيزي القارىء. عموماً، لن أطيل عليك وسأسرد عليك حكاية أدهشتني وجعلتني أفكر بها ملياً وبعمقٍ لا نظير له. الحكاية تبدأ خيوطها في الصين حيث كانت توجد شابة صينية تدرس اللغة العربية وذات يوم فكرت بالذهاب إلى بلدٍ عربيٍ لتحسين لغتها العربية ولكنها لم تكن تعرف الكثير عن الدول العربية وما هي أفضل دولة لتعلم اللغة فيها. ولحسن حظها كان لها عم لديه مصانع ويتعامل تجارياً مع الكثيرمن دول العالم ومنها الدول العربية. فلجأت إليه لينورها وينير دربها، فهو عمها ويهمه أمرها. وكان حدسها وإحساسها في محله، ولاسيما عند ما سألته مباشرة، "أين أستطيع أن أدرس اللغة العربية بشكل جيد وفعال وأسرع، ياعمي؟" أجابها عمها دون تردد، "في اليمن يا بنيتي." فسألته، "لماذا يا عمي؟" فرد عليها قائلاً: "أنت تعرفين يابنيتي أني أمتلك مصانع وأصدرمنتجاتي إلى دول العالم قاطبة ومنها الدول العربية، و بالرغم من أني لم أزر أيٍ منها قط حتى الآن، إلا إني من خلال ما أصدره من كميات إلى هذه الدول من منتجات مصانعي، أستطيع أن أعرف بعض المعلومات عن تلك الدول. فكما تعرفين يا ابنة أخي أني أملك مصنعاً للشموع وأصدر منتجاتي إلى العديد من الدول ومنها اليمن. وقد أثار إهتمامي وفضولي أن اليمن هي الدولة الأكثر إستيراداً للشموع من بين جميع دول العالم على مدى الخمسة عشرعاماً التي قضيتها حتى الآن في تصنيع و تصدير الشموع. هل تعرفين ماذا يعني هذا يا بنيتي؟ من وجهة نظري، هذا يعني أن اليمنيين هم الأكثر رومانسية في العالم! فالشعب الذي يتصف بهذه الصفة لابد أنه شعب طيب القلب، وحنون، ورقيق، ومضياف، ويحترم ويرحب بزواره ويكرم مثواهم. وبالتالي فإن هذه الدولة العربية وهذا الشعب هو الذي سيسهل عليك تعلم اللغة العربية بسرعة وفعالية." فما كان من الفتاة الصينية المحبة للغة العربية إلا أن أحزمت أمتعتها وودعت أهلها ومحبيها ورحلت إلى بلد الرومانسية والرومانسين في عصر السرعة هذا الذي اختفت فيه مظاهرالرومانسية من حياة الكثير من شعوب العالم. وكانت الطامة الكبرى التي حلت بهذه الصبية المسكينة عندما اكتشفت الحقيقة المرة التي لم يكن يعرف عنها شيئاً عمها المسكين أيضاً. فقد اكتشفت أن الشموع لاترمز إلى الرومانسية بالنسبة لليمنين وإنما إلى المعاناة المزمنة المستفحلة المتمثلة في الانقطاع المتكرر لخدمة الكهرباء الذي ازداد في الآونة الأخيرة ليصل إلى معدل سبع إلى 12 ساعة في اليوم في كل مرة! لذلك كرهت الشابة الصينية الشموع وذرفت الدموع كما يفعل اليمنيون يومياً منذ سنين مراراً وتكراراً. وهكذا تعلمت الصبية المسكينة درساً قاسياً أن من يستهلك الشموع بكثرة ليس بالضرورة رومانسياً، بل مجبراً وليس له من حسيب أومجيب أورقيب إلا الله. فقد تكلم وكتب ونادى وصرخ وتحدث الكثيرون في هذا الموضوع و وصل الأنين والصراخ إلى الكواكب الأخرى، ولكن لا حياة لمن تنادي على كوكبنا كوكب الأرض حتى اقتنع واستسلم اليمنيون للأمر الواقع وتيقنوا أن هناك من يتلذذ ويستمتع بمعاناتهم وآلامهم وعليهم أن يسلموا بهذا الأمر. وفي نهاية حكاية هذا الشعب المؤلمة، لا يسعني إلا أن أكرر المقولة المشهورة "شرالبلية ما يضحك"! لذلك ارتأينا أن نضحك بدلاَ من أن نبكي حتى لا يشمت بنا الشامتون و المسؤولون عن معاناتنا المزمنة والمضحكة والمبكية والمؤلمة في آنٍ معاً. ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ملاحظة: نَشرت هذا المقال في صحيفة الثورة في 13 يونيو 2009م العدد (16285)، فما أشبه الليلة بالبارحة. مازال الوضع كما هو عليه ولم يتغير الحال، بل ازداد الأمر سوءًا.