قناة بلقيس تعلن توقف بثها وتكشف الأسباب    منتخب الناشئين اليمني يكتسح باكستان بخماسية ويواصل صدارة مجموعته    نخبة أبطال الشطرنج" تنطلق السبت في صنعاء بالنظام السويسري    توقف مفاجئ لقناة بلقيس الكرمانية لتراجع التمويل وانهيار التأثير الإعلامي    اليمن ضمن قائمة الدول المشمولة بمراجعة بطاقات الإقامة الخضراء في أمريكا    الضالع .. قبيلة آل سعيد في مديرية جبن تعلن النفير العام لمواجهة الأعداء    إيران تقاطع قرعة المونديال وتطالب ب"إبعاد السياسة عن الرياضة"    يا مأمون الجمرة    د . قاسم لبوزة : " 30 نوفمبر" كبدت بريطانيا خسائر لم تحدث في أي بلد محتل    فستان عهد ليست إلا نسخة جديدة من نفس العقلية    رسائل إلى المجتمع    قراءة تحليلية لنص "عقد قراني" ل"أحمد سيف حاشد"    خطوة جديدة لوزارة الاقتصاد لتبسيط وتسهيل المعاملات    الأردني أبزاخ يطمح لحزام PFL MENA قبل الانطلاق نحو العالمية من بوابة الخبر    بين ريال مدريد وأهلي جدة.. فينيسيوس يختار الطريق الصعب    القبض على مرتزق كبير بحوزته 10 مليون دولار بالأردن    استشهاد 9 سوريين وإصابة جنود صهاينة خلال توغل بريف دمشق    فضول طفل يوقض الذكريات    «يوروبا ليج».. انتصار روما وبورتو وفيلا    ضمن سلسلة التصفيات.. مليشيا الحوثي تصفي أحد مشائخ قبيلة جهم في صنعاء    منتخب البرتغال يُتوج بكأس العالم تحت 17 سنة FIFA قطر 2025    تغيير أدوات المرتزقة في حضرموت    بيان البحسني... رسالة حاسمة في لحظة خطرة    الانتصارات القريبة لا تكفي لصناعة المستقبل.. تحذير جنوبي من تكرار أخطاء الماضي    رسم ملامح النفوذ الأميركي في القرن الأفريقي    إصلاح حضرموت يرحب بتعيين الخنبشي محافظاً للمحافظة    من البنطلون إلى البطون الجائعة: حين تختل أولويات المجتمع في ظل الظلم والفساد    الأجهزة الأمنية بمأرب تضبط عصابة ابتزت واختطفت امرأة من محافظة أبين    بعد ان علمهم القراءة والكتابة، زعموا انه كان لايقرأ ولا يكتب:    رابطة علماء اليمن تنعي العالم والداعية الشيخ محمد المقري    رحيل الشيخ المقرمي.. صوت التدبر الذي صاغته العزلة وأحياه القرآن    أمريكا تمدد إعفاء سلع صينية من رسوم جمركية    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    قصتي مع الشيخ المقرمي    العثور على مسؤول أمني مقتولا داخل سيارته بعدن    رئيس الهيئة السياسية: دعم دولة الإمارات لشعبنا يعكس عمق العلاقات الأخوية    الذهب يستقر قرب قمة أسبوعين.. والأنظار تتجه لتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    في وداع مهندس التدبّر    الشيخ المقرمي.. وداعا    هندسة التجويع.. كيف يعمل الحوثيون على استنزاف رأس المال الوطني سعيًا لإفلاسه؟    القطاع النفطي الأهم رقم 5 بشبوة أكل تفاح عليمي    الإخوان يبدأون سحب أرصدتهم في أمريكا قبل قرار ترامب المرتقب بتصنيفهم تنظيماً إرهابياً    عودة 48 صياداً إلى الخوبة اختطفوا وعُذّبوا في إريتريا    تقرير أممي: انخفاض ملحوظ لواردات الوقود والغذاء عبر موانئ الحديدة    الاغذية العالمي يستبعد قرابة مليوني يمني من سجلات المساعدات الغذائية    دوري ابطال اوروبا: ارسنال يطيح بالبايرن ويخطف منه الصدارة    الصحفي