قناة الميادين: اعتبر رئيس مجلس إدارة الميادين الزميل غسان بن جدو أن المشهد المصري خلال حفل تنصيب عبدالفتاح السيسي رئيساً للجمهورية في مصر وأدائه اليمين الدستوري هو عصارة ما حصل في 30 يونيو/ حزيران من العام الماضي، وأن أهم ما حصل في هذا الإطار هو ترسيخ شرعيتي ثورة 25 يناير والحركة الثورية الجماهيرية في 30 يونيو والتي أفضت إلى مجيء عبدالفتاح السيسي إلى سدة الرئاسة. كلام بن جدو جاء خلال مشاركته في ندوة خاصة حول مصر عبر قناة الميادين حيث قال إن الاحتفال الذي شهدته مصر الأحد "هو اكثر من حفل تنصيب لرئيس جمهورية. كان حفلا متقنا على مستوى الشكل، وأعتقد ان الإدارة المصرية الجديدة كانت حريصة على هذا الأمر لتعيد عراقة مصر على الأقل على مستوى البروتوكول أمام العالم، وهي نجحت بذلك، والمشهد الأمني كان متميزا". أضاف أن "المشهد الإقليمي والدولي كان فيه اعتراف بهذا الأمر، ونستطيع أن نقول اليوم إن مصر دخلت مرحلة الدولة التي يفترض أن تبني مؤسساتها وتوجد سلطاتها التي تكتمل بالانتخابات البرلمانية". وتعليقا على تمثيل طهران بمساعد وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، قال: "لو قارنا الحضور الخليجي الرفيع المستوى على مستوى الأمراء ستكون النتيجة أن الحضور الإيراني كان ضعيفا، وهذا ليس صحيحاً لأن الحضور الإيراني رفيع، كوننا ندرك أن التمثيل الدبلوماسي يتمثل من خلال مكاتب رعاية المصالح بين البلدين وبالتالي لا يوجد تبادل دبلوماسي كامل بهذا المعنى، لكن طهران نظرت على نحو إيجابي إلى دعوة الرئيس روحاني لحفل التنصيب". وتابع بن جدو: "بصراحة هناك رأيان في إيران، كما أن هناك رأيان في مصر بخصوص العلاقات المتبادلة بين البلدين، ففي مصر هناك رأي أمني بحت من النظام القديم الذي ينظر بسلبية بالغة إلى طهران ويقول إنها لم تتغير، ويدعو إلى قطيعة كاملة معها وهناك رأي آخر أكثر نضجا واستراتيجية. وفي إيران هناك رأي نظر إلى دعوة الرئيس روحاني بالحضور على أن طهران ينبغي أن لا تقبلها ولا تشارك في التنصيب إلا من خلال رئيس مكتب المصالح في القاهرة وحجتها أنه لا توجد علاقات كبرى. وإذا كان الرئيس روحاني سيذهب إلى القاهرة فعلى الأقل يجب أن يكون هناك وعد ولو سرّي بعودة العلاقات الدبلوماسية فورا، وهناك رأي غالب يتعاطى مع مصر باعتبارها دولة عربية وإسلامية وإقيليمة كبرى، وهناك احترام شعبي وسياسي كبير لمصر في طهران". وأوضح أن الدولة في إيران أوفدت عبداللهيان ليس باعتباره نائب وزير الخارجية "فهو لا يمثل فقط الجهاز البيروقراطي وهو مقرب جداً من الدوائر العليا للقرار في طهران بمعنى المرشد ومكتب المرشد وحتى الأجهزة الأخرى غير المدنية والفاعلة، وعندما يحضر يعني أن هذا التمثيل سياسي وقيادي، وأعتقد أنه أبلغ السيسي رسالة واضحة على حرص إيران على علاقات جيدة ومتينة واستراتيجية مع مصر رغم أن ذلك يحرج دوائر إيرانية في علاقاتها مع الإخوان المسلمين. وأقول لك