شُيع الاثنين جثمان المفكر الإسلامي عبد الصبور شاهين الذي اشتهر بمعاركه الفكرية ومؤلفاته الدينية العديدة التي يعد كتاب "أبي آدم" أكثرها شهرة لما أثاره من ضجة وجدل كبيرين في مصر والعالمين العربي والإسلامي. وخرجت الجنازة من مسجد عمرو بن العاص أكبر وأقدم مساجد مصر والذي كان شاهين خطيبه السابق قبل أن يُمنع من الخطابة فيه فيضطر إلى بناء مسجده الخاص الذي دأب على إلقاء خطبه فيه وتقديم دروسه الدينية حتى وفاته. وقد شارك في تشييعه تلاميذه الذين اعتادوا حضور خطبه أيام الجمع، ووفد من جماعة الإخوان المسلمين ضم عددا كبيرا من قيادات الجماعة وعلى رأسهم مرشدها السابق محمد مهدي عاكف، ووفد من كلية دار العلوم التي تتلمذ على يديه فيها الآلاف، بينما غاب عن الحضور ممثلو المؤسسة الدينية سواء الأزهر الشريف أو دار الإفتاء. وشغل شاهين –الذي وافته المنية أمس الأحد في مقر سكنه بحدائق الأهرام بالجيزة عن عمر يناهز 82 عاما- عضوية مجلس الشورى المصري، كما عمل أستاذا متفرغا بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة وبقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران شرق السعودية. واشتهر شاهين بمعاركه الفكرية، وأشهرها معركته مع الراحل نصر حامد أبو زيد التي أثارت جدلا وانتهت بصدور حكم قضائي بالتفريق بين أبو زيد وزوجته، وجاءت على أثر تقديم الأخير دراسته "نقد الفكر الديني" للحصول على ترقية في الجامعة، وهي الدراسة التي اعتبرها شاهين أساسا لتكفير أبو زيد.
وبينما يتهم بعض اليسار المصري شاهين بأنه مفتي شركات توظيف الأموال التي أوقفتها الحكومة قبل سنوات بعد أن وجهت إليها اتهامات بالاستيلاء على أموال الموظفين المصريين، فإن بعض الإسلاميين يعتبرونه بالمقابل من أشرس المقاتلين دفاعا عن الإسلام في مواجهة التيارات اليسارية والعلمانيين المصريين والعرب بشكل عام. وهو يعد في نظر البعض من أشهر الدعاة في مصر والعالم الإسلامي بعدما تخطت مؤلفاته الدينية السبعين كتاباً ما بين مؤلفات وتراجم.
لكن ذلك لم يمنع بعض الإسلاميين من تكفيره أيضا، وقد أقام عليه الشيخ يوسف البدري دعوى تفريق بينه وبين زوجته بعدما طرح شاهين مؤلفه الشهير "أبي آدم" الذي قوبل بعاصفة شديدة حيث عرض فيه وجهة نظر جديدة بشأن خلق سيدنا آدم عليه السلام.
فالمؤلف الراحل يفرق في الكتاب المذكور بين آدم النبي وبين الرجل الذي دب على الأرض أول مرة، وقد ألفت كتب عديدة لمناقشة هذه الفكرة، كما تناظر شاهين بشأنها تلفزيونيا مع الداعية الإسلامي زغلول النجار. ومن بين المؤلفات الشهيرة الأخرى للمفكر الراحل موسوعة "أمهات المؤمنين" و"صحابيات حول الرسول" في مجلدين اشترك في تأليفهما مع زوجته، إضافة إلى ترجمته كتاب "دستور الأخلاق في القرآن"، و"مفصل آيات القرآن" الذي جاء في عشرة مجلدات، و"تاريخ القرآن" الذي رد فيه على آراء المستشرقين الخاصة بجمع القرآن، وغيرها العشرات.