تقبل الشارع المصري بتقدير كبير مبادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي باعتبار فريق الأهلي ضيفا عزيزا على سيادته شخصيا، وبفتح أبواب ملعب رادس أمام الجمهور المصري مجانا وبدون أي مقابل. تكمن أهمية المبادرة في رفعة مستواها الحضاري وخلفيتها السياسية الأخلاقية الكريمة التي لم تعد مستغربة من أعلى هرم السلطة في تونس؛ وتكمن في نظرة بن علي التقدمية والنبيلة والمشرفة للأخوة العربية ولدور تونس القومي، وللشباب العربي ككل الذي يعيش مع شباب العالم قاطبة على إيقاع السنة الدولية للشباب، وهي سنة ما كانت لتكون لولا المبادرة التونسية الرائعة التي اقترحها الرئيس بن علي ووافقت عليها قيادات وشعوب وأمم العالم بالإجماع. كما أن الأيام أثبتت دائما حكمة القرار والموقف السياسي لتونس السابع من نوفمبر التي ما انفكت تسعى إلى تقريب المسافات بين الأشقاء العرب من المحيط إلى الخليج، في ظل رؤية قومية متجذرة في بيئتها ومنفتحة على المستقبل، ومتجاوزة لأي خلاف ولأي ظرف طارئ أو حالة استثنائية. إن البادرة الرئاسية التونسية، وبقدر ما أسعدت الشارع الرياضي والإعلامي وعموم الشارع المصري، أسعدت التونسيين الذين يعرفون قدر مصر وأهمية دور مصر التاريخي والحضاري والسياسي والثقافي. أما الذين راهنوا على أن الخلاف هو سيد الموقف بين العرب، فإنهم خسروا الرهان هذه المرة، لأن من طبيعة تونس، قيادة وشعبا، أن تكون عنوانا للتواصل والتضامن والتكافل، لا للخلافات والشقاق بين الأشقاء؛ كما أن الرئيس بن علي كان على الدوام وما زال حصنا للوفاق القومي، يصون ولا يبدد، يبني ولا يهدم، يبادر بالعمل قبل الكلام، وبالإنجاز قبل الشعارات. وقد استطاع سيادته بمبادرته الكريمة نحو فريق وجمهور الأهلي المصري أن يطوي إلى الأبد صفحة الحوادث الطارئة التي شهدها ملعب القاهرة منذ أيام، مثلما نجح في التدخل لدى الرئيس المصري محمد حسني مبارك لإطلاق سراح الشبان التونسيين الذين أوقفهم الأمن المصري على إثر مقابلة الذهاب بين فريقي الأهلي والترجي. إن ابتهاج الأشقاء المصريين بموقف الرئيس بن علي وسعادة أبناء أرض الكنانة بأن يستضيف سيادته فريق الأهلي على نفقته الخاصة، أعطيا لتونس الخضراء بريقا خاصا ومكانة متميزة لدى شعب مصر الذي يعرف مدى التواصل التاريخي والحضاري بين بلده وتونس منذ أن بادر التونسيون بتأسيس القاهرة، ومنذ أن كانت مصر محطة للتونسيين يستريحون في ظلها، ويرون فيها مثابة لهم ولمشاعرهم القومية ولطموحاتهم في التواصل القائم بين المشرق والمغرب. عن العرب اليوم