تذكرنا معركة الساحل الغربي بغزوة الأحزاب حين اجتمع الأحزاب من مشركي مكة والقبائل العربية والمنافقين في داخل المدينةالمنورة،وبنفس أساليب العدوان استخدم مشركو الأحزاب الحرب الإعلامية وقرع الطبول وتهييج العرب والتواصل مع المنافقين في الداخل لرصد الاحداثيات. الزمن يعيد نفسه والمواقف تتشابه وتتطابق ،والمشاريع المتصارعة هي نفسها ،فمعركة الأحزاب كانت مجابهة شاملة من قبل عامّة أعداء الإسلام والفئات المختلفة التي تعرّضت مصالحها ومنافعها اللامشروعة للخطر نتيجة توسّع وانتشار هذا الدين. وأول من اشعل شرارة الحرب هم يهود (بني النظير) الذين جاؤوا إلى مكّة وأغروا (قريش) بحرب النّبي صلى الله عليه وسلم، ووعدهم بأن يساندوهم ويقفوا إلى جانبهم حتّى النفس الأخير، ثمّ أتت بقية القبائل كغطفان وبني أسد وغيرهم. ويتكرر نفس المشهد في مواقف الناس فمنهم من شكك بالنصر الإلهي وحاول أن يبث الشائعات ويرجف في المدينة ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ ومن جانب آخر يتعذر بعضهم باعذار وهمية: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ وأشار القرآن إلى وضع فئة أخرى من المنافقين الذين اعتزلوا حرب الأحزاب، وكانوا يدعون الآخرين أيضاً إلى اعتزال القتال، فقالت: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ونقرأ في رواية: أنّ أحد أصحاب النّبي (ص) جاء من ميدان حرب الأحزاب إلى داخل المدينة لحاجة، فرأى أخاه قد وضع أمامه الخبز واللحم المشوي والشراب، فقال له: أنت في هذه الحال تلتذّ ورسول الله مشغول بالحرب، وهو بين الأسنّة والسيوف؟! فقال أخوه: يا أحمق! ابق معنا وشاركنا مجلسنا، فو الذي يحلف به محمّد إنّه لن يرجع من هذه المعركة! وسوف لن يدع هذا الجيش العظيم الذي اجتمع عليه محمّداً وأصحابه أحياء! أما الصادقون المخلصون لدينهم ووطنهم لما رأوا ما رأوا في الأحزاب ما زادوا على أن قالوا ﴿ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ فكانوا جديرين بتزكية الله تعالى لهم، حقيقين بثنائه عز وجل عليهم في قوله سبحانه ﴿ مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ هكذا يصف لنا القرآن مشهدا من مشاهد الصراع بين مشروعين: مشروعي العدوان والفساد، ومشروع الدفاع المقدس عن الدين والأرض والعرض، الأول بقيادة طواغيت العرب واليهود ، والثانية بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم ،وها هو المشهد يتكرر على أرض اليمن، ولكنّ العرب هذه المرة يتقاتلون على دور عبد الله بن أبي سلول طمعًا بالمصالح التي وعدت بها أمريكا .إنّه الصراع بين الحقّ والباطل، لتُمتَحَنَ الأمّة وتتمحّصَ الرّجال ويميز الله الخبيثَ من الطيّب ، فأحزاب الأمس التي تجمعت تحت راية البيت الأبيض قبل أن يوجد البيت الأبيض،وأعراب اليوم اتفقوا بقيادة عبدالله بن ابي ولكن بعد موته. وبين هذا وذاك الحق واضح لالبس فيه ولازال وعد الله لعباده بالنصر كما هو (ولينصرن الله من ينصره ). *قيادي في حزب السلم والتنمية السلفي.