حبست دمعي وأنا أستمع إلى إعتذار الشاب أحمد منصور بكيش، أحد جرحى الثورة، وهو يُؤثر على نفسه منحة العلاج للشاب بسام الأكحلي. خلال زيارتنا له عصر أمس الأول، الزميل محمد الصالحي وأنا، لغرض إيصال بعض المال - المقدم له من أحد المحسنين - لتجهيز نفسه للسفر للعلاج في الصين على نفقة هذا الشخص. كان الشاب محرج جداً وهو يبرر لنا عدم جدوى سفره. "قال لي الدكتور المشرف إن هذا وضعي ولن أتمكن من السير على قدماي ثانية ولن ينفع لو سافرت"، برر عدم نيته للسفر. لكن هذا الشاب الممدد على سريره ولا يستطيع الجلوس أو الحركة إلا بمساندة الشاب المرافق له بيّن لنا السبب الحقيقي لذلك: "لماذا لا تعطوا بسام هذه المنحة العلاجية لأن حالته بحسب ما عرفت أصعب مني". وأضاف: "الأطباء قالوا له أن حالته غير ميئوس منها وأنه يحتاج إلى عملية جراحية لا تتوفر إلا في الخارج". لقد كان هذا سبب رفضه. فبسام الأكحلي، 21 عاماً، الذي قرأ عليه في صحيفة النداء، قبل أسبوع، أصيب في 19 فبراير الماضي من قبل بلاطجة النظام أثناء مشاركته في مسيرة تطالب بإسقاط النظام. وهو من الشباب الأوائل الذين خرجوا إلى شوارع العاصمة ورفعوا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". وبعد إصابته البالغة والخطيرة التي اعتقد الكثيرون بأنه ودع الحياة على إثرها، نصب الشباب الثوار، خيمتهم الأولى في المكان الذي أصيب فيه. أ حمد منصور، 21 عاماً، وهو أحد جرحى السبت الدامي، 13 مارس، الذي خلف أكثر من ألف مصاب بالذخيرة الحية والقنابل الغازية ومسيلات الدموع. استأثر على نفسه بطيب خاطر، لكنا حاولنا إقناعه وطمأناه بأن المحسنين لن يتركوا بسام وسنسعى من أجل أن نحصل له على منحة علاجية سريعة. قبل أحمد بالمبلغ بعد أن "حملنا أمانة عدم التخلي عن بسام الأكحلي". وبشأن السفر قال إن الطبيب المعالج أبلغه إن الحبل الشوكي انقطع ما يعني أنه سيفتقد للحركة مدى الحياة لكن موضوع علاجه يبدو مبشراً فالشاب بدأ يحرك بنان الرجل اليمنى، وبعد إصرار وعد بأن "يستخير الله والأطباء ويرد لنا عن رأيه". كان لموقف أحمد منصور، وصفة الإيثار التي يتمتع بها، تأثيراً بالغاً علينا وكدنا أن نبكي. ما يزال بسام على سرير مستشفى الكويت التعليمي بصنعاء، منذ إصابته وقد أطيب بطلق ناري في الرقبة وخرجت من الكتف وقدعملت على تمزيق الحبل الشوكي ما شلّ حركته للجزء الأسفل. ومعلوم أن هذه المنحة المقدمة لأحمد منصور بكيش، هي منحة علاجية خاصة تكفل بها رجل الأعمال اليمني عبد القادر شيخ، مقيم في الصين، وقد جاءت تجاوباً مع ما كتب في صحيفة النداء وأعيد نشره على موقع مأرب برس. كلاهما باتا مشلولين. وكلاهما بذلا جسديهما من أجل الثورة الشبابية السلمية وأصرا على الحفاظ عليها سلمية حتى لو دفعا ثمن ذلك غالياً. بسام الأكحلي وأحمد منصور شابان عظيمان يحملان أمل اليمنيين. * في الصور علي اليسار الجريح احمد منصور وعلى اليمين المصاب الآخر الأكحلي