الكبير والمناضل القدير محمد قاسم نعمان    صنعاء.. مقتل مواطنين بانفجار عبوة ناسفة بمديرية نهم    عاشق الحياة وصديق الموت    معرض وبازار للمنتجات التراثية للأسر المنتجة في صنعاء    رحيل مفجع للداعية البارز محمد المقري في مكة المكرمة    صنعاء تستعد لانطلاق مهرجان المقالح الشعري    الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الدماغ    الرياضة في الأربعينات: سلاحك ضد الزهايمر    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقب انقلاب عدن وسيطرة الانفصاليين: ما الذي تبقّى للشرعية اليمنية؟
نشر في مأرب برس يوم 12 - 08 - 2019

تمثل سيطرة "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الانفصالي المدعوم إماراتياً، على مدينة عدن جنوبي اليمن، مسماراً جديداً في نعش الشرعية اليمنية وضربة موجعة، للحكومة والقيادة التي فقدت في العام 2014 السيطرة على العاصمة صنعاء، لتلحق بها عدن، ثاني أهم مدن البلاد التي تُوصف ب"العاصمة المؤقتة"، ليغدو الواقع بين سلطتي أمر واقع مركزيتين تمثّلان انقلابي صنعاء وعدن، فيما يتبقى للشرعية والسلطات المحلية الموالية لها، العواصم الثانوية، وأبرزها محافظة مأرب إلى جانب أجزاء من حضرموت وغيرها، لكنها تبدو الحلقة الأضعف على الأرض. وللمرة الأولى منذ إعادة توحيد اليمن في العام 1990، باتت المدينة الساحلية الاستراتيجية في أيدي من يعتبرونها عاصمة ل"الجنوب"، ويرفضون الاعتراف بكونها جزءاً من "الجمهورية اليمنية"، ومع ذلك، وكإحدى أبرز المفارقات في الوضع التي تعيشه البلاد، فإن الانفصاليين يعترفون بسلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، كضرورة رمزية وسياسية يقتضيها الموقف بالنسبة للتحالف السعودي الإماراتي، الذي يستمد شرعية تدخله من هدفٍ معلنٍ هو دعم الشرعية.
وإلى ما قبل سقوط عدن، كانت الشرعية اليمنية، تعتمد إلى حد كبير، على الدعم الخارجي، إذ إن الضربة الأولى التي لا تقارن بأي تحولٍ آخر، كانت فقدان السيطرة على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 التي ما تزال تحت سيطرة الحوثيين يمارسون فيها سلطاتهم إلى جانب سيطرتهم على أغلب المحافظات الشمالية والجنوبية الغربية والوسطى، وجميعها تمثل مركزاً للثقل السكاني حيث يعيش الغالبية من اليمنيين، فضلاً عن كونها تضم البنية التحتية للدولة ومؤسساتها.
وبعد سنوات من الحرب المدمّرة، والتي سعت فيها الشرعية بدعم من السعودية، إلى نقل المؤسسات الحكومية إلى عدن، بوصفها "العاصمة المؤقتة"، كما توصف، وبما في ذلك نقل المصرف المركزي اليمني، تفقد الشرعية وجودها الذي كان رمزياً وضعيفاً أصلاً في المدينة، بسبب النفوذ القوي للإمارات وحلفائها، الذين عملوا على تقويض الحكومة والحيلولة دون عودة الرئيس عبدربه منصور هادي، إليها، لتبدو الشرعية أخيراً أضعف على صعيد السيطرة الميدانية، خصوصاً أن سيطرة الانفصاليين على عدن تقود بالضرورة إلى إلحاق أبرز المدن والمحافظات المحيطة بها، الأمر الذي بدت ملامحه خلال الساعات ال72 الأخيرة، إذ بدأ العديد من المسؤولين وفقاً لمصادر محلية ل"العربي الجديد"، بإعلان تأييدهم ل"الانتقالي"، كنتيجة للأمر الواقع الذي فرضه في مركز المدن الجنوبية.
