محادثة هاتفية في وقت مبكر صباح الجمعة قبل الماضي من العاصمة السعودية (الرياض)، نقلت إلى مسؤولي الاستخبارات الأميركية والأوروبية معلومات سرية للغاية عن شحن طردين ملغومين من اليمن إلى شيكاغو، أيقظت المسؤولين في البيت الأبيض ومقر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. أيه) وقادت الأجهزة الأمنية في عواصم غربية وعربية لتعيش أسبوعاً من التوتر والرعب والانتظار، الذي انتهى بالكشف عن قنبلتي تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» وإحباط مخطط دموي. وما إن انبلج صبح السبت حتى كان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أحيط بفحوى المحادثة الهاتفية السعودية. وتشير معلومات نشرتها «أسوشيتد برس» وترجمتها «الحياة» وتنشر نصها بالكامل، إلى أن اجتماعاً سرياً عقده في الرياض مسؤولو الأمن السعوديون ليل الجمعة مع ممثل للMail_Bombs_Race_Against#158.jpgشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية قدّم إلى السلطات الألمانية معلومات «موثقة» بأن إحدى قنبلتي «القاعدة» المخبأتين في عبوتي حبر داخل طابعتين تقبع منذ ساعات في مطار كولون بانتظار التوجه إلى بريطانيا ومنها إلى فيلادلفيا ثم شيكاغو. وصلت المرأة إلى شارع الهدا، لتتجه إلى مكتبي شركتين لشحن الطرود الجوية في العاصمة اليمنية. وفي مكتبي شركتي «يو بي أس» و«فيديكس» اللذين يقعان وسط مراكز للتسوق ووكالات سفر في صنعاء، شحنت المرأة طابعتين من طراز هيوليت – باكارد إلى الولاياتالمتحدة. استخدمت اسماً غير حقيقي، وعنواناً ورقم هاتف غير صحيحين. ودفعت قيمة الشحن نقداً. ثم توارت عن الأنظار. داخل كل من الطابعتين أخفيت قنبلة قوية كفيلة بإسقاط طائرة. تعتقد السلطات أن ذلك كان المسعى الأكثر تطوراً من قبل تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» لضرب أهداف داخل الولاياتالمتحدة. وعلى رغم أن التفاصيل لا تزال تظهر ببطء، إلا أن مسؤولاً أميركياً كبيراً قال إن الأدلة تشير إلى مخطط لتفجير طائرات شحن داخل الولاياتالمتحدة، إما على المدرج أو في أجواء مدن أميركية. وهرع المسؤولون الأمنيون – بعدما نبهتهم الاستخبارات السعودية – لملاحقة الطردين في خمس دول، ساعين بتوتر شديد على مدى اليومين التاليين إلى منع انفجار كان يمكن أن يقع في أية لحظة. قنبلة «القاعدة» القاتلة حين هبطت طائرة الشحن التابعة لشركة «يو بي أس» في إنكلترا، كان الوقت تجاوز العاشرة بقليل من مساء الخميس في واشنطن، ونحو الثالثة صباح الجمعة في العاصمة البريطانية. بدأت القنبلتان رحلتيهما قبل أكثر من 24 ساعة، ولم يعثر على أي منهما. المحققون البريطانيون بانتظار الطائرة، بعدما تلقوا المعلومات من المسؤولين السعوديين والأميركيين والألمان. فرضت شرطة مقاطعة ليسترشاير طوقاً أمنياً، وأنزلت الطرد من الطائرة. وقامت الشرطة بتفتيش الطائرة، وحتى الطابعة نفسها على مدى ساعات. لكنها على رغم ذلك لم تعثر على شيء. تم اطلاع وزيرة أمن الدولة البريطانية بولين نيفيل – جونز على الوضع. وتحدث برينان هاتفياً إلى نائب المستشار الأمني للحكومة البريطانية أوللي روبنز. ولكن نحو العاشرة صباحاً، وبعد تفتيش استغرق أكثر من سبع ساعات، خلصت الشرطة البريطانية إلى عدم وجود متفجرات. أعطيت طائرة شركة «يو بي اس» إذناً بالإقلاع صوب فيلادلفيا، ومنها إلى شيكاغو. فيما كانت الشرطة البريطانية تعكف على البحث عن الطرد على متن طائرة «يو بي اس»، وصلت القنبلة المرسلة من خلال شركة «فيديكس» إلى مطار دبي، محمولة على متن طائرة ركاب قطرية. وأمضت الشحنة الليلة في دبي. ولما كانت شرطة دبي تلقت معلومات في شأن الطرد، فقد تمكنت من اكتشاف القنبلة بعد فترة وجيزة من وصوله بحسب ما ذكر مصدر أمني مسؤول في دولة الإمارات العربية المتحدة. كانت شمس الجمعة تشرق في واشنطن حين كان المحققون في دبي يلقون أول نظرة على قنبلة «القاعدة» القاتلة. أعلنت الولاياتالمتحدة حظر أي شحنات آتية من اليمن. عند الثامنة والنصف صباحاً في واشنطن، أبلغت الحكومة الأميركية جميع شركات الشحن الجوي بأن شخصاً ما يحاول شحن متفجرات من اليمن إلى الولاياتالمتحدة، وأنها لا تعرف عدد الطرود الملغومة المحتملة