صرفت حواء يوسف، البالغة من العمر 28 عاماً والتي تعيش حالياً في مخيم للاجئين، آخر ما تبقى لديها من مال لتكتب رسالة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تشرح فيها قضيتها، بدأتها بجملة "وصلت إلى اليمن في عام 2008 من مقديشو". وتشرح حواء في رسالتها هذه هجوم رجال الميليشيا على منزلها في سبتمبر 2007، قائلة: "انهالوا على زوجي بالضرب وحاولوا اغتصابي أمام عينيه. لقد حاول حمايتي، ولكن لسوء الحظ أجهزوا عليه بسكين كبيرة. كنت عندها حاملاً في الشهر السابع". وبعدها اصطحبت حواء أطفالها الثلاثة وغادرت إلى بوساسو في إقليم بونتلاند في الصومال ومنه إلى اليمن في رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر استغرقت أربعة أيام. وتحدثت عن بعض ما حدث في هذه الرحلة قائلة: "نفذ الوقود. ومكثنا في عرض البحر حوالي 13 يوماً عانينا فيها من الاكتظاظ الشديد في المركب وسوء المعاملة من قبل المهربين". وفي النهاية زودت سفينة عابرة القارب الذي تقطعت به السبل بالبنزين وتمكن اللاجئون أخيراً من مواصلة رحلتهم. ولكن بعد بقاء المركب في عرض البحر لمدة أسبوعين تقريباً بدأ صراخ الأطفال الجوعى والعطشى يزعج المهربين، فما كان منهم إلا أن "ألقوا باثنين منهم في البحر...رأيت أطفالي يموتون أمامي". واختتمت حواء رسالتها إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قائلة: "آمل أن تنظروا في قضيتي". وتعيش حواء حالياً مع نحو 16,800 لاجئ (معظمهم من الصومال) في مخيم خرز في جنوب اليمن الواقع على بعد حوالي 140 كلم إلى الغرب من عدن. ويحصل اللاجئون الصوماليون على وضع اللجوء مباشرة عند وصولهم إلى اليمن. وتشير تقديرات المفوضية إلى أن حوالي 174,000 لاجئ يعيشون هناك. ويقع المخيم، الذي كان فيما قبل عبارة عن قاعدة عسكرية قديمة، وسط جبال وصحراء قاحلة، ويتألف من مجموعات صغيرة من منازل الطوب والخيام، تتخللها طرقات مليئة بالتراب. ويعيش اللاجئون على المساعدات التي يحصلون عليها من برنامج الأغذية العالمي ومما يجنونه من الوظائف العرضية والمتقطعة التي يجدونها من حين لآخر. ويسمح للاجئين الصوماليين في اليمن، بمن فيهم المقيمون في مخيم خرز، بالعمل، ولكن هذا البلد الذي يعتبر الأفقر في الشرق الأوسط غير مجهز للتعامل مع أعداد كبيرة من اللاجئين. وكانت الرسائل الموجهة إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية تشكل شريان حياة بالنسبة للبعض في الماضي، حيث قال روكو نوري، مسؤول العلاقات الخارجية في المفوضية: "أرى أن تلك الرسائل دعوة إضافية للحصول على المساعدة. إنه تمرين فردي يمكن اللاجئين من المطالبة بحقوقهم". تجربة أحد كتاب الرسائل ولا يتحدث سوى عدد قليل فقط من اللاجئين اللغة الانجليزية، لذا فإن اللاجئ الصومالي جمال أحمد محمد، البالغ من العمر 29 عاماً، لا ينفك يجد ما يشغله. وتحدث عن ذلك قائلاً: "أكتب نحو 20 رسالة في الشهر... وأتذكر رسائل محددة بسبب القصص الصعبة التي ترويها. فمعظم الناس في مخيم خرز يعانون من أوضاع صعبة للغاية". ويقوم محمد، مقابل 3000 ريال (حوالي 15 دولاراً) أو ما يعادل راتب شهر بالنسبة لمعظم اللاجئين المحظوظين بما فيه الكفاية للعثور على عمل، بتوصيل صوت الكثير من السكان الذين لولاه لما تمكنوا من إيجاد وسيلة لإيصال مطالبهم وشكاواهم. ووفقاً لنوري من مفوضية الأممالمتحدة للاجئين، تحظى هذه الرسائل بمتابعة المنظمات الشريكة التي تتولى تقديم المعونة الإنسانية في المخيم. وأوضح أن "الطلب الأكثر شيوعاً من اللاجئين في مخيم خرز هو إعادة التوطين في بلد ثالث. ولكن، لسوء الحظ لا تعتبر إعادة التوطين حقاً مسلماً وإنما حلاً يضع في قائمة أولوياته وضع أكثر اللاجئين ضعفاً وحاجة". كما تشير العديد من الرسائل إلى محدودية المساعدات الطبية التي يحصل عليها اللاجئون في المخيم. "لا مستقبل مشرق لأطفالنا" وتعتقد مؤمنة بورال، وهي أم لسبعة أطفال، أن المساعدة ستجد طريقها إليها من خلال رسالتها. وتقول في قصتها التي تشهد على ويلات الحرب: "تعرضنا للهجوم عدة مرات. قتل والدي واثنان من إخوتي. ظلوا يطلقون النار عليهم حتى صارت أجسادهم مجرد أشلاء. وعلى الرغم من أننا عثرنا على بعض السلام في اليمن، إلا أن الحياة صعبة للغاية. إذ لا يوجد مستقبل مشرق لأطفالنا هنا". وبعد قضائها 12 عاماً في المخيم يبدو شعور مؤمنة بالإحباط واضحاً في رسالتها التي تقول فيها أيضاً: "لقد تعبت حقاً من هذه الحياة ولا أعرف ماذا أفعل أو إلى أين أذهب!" وولكن نوري يفضل عدم استقبال مثل هذه الرسائل لأن "ذلك سيعني أن احتياجات اللاجئين تلقى اهتماماً أفضل وأن الظروف المعيشية آخذة في التحسن".