في غضون ذلك، تعد محافظة مأرب، التي تحولت منذ سنوات، إلى واحدة من أهم المحافظات والمدن اليمنية المركزية على رأس المحافظات التي ما تزال خاضعة لسلطة هادي، بقواها المحلية والعسكرية والأمنية، إلى جانب امتدادات النفوذ فيها في أجزاء من محافظة الجوف وغيرها. وعلى الرغم من أن المحافظة تشكل ثقلاً عسكرياً قوياً، بوصفها المحافظة "الشمالية" الوحيدة غير الخاضعة للحوثيين، إلا أنها مع ذلك، لا يمكن أن تعوض عدن، بما للأخيرة من رمزية وبنية تحتية، فضلاً عن التأثير الذي يتركه فقدان صنعاء وعدن على واقع الشرعية ذاتها.

وإلى الشرق من البلاد، تحتل محافظة حضرموت وضعاً سياسياً وعسكرياً، يمكن اعتباره حالة فريدة من نوعها، فعلى الرغم من أن "الانتقالي" ينظر إلى المحافظة، كجزء من "دولة الجنوب" قبل الوحدة، إلا أن المزاج الغالب فيها يميل إلى تطبيق "الحكم الذاتي" وتأييد خطة الأقاليم التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني منذ سنوات.
وتنقسم حضرموت عسكرياً إلى منطقتين هما الأولى في الوادي والصحراء، وتنتشر فيها ما تبقى من تشكيلات الجيش اليمني التي حافظت على نفسها من السقوط خلال الحرب، وهذه المناطق تبدو في وضعها السياسي والعسكري أقرب لوضع مأرب كمناطق ما تزال خاضعة للشرعية. أما المنطقة الثانية وتشمل مركز المحافظة مدينة المكلا، فتنتشر فيها قوات "النخبة الحضرمية"، المدعومة إماراتياً، ومع ذلك، فإن الخصوصية المحلية لهذه القوات، لا تضعها بكفة واحدة مع أذرع الإمارات في عدن ومحيطها.
وغير بعيد عن حضرموت، تعد محافظة المهرة البوابة الشرقية لليمن، واحدة من أبرز المحافظات التي ما تزال خاضعة للشرعية، ولو شكلياً، في ظل النفوذ السعودي المتنامي في هذه المحافظة، وما يثيره من معارضة محلية، إلا أن مصير المهرة يبقى مرتبطاً إلى حد كبيرٍ بالشرعية المدعومة سعودياً، مثلما أن هناك مدناً وأجزاء من محافظات على غرار تعز وجنوب الحديدة، تمثل وضعاً مختلفاً لا يمكن اعتباره خاضعاً للشرعية أو خارجاً عن سيطرتها، بقدر ما أن الحرب هي المسيطر.
من زاوية أخرى، قد لا يكون دقيقاً اعتبار الوضع الذي آلت إليه عدن بعد سيطرة الانفصاليين، حالة خرجت من أيدي الشرعية على غرار صنعاء، إذ إن تقييم الواقع ما يزال مرهوناً بالسيناريوهات التي ستؤول إليها الأوضاع في المدينة بالمرحلة المقبلة، وما إذا كان "الانتقالي" سيعلن الانفصال ويكمل الانقلاب على الشرعية، أم أنه سيظل يعترف بالأخيرة كضرورة للتحالف السعودي الإماراتي، ولكن مع افتقارها للقرار الحقيقي، وتحولها إلى ما يشبه "حكومة منفى" أو "رمزية"، على إثر فقدانها السيطرة على الجزء الأكبر من البلاد ومدنها الحيوية.
الجدير بالذكر أن الحوثيين هم المستفيدون الأساسيون من الأحداث التي شهدتها عدن باعتبارها ضربة قاصمة للشرعية، وانكشافاً غير مسبوق للتحالف السعودي الإماراتي وأهدافه التي تدعم في الواقع تمزيق البلاد بدلاً من "دعم الشرعية والوقوف ضد الانقلاب" بحسب أدبيات 26 مارس/آذار 2015. ومن المفارقات أن التحالف ذاته وبصدارة إماراتية اقتفى أثر الحوثيين بالانقلاب ضد الشرعية في العاصمة الثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.