تُحارب بعض القوى السياسية في المعارضة اليمنية بهدف سرعة انتقال السلطة .. وتربط موافقتها بخوض اي حوار أو وفاق وطني بالنتائج التي تفضي إلى هذا الهدف ، طمعاُ في تبوأ سدة الحكم " بقفزة" تتجاوز الواقع وحيثياته لتوصلهم إلى القيادة على مخلفات واقع مثخن بالمشاكل ملبد بالأزمات والتحديات الكبار. هذه الرؤية البرجماتية الضيقة الأفق قد سيطرت على منهجية تلك القوى السياسية وأعمتها ، وهي في الحقيقة رؤية غير مسئولة لا تخدم البلد أو تساهم في حل أزماته ومعضلاته ، أو تلبية طموحات وتطلعات حاضر ومستقبل اجياله. أن مشروع الانتقال السلمي للسلطة قائم وقادم لا محالة اصلا ..ونحن ماضون إليه وفق رؤية ديمقراطية حداثية لا تقفز أو تتجاوز خيارات الشعب اليمني ومقررات الدستور والقوانين المنظمة للعملية الديمقراطية. كما ان الرئيس علي عبد الله صالح قد حمل هذا المشروع وتبناه ، وهو كفيل بتجسيده على الواقع اليمني مثلما سبق وجسد التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية في عهده ، والتي لولاها ما أفرز هذا الحراك السياسي منقطع النظير في اليمن دون حضوره في بلدان المنطقة والوطن العربي أجمع. والحقيقة التي يجب ان يفطن اليها الجميع إلى ان اليمن لا ينقصها فقط في هذه المرحلة الحرجة من التاريخ اليمني المعاصر جزئية " انتقال السلطة" .. بل أن الاولويات الهامة التي يجب الالتفات اليها الآن تضع انتقال السلطة في اسفل القائمة.. المرحلة الحالية هي مرحلة البناء والتشذيب والتنقية لاستشراف المستقبل بطموحات اكثر فضاء ..وهذا لن يتأتى الا بتكاتف كل المكونات الوطنية الشريفة والمسئولة من قوى وتجمعات وافراد .. الوقوف في صف كل الملفات المزمنة التي ضلت تواجهنا حقبا وتجلت في ابشع صورها خلال الفترة الحالية. المصلحة العليا للوطن قبل الحديث الجدلي عن انتقال السلطة تتمثل اولا بضرورة الاعتراف بالمخاطر والتحديات التي ستقف حجر عثره امام اي مشروع ديمقراطي ومنهجي .. علينا اول تهيئة المسار الذي يكفل تلك الآلية المنظمة للانتقال .. ويسهل دور الادارات اليمنية المتعاقبة في قيادة البلد دون تراكمات سلبية أو عقدية افرزتها اطياف وقوى وعناصر انحازت عن المفهوم الوطني الشريف .. بما يكفل الضمان للمستقبل لكل مكونات وكيان هذا الوطن .. لا يجوز ان نطوي كل الاوراق الهامة ونركز على ورقة الانتقال للسلطة .. لأن هذا التجاوز المتعمد لن يضع حدا للفوضى السائدة بقدر ما يساهم في تعزيزها واتخاذها مسار قد لا تقوى الاجيال القادمة على الوقوف امام تداعياتها.