تبدّلت لهجة التفاؤل والانتصار التي رافقت المسؤولين الإسرائيليين من سياسيين وعسكريين مع وقف الحرب الأخيرة على غزة، وتحوّلت الى محاسبة الذات وإعادة قراءة نتائج الحرب بعد 40 يوماً على وقفها، وسط شعور بأن الحديث عن استعادة الردع الإسرائيلي وعن الانتصار كان سابقاً لأوانه في ظل تواصل سقوط القذائف الصاروخية الفلسطينية على جنوب إسرائيل (أكثر من 66 قذيفة منذ انتهاء الحرب)، وحيال التقارير الاستخباراتية الإسرائيلية بأن تهريب السلاح إلى القطاع يتواصل، فضلاً عن تمسك حركة «حماس» بمواقفها في شأن التهدئة والإفراج عن الجندي الاسير غلعاد شاليت. ونقلت الصحف العبرية عن ضباط في قيادة «المنطقة الجنوبية» للجيش الإسرائيلي قولهم إن الردع الذي حققته إسرائيل في مقابل «حماس» في حربها على غزة «آخذ بالتآكل»، وأن الغارات الجوية على محور فيلادلفي لا تردع الفصائل الفلسطينية عن قصف جنوب إسرائيل. وحذر الضباط من أن تفقد عملية «الرصاص المصبوب» نتائجها السياسية والعسكرية أيضاً في حال لم يردع الردّ العسكري الإسرائيلي الفلسطينيين. وأشار المعلقان في «هآرتس» آفي يسخاروف وعاموس هارئيل إلى أنه في حال لم يتم التوصل إلى تهدئة تضمن الهدوء جنوب إسرائيل وتواصل القصف المتبادل، فإن الإسرائيليين سيكفون عن اعتبار العملية نجاحاً عسكرياً بل سيذكرونها «جولة أخرى غير ناجحة في الحرب الطويلة والمتواصلة على القطاع». وتابعا أن مثل هذا الوضع محبط للقيادة العسكرية التي عمّها التفاؤل مع انتهاء العملية العسكرية إذ ظنت أن الجيش نجح في استعادة قدراته بعد الخيبة من الحرب على لبنان. من جهته، رأى المحلل السياسي في الصحيفة ألوف بن أن الضرر الأساسي الذي سببته الحرب على غزة يتمثل في حصول «حماس» على الشرعية الدولية كحاكمة في قطاع غزة، وفي التأييد المتعاظم لحوار المصالحة الفلسطينية الذي سيعيد «حماس» إلى القيادة الفلسطينية «فيما سعت إسرائيل من حربها إلى عزل هذه الحركة وتقويض حكمها، وها هي الآن تتعرض لضغوط من أجل فتح المعابر في غزة ورفع الحصار». وتابع انه بدلا من أن تحضر وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى إسرائيل للتباحث في لجم التهديد الإيراني، فإن زيارتها الأولى للمنطقة ستتناول تقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة الذين تضرروا من عملية الرصاص المصبوب، «ولعل هذا هو الضرر الأكبر» لإسرائيل