يقول مراقبون وسياسيون : إن حركة المقاومة الإسلامية " حماس" أصبحت أكثر واقعية سياسياً وأكثر براجماتية".. وأن قرار (إسرائيل) قبول التهدئة مع حماس في غزة يعبر عن إدراك في الولاياتالمتحدة وإسرائيل بأن عاماً من تشديد العقوبات الاقتصادية أوجد صعوبات في الحياة اليومية ب غزة، لكنه لم يدفع الجماهير للانقلاب على حركة حماس التي تتربع على سد البرلمان الفلسطيني بالأغلبية الساحقة عبر صناديق الاقتراع.. إلى ذلك ، أكدت المصادر الدبلوماسية أن نجاح التهدئة بين حماس واسرائيل في غزة سوف يترتب عليه حدوث مفاجآت كثيرة وكبيرة، من بينها، تزايد الأصوات داخل إسرائيل المطالبة بالتفاوض مع حركة حماس، وهذا محرج للسلطة الفلسطينية التي يتزعمها " قائد حركة فتح ، رئيس السلطة محمود عباس ، هذه السلطة التي ستتجه إلى تسريع الحوار الوطني لتحديد موعد سريع لإجراء الانتخابات على أمل تقوية موقفها ومكانتها وتحسين وضعها مقارنة مع الانتخابات السابقة. في غضون ذلك ، كشفت مصادر مقربة من "حماس" أن القيادة السياسية للحركة الإسلامية اتخذت قرارا قبل أسابيع قليلة بتشكيل طاقم خاص لوضع خطة وبرنامج عمل لإدارة اتصالات مع قوى سياسية في الساحة الفلسطينية ، من بينها فئات مستقلة وشخصيات عامة لإقامة تحالفات وجس نبض لبعض الأطراف استعدادا لانتخابات تشريعية ورئاسية .. وبحسب مصادر مجلة المنار المقدسية " فإن حركة حماس مستعدة لتقديم تنازلات بالنسبة للوضع في غزة، وسوف تسمح بإدارة عربية مؤقتة للأوضاع المدنية والأمنية في قطاع غزة حتى ظهور نتائج الانتخابات القادمة.. وتأمل حركة حماس بأن تستطيع تحقيق الفوز في الانتخابات معتمدة على بعض الأوراق التي تمتلكها، ومن بينها، الجندي الإسرائيلي الأسير في قبضتها " جلعاد شليط " حيث تسعى الحركة لتحقيق مكاسب كبيرة في هذا الموضوع، وقد تتداخل الحسابات السياسية الداخلية الفلسطينية مع حسابات التفاوض حول إطلاق سراح الجندي شاليط، وقد تتضارب أيضا المواعيد بين الانتخابات والإفراج عن الجندي المذكور، وتركب الحركة الأمواج القوية بعد عقد صفقة تبادل الأسرى وتحقق الفوز. إلى ذلك ، أكدت ذات المصادر أن السلطة الفلسطينية تدرك هذا التغيير، لذلك جاءت مبادرات المصالحة والحوار التي اطلقها الرئيس محمود عباس لإدراك السلطة بأن الأوضاع في قطاع غزة سوف تتغير خاصة بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ، وأن هناك ضرورة للتدخل وبدء الحوار قبل أن يمر وقت طويل على التهدئة، عندها تصبح مواقف حماس أكثر تصلبا، في نفس الوقت تأمل السلطة الفلسطينية تحقيق انجاز سياسي ، الأمر الذي يستبعده البعض في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة ،أيهود أولمرت الغارق في قضايا الفساد والرشوة. هذا وقد أعرب رئيس السلطة الفلسطينية ، محمود عباس في حديث أجرته معه قناة اليمن الفضائية عن موافقته على أي آلية تضعها جامعة الدول العربية لتطبيق المبادرة اليمنية للمصالحة بين حركتي فتح وحماس ؛ وأشار الرئيس عباس إلى انه بلا شك أن حركة حماس أيضا تجري اتصالاتها مع الدول العربية جميعا، وسمعنا أنها أرسلت رسائل إلى كثير من الدول العربية والى الأمين العام لجامعة الدول العربية، وابلغنا فخامة الرئيس على عبد الله صالح عن رسالة وصلته من حماس تدلي فيها بدلوها فيما يتعلق بموقفها من المبادرة اليمنية للحوار ، وتابع عباس قائلا : إذا أردنا أن ننظر ببساطة، هناك مبادرة تحتاج إلى تطبيق، لنتفق عن أن هذه المبادرة خاضعة للتطبيق، ومن ثم نتحدث عن آلية هذا التطبيق، وإذا وصلنا إلى هذا الفهم المشترك، يبقى على أشقائنا أن يضعوا الآلية، وأنا من جهتي أقول ما يضعه العرب من إليه للتطبيق سأوافق عليها فورا. وتابع الرئيس عباس القول : لا نريد أن نحرج أحدا، نحن مختلفون مع حركة حماس ولكن لا ننكر وجودها ، ولا ننكر أنها جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ، ولا ننكر أنها فازت بالانتخابات بأغلبية ساحقة، ولذلك كان علي أن أكلفها بتشكيل الحكومة، وشكلت الحكومة، ونحن لا ننكر هذا، وبالتالي لا نريد أن نتنافس، بل نريد أن نتكامل، كيف يمكن أن نتكامل، المسألة أين وكيف نحقق المصلحة الفلسطينية؟، فمثلا نحن لم نكن طرفا في التهدئة الحاصلة بين إسرائيل وغزة ، ولكن كنا متابعين لكل خطوة تقوم بها مصر أو إسرائيل أو حتى أمريكا، وكنا نقول نحن معكم، وندفعهم في هذا الاتجاه، إذا لا يهمني من الذي سيكسب، المهم أن الشعب الفلسطيني هو الذي يكسب ويرتاح ويفك الحصار عنه، فعندما أرى الشعب الفلسطيني يتجول في غزة ويعلن عن بهجة، هذا يسعدني ويجعلني اشعر فعلا أن هذا النصر، ليس مهما من الذي يأتي به؛ والمسألة ليست شخصية أو حزبية، فأنا لست رئيسا لحركة فتح، وإنما لكل فلسطيني أينما كان في العالم ومسئول عنه، أي كان انتمائه. وتنص المبادرة اليمنية على سبع نقاط أبرزها ( عودة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل استيلاء "حماس" على مؤسسات السلطة ، وإجراء انتخابات مبكرة ، واستئناف الحوار على قاعدة اتفاق القاهرة 2005 واتفاق مكة 2007 ) .. وتنص المبادرة أيضا على ( التزام الطرفين باحترام الدستور والقانون الفلسطيني ، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية بحيث تتبع السلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية ولا علاقة لأي فصيل بها ). وفي شهر مارس/ آذار الماضي ، قبلت حركتا فتح وحماس بالمبادرة اليمنية لمعاودة الحوار بينهما، لكنها ظلت حبراً على ورق جراء الاختلاف في تفسير نصها وكيفية تطبيقه على الأرض. وتلفت "مأرب برس" إلى أن " البراجماتية " وهي مذهب فلسفي – سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة؛ فالسياسي البراغماتي يدعّي دائماً بأنه يتصرف ويعمل من خلال النظر إلى النتائج العملية المثمرة التي قد يؤدي إليها قراره، وهو لا يتخذ قراره بوحي من فكرة مسبقة أو أيديولوجية سياسية محددة ، وإنما من خلال النتيجة المتوقعة لعمله .