زخرت الصحف الأميركية اليوم بالمقالات والتحليلات التي تتحدث عن منح الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام، فحمل بعضها على هذا الاختيار واعتبره بعض آخر عبئا عليه، وفي مقام آخر نعمة له مختلطة بنقمة، كما نقلت مخاوف الإسرائيليين والفلسطينيين على وجه الخصوص. مرشحتنا ندى من إيران هكذا عنونت صحيفة واشنطن بوست افتتاحيتها في إطار التعليق على منح الرئيس الأميركي جائزة نوبل للسلام، وقالت إن أوباما فاز بالجائزة ولكن ذلك لم يكن خطأه، مشيرة إلى أن ندى الإيرانية هي التي كان ينبغي أن تحوز عليها. وتعليقا على ما وصفته اللجنة التي منحت الجائزة ب"الجهود الاستثنائية لتعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب" قالت الصحيفة إن أكثر وقت مناسبة لهذه الجائزة يأتي بعد أن تؤتي تلك الجهود أكلها. وأشارت واشنطن بوست إلى أن الجائزة تأتي في نفس الأسبوع الذي يخيم فيه الجدل بواشنطن حول الإرجاء المحتمل لإغلاق معتقل غوانتانامو، وقول وزير الخارجية الإسرائيلي للعالم إن سلام الشرق الأوسط الذي يدعمه أوباما لن يتحقق في الوقت القريب. وقالت الصحيفة إننا نتفهم ترحيب الأوروبيين بانتهاء إدارة الرئيس السابق جورج بوش، لذلك فإن جائزة أوباما تؤكد أن صعوده للرئاسة حسن الصورة الأميركية في العالم، أو على أقل تقدير في بعض أرجائه. غير أن اختيار اللجنة لأوباما، والكلام لواشنطن بوست، أظهر أنها لا تعلم شيئا عن أميركا، مشيرة إلى أن ما يشجع منتقدي أوباما هو الانطباع بأنه محور إعجاب عالمي بشخصيته، وهذه الجائزة تغذي هذا الانطباع ولا تفيده سياسيا. واختتمت بالقول إن الشخص الذي كان يستحق هذه الجائزة هو ندى آغا سلطان الإيرانية التي قتلت أثناء الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة، معتبرة أن ندى تجسد الحركة الديمقراطية في إيران، وتحسين فرص السلام في العالم. ًصور نادرة لندى التي قتلت اثناء الانتخابات النيابية الاخيرة (حشد) عبء ثقيل وفي واشنطن بوست أيضا كتب دان بالز مقالا تحت عنوان "جائزة ثقيلة" يقول إن جائزة نوبل عززت موقف أوباما بوصفه نجما دوليا غيّر الصورة الأميركية في العالم برمته. وقال إن أوباما الآن سيحاول جاهدا تحويل المثل السامية التي كانت وراء منحه الجائزة إلى نتائج ملموسة لدى تعاطيه مع المشاكل المستعصية المعروضة أمامه. وختم بأن كل ما تمنحه الجائزة من مكانة رفيعة سينطوي خطره على بطء انتقال أوباما من مرحلة الطموح والرؤية الكبيرة للسياسة الخارجية في القرن الواحد والعشرين إلى مرحلة ترجمتها، لا سيما أن الزمن يجري بسرعة كبيرة. نعمة مختلطة صحيفة نيويورك تايمز كتبت تحليلا تقول فيه إن الجائزة تشكل نعمة مختلطة بالنسبة لأوباما في الولاياتالمتحدة بصرف النظر عن مغزاها في الساحة الدولية. وأشارت إلى أنها تعد تذكيرا بالفجوة بين الوعد الطموح لكلماته وبين إنجازاته، كما أنها تلفت الانتباه إلى حقيقة أنه بينما يحتفل معظم العالم به باعتباره مناهضا لبوش، فإنه لم يتخل عن سياسات الإدارة السابقة في الأمن الوطني بالقدر الذي تعهد به. واعتبرت أن الجائزة تحمل دون شك فوائد لأوباما أولها أن الديمقراطيين سارعوا إلى وصف الجائزة بأنها تكريم للولايات المتحدة بعد أن كانت عرضة للانتقاد. لكنه من غير الواضح -تقول الصحيفة- مدى طول تأثير الجائزة على تصور الشعب لأوباما أو لأجندته، مشيرة إلى أن توقيت الجائزة لم يكن مثاليا بالنسبة لأوباما في ظل انتقاده بعدم إنجاز شيء بعد تسعة أشهر من ولايته، وهو ما لخصه مقطع مسرحي في برنامج "ساتردي نايت لايف". مخاوف إسرائيلية وفلسطينية من جانبها عرضت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مخاوف الفلسطينيين والإسرائيليين من أن تعزيز مكانة أوباما باعتباره صانعا للسلام ربما لا يخدم مصالحهم. فقد نقلت عن الإسرائيلي غيل ألون (37 عاما) قوله إن "الجائزة ربما تمنح أوباما السلطة لإجراء تغيير في سياسات العالم، ولكنني أشك في ذلك". كما اعتبر رئيس البرلمان روفين ريفلين أن قرار الجائزة "غريب جدا" معربا عن أمله في أن لا تكون الجائزة دافعا له كي يملي السلام على إسرائيل. رئيس تحرير جريدة الحياة الجديدة التابعة للسلطة الفلسطينية حافظ البرغوثي قال في مقال له إن "هذا الرجل (أوباما) لم ينجز شيئا لنيل الجائزة، بل إنه تراجع عن موقفه تجاه القضية الفلسطينية".