قال الدكتور ياسين سعيد نعمان إن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في اليمن أخذت تتدهور خلال الفترة الماضية متجاوزة مجرد الحاجة إلى أي إصلاحات جزئية أو من النوع الذي تعودت عليه البلدان العربية خلال الفترة الماضية للهروب من الأزمات إلى مجرد الحديث عن إصلاحات هنا وهناك, مشير إلى أن قضية الإصلاح وآلياته هي قضية اليوم والأمس, والغد إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. وأضاف الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في الندوة التي أقامتها منظمة "صحفيات بلا قيود", عن "أولويات وآليات الإصلاح السياسي" صباح اليوم السبت بصنعاء, أن الحديث عن الإصلاحات الإدارية يتم في معزل عن الإصلاحات السياسية والثقافية, متسائلا: ما الذي حدث في اليمن بعد كل هذه السنوات من الحديث والثرثرة عن الإصلاح؟. وأوضح نعمان أن الأزمة الحالية التي تعيشها اليمن كانت ظاهرة من خلال أوضاع الجنوب, وحروب صعدة إضافة إلى الانسداد السياسي والتوجه نحو إقامة نظام بوليسي, حد تعبيره. وقال: إن "البلد الذي توحد حديثا أضحى مهددا بالتفكك", مستدلا بأن المظهر الثقافي يعد أحد مظاهر تفكك الدولة الهشة, متطرقا إلى أن الحوار عند منظري السلطة أصبح مجرد ترف. وأضاف الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني أن السلطة الحالية لا تريد أن تكون جزءا من المشكلة إن لم تكن هي المشكلة بكلها ولا تريد أن تكون جزءا من الحل إن لم تكن هي الحل بكله, مشيرا إلى أن أول قاعدة في طريق الإصلاح هي التوافق الوطني الذي يعترف فيه كل الناس بالمشكلة للسعي إلى حلها. وقال: "نحن في المشترك ومن حواراتنا مع هذه السلطة كنا نريد فتح نوافذ أو أبواب بهدف إيجاد أرضية مشتركة لإصلاح حقيقي, لكن وجدنا كل شيء مغلق", موضحا أن السلطة تريد الحوار من أجل الحوار وبهدف تحويل الحوار إلى تسوية بحيث تكون هي صانعة القرار. وأوضح أن اللقاء المشترك حين وجد الباب مغلقا من قبل السلطة, تحدث عن حوار سياسي وطني شامل, مشيرا إلى أن وثيقة الحوار التي تقدم بها اللقاء المشترك "لا نقول إنها مقدسة لكن هي وجهة نظرنا في إبداء الحلول التي نعتقد أنها مناسبة في تشخيص الأزمة", مبينا أن اللقاء المشترك لم يطرح برنامجا سياسيا للتنفيذ, بل طرح وثيقة حوار قابلة للتطوير سواء في تشخيص الواقع أو وضع الحلول. وقال إن "الخطاب الرسمي اليوم يحمل البلد نحو المجهول", محذرا من "أننا أمام وضع خطير بكل معنى الكلمة", مشددا على أن الهروب إلى الخارج لن يفيد. وأوضح أن التفاعل الذي بدأ في الداخل قبل مؤتمر لندن 27/1/2010, كان فيه الجميع يعصر ذهنه في البحث عن مفردات للحل, وعندما تدخل الخارج جرى تفريغ هذا التفاعل, حد تعبيره, مبينا أنه لا يمكن لأي أمة أن تقدم حلولا لهذا البلد ما لم يكن الشعب والنخب السياسية على علاقة بهذه الحلول. من جهتها, قالت الدكتورة روبن مدريد- المديرة السابقة للمعهد الديمقراطي والباحثة المهتمة بالشأن اليمني, إن الديمقراطية في اليمن لا يمكن فهمها دون الاستماع إلى المعارضة والمستقلين, موضحة بأنها غير يمنية ما يعني أنها لا تستطيع أن تقول لليمنيين كيف يكافحون من أجل الإصلاح. وأضافت مدريد, التي لم تزر اليمن منذ الانتخابات الرئاسية التي تمت في العام 2006, أن هناك نية للإصلاح في اليمن "لكنها ما زالت في بداية البناء, ومثل الطفل الذي يجب الاهتمام به". وأوضحت أنه "في أي مكان بالعالم حيث نجحت الإصلاحات كان للصحافة دور جوهري في جلب التغيير وحمايته", مضيفة "أنا أعرف ما تواجهه الصحافة باليمن حيث يتم أخذ الصحف إلى المحاكم بناء على تهم ملفقة, وهناك مضايقات للصحفيين والعاملين في الأعلام حيث يمنعون من التغطية والتصوير في بعض الأحوال". وتوجهت بحديثها إلى الصحفيين التي قالت إن عليهم أن ينظروا ببعد, "فالفيتناميين هزموا أمريكا والتغيير سيأخذ وقتا طويلا", مشيرة إلى أن الكتابات اليمنية كتابات فيها "كسل" إذ يكثر فيها تكرار الفكرة التي يمل القارئ من متابعتها. إلى ذلك قال الدكتور عبد القوي الشميري - أمين عام نقابة الأطباء والصيادلة إن الأزمة اليمنية أزمة سياسية وكل المظاهر الأخرى نابعة من هذه الأزمة ومنها قضية صعدة وقضية الجنوب وقضايا الاقتصاد وقضية القاعدة التي قال إن الحرب عليها تمثل القاسم المشترك بين الولاياتالمتحدة والنظام. وأضاف أن أصحاب المصالح غير المشروعة, ومنهم الرئيس علي عبد الله صالح, لا يمكن أن يقبلوا أي حل يتعارض مع مصالحهم. واستعرض الشميري جملة من الآراء في حل الأزمة اليمنية, ومنها تحويل العاصمة إلى عدن, والانتقال إلى الدولة المركبة, متطرقا إلى ثلاثة حلول أخرى على المستوى المحلي والعربي والدولي. وتقول تلك الحلول باحتمال تكوين لجنة حكماء من اليمنيين للتوسط بين السلطة والمعارضة والقوى الفاعلة لتقريب وجهات النظر للوصول إلى حوار لتشكيل حكومة وحدة وطنية, إضافة إلى الحل العربي والدولي في تكوين مبادرة من مثقفي الوطن العربي المستقلين لتقريب وجهات النظر أو تدخل الجامعة العربية أو تدخل الدول الإقليمية كما تدخلت في مصالحة الطائف بين الفرقاء اللبنانيين, أو المصالحة في السودان.