للفساد في بلادنا قصص تدمي القلب، ربما نكون قد تحملناها في عهد ما قبل الثورة، لكن استمرارها.. يعني أن هناك خللاً في التعيينات الحكومية، ينبغي معالجته من الآن. عند تعيين الأخ/ فهيم طربوش مديراً عاماً لمكتب التعليم الفني والتدريب المهني بالعاصمة، استبشر الكثيرين خيراً، موظفين.. عمداء معاهد.. طلاب.. ومواطنين، فالرجل قادم من رحم الثورة، بالإضافة إلى كونه لا يزال شاباً وقادر على إضافة الكثير والكثير لقطاع التعليم الفني. لكن تلك الفرحة.. وذلك الاستبشار.. لم يستمر سوى أيام، واختفى بالمرة عندما ظهر الوجه الحقيقي لذلك المدير الذي بدأ فساده يزكم الأنوف.. ويكبد خزينة الدولة جزء كبير من الأموال بطرق غير مشروعة. لحظتذاك.. بدأ بعض الموظفين وعمداء المعاهد بإرسال الشكاوى والتقارير والتظلمات للجهات المسؤولة دون جدوى، فكل من ساهم بكشف فساد ذلك المدير.. تم إقصاءه.. وإبعاده.. وفي أحسن الأحوال نقله من مقر عمله لجهة أخرى. من هؤلاء.. شخص اسمه خالد عبدالعزيز الترابي، الذي لم يحالفني الحظ بالإلقاء به ومعرفته، فقط استطعت الحصول على بطريقتي الخاصة على سالة وجهها الترابي لأمين العاصمة، كشف فيها عن تجاوزات ومخالفات وفساد ذلك المدير، وكانت مكافأته بنقله من عمله كمدير مالي لمكتب التعليم الفني بالأمانة، إلى جهة أخرى، حيث قد بدأت أنياب فيهم تطول إلى درجة لم يتوقعها أياً من موظفيه. في الرسالة.. يكشف الترابي، عن إثقال كاهل المكتب بعدد كبير من المتعاقدين والمتعاونين، منهم كثيرين من أقارب المدير طربوش، ويكشف أيضاً.. عن مواجهة مستحقات أولئك الموظفين من بند التغذية، وعن مساومة مقاول التغدية لرفع قيمة الوجبات المقدمة للطلاب إلى 700 ريال، مقابل دفع مبلغ مالي محترم، وأوكل المدير مهمة مساومة المقاول إلى مديره المالي الترابي. وأوضح الترابي في رسالته لأمين العاصمة عن حقيقة المبالغ التي يطلبها فهيم طربوش من عمداء المعاهد عند تقديمهم طلبات لصرف عهد لمواجهة أعمال الصيانة والتأثيث، ومن لا يدفع لا يستلم، مؤكداً ذلك التصرف بقيام المدير العام بقطع شيك العهد باسم أمين صندوق المكتب المخلص له. وعن ممارسة الإقصاء، تتحدث الرسالة عن تحريض المدير العام لعدد من الطلاب والإداريين وإلزامهم بالتظاهر والاعتصام وإثارة الزوابع، ومن ثم الرفع للجهات المختصة بضرورة إقالة العميد.. وأي شخص أخر. وبالنسبة للإيرادات الرسمية، فتشير الرسالة إلى أن طربوش أرغم الترابي على استلامها من معهد ذهبان، وبعد ذلك لم يقوم بتوريدها لخزينة الدولة حتى اللحظة. وكشفت الرسالة عن محاولة استثمار جزء من أرضية المعهد اليمني الصيني، لكن الوزارة رفضت منح طربوش الموافقة بسبب وجود تلاعب، إلاّ أن فهيم طربوش وعد المستثمر باستخراج موافقة من أمانة العاصمة، وهو مالم يحدث حتى الآن. إلى هنا.. تنتهي رسالة خالد الترابي.. وهنا أيضاً.. تبدأ رحلتي لمحاولة كشف الحقائق ونشرها، وكانت البداية من إذاعة اليمن اليوم.. التي نشرت قضايا الفساد في أحد برامجها، وكانت لي مداخلة بالبرنامج.. وتكلمت حرفياً بما جاء في الوثائق التي حصلت عليها.. ونفاها طربوش بنفس الحلقة. وفي الأخير حاول أحد الزملاء الصحافيين.. وهو صديق لطربوش، التواصل معي وتحديد موعد للقاء المدير العام ليدحض ما قيل عنه حسب قوله، وتم اللقاء وقدمت أسئلة للمدير العام الذي رفض التسجيل واشترط أسئله مكتوبة.. مر يوم.. واثنين.. وثلاثة.. وانتهى الأسبوع.. دون عودة الإجابة. إتضح لي في الأخير أن المدير العام لا يحمل ما يؤكد براءته، وإن تحديد اللقاء الذي بالغ فيه بالترحيب بي، لم يكن سوى اختلاق حجة لحضوري لإيهام عدد من الموظفين والأصدقاء بأن الصحفي الذي اتهمني بالفساد في البرنامج، جاء ليعتذر لي، وهو ما أخبرني به كثير من موظفي المكتب، وهو أيضاً ما يعتبر زور وكذب.. وأتحدى طربوش أن يثبته.