وكالات : عاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى رام الله قادماً من نيويورك عودة الأبطال بعد نجاحه في رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، وكان في انتظاره آلاف الفلسطينيين الذين احتشدوا لاستقباله فبادرهم: "نعم أصبح لنا الآن دولة(..) والقدس عاصمتنا إلى الأبد"، متعهداً بتسريع خطى المصالحة الفلسطينية. وكانت إسرائيل ردت على نجاح الفلسطينيين في الأممالمتحدة بإعلان إنشاء المزيد من المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربيةوالقدس، إضافة إلى اتخاذ قرار بعدم تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية. ويضع القرار الإسرائيلي بوقف تحويل العائدات الضريبية للسلطة التي تستخدمها في دفع رواتب موظفيها الدول العربية على المحك لتنفيذ تعهدها بتوفير شبكة أمان للسلطة الفلسطينية بقيمة 100 مليون دولار شهرياً. وأجريت للرئيس الفلسطيني مراسم استقبال رسمية وشعبية في مقر المقاطعة الذي علّقت بالقرب منه وبالتحديد فوق مقر منظمة التحرير الفلسطينية، لافتة صفراء عملاقة كتب عليها بالانكليزية: "تحذير، هنا أرض دولة فلسطين وعلى الاحتلال الرحيل فوراً". وتوجه عباس على الفور بعد استعراضه حرس الشرف إلى ضريح الزعيم الراحل ياسر عرفات ووضع إكليلاً من الزهور وقرأ الفاتحة. ثم توجه إلى حيث احتشدت الجماهير مستهلاً كلمته أمامهم: "نعم أصبح لنا الآن دولة، والعالم كله وقف معنا"، وأضاف: "لا للاحتلال، ولا للاستيطان، ونعم لحريتنا، وحتى الدول التي امتنعت عن التصويت هنأتنا بالإنجاز الذي تحقق"، مشيراً إلى ضغوط تعرضت لها القيادة الفلسطينية لعدم التوجه إلى الأممالمتحدة، ولافتاً إلى أن الضغوط استمرت حتى اللحظة الأخيرة لتغيير مضمون خطابه في الأممالمتحدة. وأوضح: "تعرضنا لكثير من الضغوطات، وقالوا لنا إنه إذا ذهبنا إلى الأممالمتحدة، سينفجر العالم، وطلبوا منا تأجيل التوجه إلى الأممالمتحدة". وأضاف: "وأخيراً قالوا لنا في اللحظات الأخيرة، غيروا مضمون خطابكم، وغيروا مشروعكم، لكننا صمدنا". وتابع: "تعرضنا لتهديد بأننا إذا ذهبنا إلى الأممالمتحدة، سنجد ما لا يعجبنا، لكننا ذهبنا ووجدنا ما يعجبنا". ونبّه عباس إلى أن "المرحلة المقبلة لن تكون سهلة، وما زال في دربنا تحديات ضخمة وعقبات كثيرة، لكن هذا الشعب الذي صنع هذا الانتصار، قادر على أن يحميه ويطوره حتى كنس الاحتلال". ووصف عباس نجاحه في رفع مكانة فلسطين ب"الإنجاز التاريخي"، وقال: "لقد حققت فلسطين إنجازاً تاريخياً في الأممالمتحدة، وأصبح يوم 29 تشرين الثاني 2012 علامة منعطف حاسم في مسيرة نضالنا الوطني". وأضاف: "موقف الشعب الفلسطيني بشكل موحد وقواه كافة مجسداً وحدة وطنية هي ضمانتنا للانتصار". ولفت إلى أن "الوضع الجديد لفلسطين كدولة غير عضو بصفة مراقب غيّر الكثير". وأكد أن "الاعتراف بفلسطين كدولة يغيّر الكثير من المعطيات، ويؤسس لحقائق جديدة، ولكن علينا أن ندرك أن انتصاركم استفزع قوى الحرب والاستيطان والاحتلال وقد تعمّقت عزلتهم في العالم". وخاطب عباس الجماهير التي كانت تقاطعه بهتافات "بالروح بالدم نفديك با أبو مازن" و"الشعب يريد إنهاء الانقسام" و"على القدس رايحيين شهداء بالملايين" قائلاً: "أنتم وحدكم صنّاع هذا الإنجاز، وأنتم وحدكم أصحاب هذا الانتصار". وأشاد عباس بالدول التي صوتت لقرار رفع مكانة فلسطين في الاممالمتحدة، وقال: "كانت الرسالة واضحة. لسنا وحدنا، العالم معنا والله سبحانه وتعالى معنا". وأهدى عباس ما حققه في الأممالمتحدة إلى روح الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، مكرراً العبارات التي كان عرفات يرددها: "يوم يرفع شبل من أشبالنا علم فلسطين فوق أسوار القدس، وكنائس القدس". وقال: "القدس هي عاصمة دولة فلسطين إلى الأبد". وأكد أنه سيعمل على تسريع تحقيق المصالحة الفلسطينية، وقال: "أمامنا أيتها الأخوات وأيها الأخوة مهمات كثيرة. ففي المرحلة المقبلة أهمها وأولها استعادة وحدتنا الوطنية وتحقيق المصالحة لاستعادة وحدة الشعب والأرض والمؤسسات". وأضاف: "وأنا أوجه هنا التحية إلى إخواننا في جميع الفصائل من دون استثناء التي اصطفت مع جماهير شعبنا في مشهد وحدوي سنعمل على حمايته وسندرس خلال الأيام المقبلة الخطوات اللازمة للتحرك نحو تسريع الخطى لإنجاز المصالحة". وتابع: "وأنا على ثقة أن الجماهير التي صنعت إنجاز 29 تشرين الثاني، عندما كتب العالم شهادة ميلاد دولة فلسطين، قادرة على فرض إرادة شعب لصنع المصالحة". وعلّق الناطق باسم حركة "حماس" سامي أبو زهري على حديث عباس عن المصالحة، فقال في تصريح مقتضب لوكالة "فرانس برس"، "بلا شك هناك لغة إيجابية، لكن هذا بحاجة الى ترجمته على الأرض". وأضاف أبو زهري: "نحن معنيون بتحقيق المصالحة الفلسطينية، و"حماس" قدمت العديد من المبادرات الايجابية كان في مقدمتها الحفاظ على وحدة الموقف الفلسطيني في ما يتعلق بخطوة الذهاب إلى الأممالمتحدة". وقال: "اعتقد بأنه يجب أن تقدر هذه المواقف وغيرها من المبادرات الميدانية التي اتخذتها الحكومة في غزة وهذا يستدعي تهيئة المناخات في الضفة الغربية من خلال وقف حملات الاعتقالات والاستدعاءات" بحق عناصرها. وأضاف أن المطلوب على الصعيد السياسي "وقف أي خطوات انفرادية وإحالة ذلك إلى الإطار القيادي الموقت بصفته المرجعية العليا الموقتة لشعبنا"