صراحة، هناك أطراف قالت إنه لا ينبغي على إيران المشاركة في حفل التنصيب لأن مشاركتها يعني اعترافاً ب "الانقلاب" وأرادت إيران من خلال المشاركة بالنهاية أن تقول: نحن نقبل بالأمر الواقع ولا نريد أن نتحدث عن انقلاب وهناك شعب حدد خياراته". بن جدو أضاف أن "إيران تريد أن تقول إنها قادرة بعلاقاتها الممتازة مع تركيا وبعلاقاتها المعقولة جداً مع الإخوان المسلمين أن تكون لديها علاقات متميزة ومتينة مع مصر، وأن إيران مستعدة لدور مصري في تقريب وتوثيق علاقاتها مع دول ما في المنطقة، وعلى مصر أن تكون أيضاً قابلة ومستعدة لأن تلعب دوراً ًولو من تحت الطاولة في التقريب والمصالحات". وفي إطار المساعدات المالية التي تحتاجها مصر، لفت بن جدو إلى استعداد إيران للمساهمة في دعم مصر، كاشفا للمرة الأولى أنه خلال حكم مرسي عرضت طهران المساعدة ب 10 مليارات دولار، في وقت كانت مصر تحاول الحصول من صندوق النقد الدولي على 4 مليارات ونصف وبشروطه. رغم أن الإخوان أخطأوا تجاه إيران وأهانوا رئيسها آنذاك أحمدي نجاد، إلا أن إيران كانت تريد أن تتعاطى مع مصر كما هي بالأمس واليوم، وليس صحيحاً أن العلاقات بين البلدين في عهد مرسي كانت علاقات طيبة". بدوره اعتبر الكاتب والمحلل السياسي المصري عبدالله السناوي أن هناك مشكلتين رئيسيتين تواجهان الرئيس المصري الجديد هما الأمن والاقتصاد، والأولوية بحسب رأيه هي للأمن "الذي لا يمكن اختصاره بالأمن القومي والأمن على الحدود وملاحقة التنظيمات التكفرية وإنما بما يطلبه المواطن العادي من أمن الشارع والأمن الجنائي وإعادة دولة القانون والسلطة، وهو ما يفتح المجال للنجاح في الاختبار الثاني المتمثل بالاقتصاد". وتعليقا على الحضور الخليجي في حفل التنصيب، قال السناوي إن "كل المواطنين المصريين ممتنين للدول الخليجية التي ساعدت مصر في أزمتها، "إنما ننظر لهذا الأمر أيضا على أنه استثمار استراتيجي في الدور المصري، بمعنى أنه تأكيد للمسؤولين الخليجيين على أن دور مصر عاصم تجاه التقسيم لكل الدول العربية والذي تحدثت بعض الصحف الأوروبية والأميركية على وجه الخصوص أنه كاد يطال دولاً مثل السعودية عدا عن سوريا والعراق. فوضع مصر الاقتصادي يحد من دورها أو يعززه." وعلى هذا الاساس اعتبر السناوي أن عودة الأمن ضرورة لحركة الاقتصاد كما أن الاقتصاد ضروري لدور إقليمي "ولكن الدور الإقليمي لا ينتظر لأنه يساعد على جذب الاستثمارات، ووجود الأشقاء الخليجيين فيه رهان على المستقبل وعلى الأمن القومي وعلى دور مصري وعلى علاقة شراكة ندّية، وهذا شرط ضروري لأن مصر لا ترتهن لأحد بل للأمن القومي". وقال السناوي: "أنا أعتقد أن السعودية ربما تعيد النظر في علاقتها مع سوريا لأنها دخلت الأزمة ضمن حلف دولي وإقليمي، وبعض الأطراف التي دعمتها في المال والسلاح حاولت تقويض الحكم السعودي وهناك مراجعة، والحضور المصري سيكون مفيداً في إعادة ترتيب أوراق المنطقة على نحو مفيد". المصدر: الميادين