تباينت ردود أفعال الشارع اليمني، حيال توقيع الرئيس علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية، ففي ساحات الثورة امتزج الاحتفال بما اعتبره الثوار تحققا للهدف الأول من أهداف الثورة، برفض المبادرة الخليجية لكونها تعتبر خيانة لدماء الشهداء، جراء إعطائها ضمانات لصالح ورموز حكمه من الملاحقة القضائية. رفض المبادرة الخليجية والاحتفال بالتوقيع عليها، ضدان لم يجتمعا إلا في ساحات الثورة، التي لا زالت الهتافات تردد فيها «وقع والا ما وقع.. لن ننسى شهداء القاع، لو وقع مليون توقيع دم الشهداء لن يضيع»، وغيرها من الهتافات الرافضة للمبادرة الخليجية، بالتزامن مع إطلاق الألعاب النارية احتفالا بالتوقيع عليها. اتفاق سياسي لا يعني الثوار وفي استطلاع ميداني أجراه «مأرب برس» في ساحة التغيير بصنعاء، عبر عضو اللجنة الإعلامية في الساحة، محمد العسل، عن فرحته بتحقق البند الأول من أهداف الثورة، وهو تنحي صالح، وتوقيعه على المبادرة الخليجية، غير أنه في ذات الوقت يؤكد بأن الثوار منذ اليوم الأول أعلنوا رفضهم للمبادرة الخليجية، ولا زالوا يرفضونها لأنها تعطي صالح ضمانات وحصانة من المحاكمة. وقال العسل بأن الثوار لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخلوا الساحات حتى تتحقق كامل أهداف ثورتهم، وفي مقدمتها محاكمة صالح، وأركان نظامه، وأفراد عائلته على الجرائم التي ارتكبت بحق الثوار وأبناء الشعب اليمني. الشاب فضل مغلس، أكد كذلك بأن التوقيع على المبادرة الخليجية لا تعني الثوار في شيء، وقال بأنها تعتبر رأيا شخصيا لقادة المعارضة، وقادة المعارضة لم يكونوا في يوم من الأيام أوصياء على الشباب في الساحات، ولهذا فإن التوقيع على المبادرة الخليجية لن يثني الشباب عن مطالب الثورة وتحقيق كامل أهدافها. أما أحمد المسعودي فيرى بأن المبادرة الخليجية مجرد اتفاق سياسي، لحل الأزمة السياسية بين الأحزاب ولا تلبي مطالب الشعب وشباب الثورة، وبالتالي فإن الثورة مستمرة حتى إسقاط النظام وتحقيق كامل أهداف الثورة، فيما يرى أمين الشرعبي بأن التوقيع على المبادرة الخليجية بداية جديدة لانطلاق للثورة الشبابية، ويوافقه في ذلك محمد عبده، الذي أكد بأن الشباب ما لم يواصلوا ثورتهم واستكمال أهدافها فإن الكثير من المشاكل ستبرز في المستقبل. هل أصبح صالح رئيسا سابقا لليمن..؟ وفي استطلاع أجراه «مأرب برس» عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، تباينت آراء المئات من المشاركين في الاستطلاع، بين من رأى في أن صالح سيحكم من خلال نائبه، ولن يتخلى عن السلطة، وبين من رأى بأن صالح أصبح رئيسا سابقا لليمن. مشارك يرمز إلى اسمه ب«رياح التغيير» أكد بأن صالح تنازل عن السلطة في ورق المبادرة الخليجية فقط، أما نفوذه على الأرض لا زال قائما ولم ينقطع، بعد، فيما يرى محمد رشاد بأنه من المبكر أن نقول حاليا بأنه أصبح رئيسا سابقا، لأنه لا يزال رئيسا حتى إجراء انتخابات رئاسية ويسلم السلطة لرئيس منتخب، وفقا للمبادرة الخليجية. ويرى أحمد صالح بأن التوقيع على المبادرة سيكون مقدمة لسيل جديد من الدماء والشهداء، مشيرا إلى أن توقيع صالح على اتفاق العهد والاتفاق في الأردن جاءت بعده حرب صيف 1994. أما أكثر الآراء غرابة فقد تكررت عبر عدد من المشاركين على الاستطلاع، حيث اعتبرت بأن صالح أصبح رئيسا قادما لليمن، على اعتبار أن صالح كان يبحث عن تصفير العداد، وبموجب هذه المبادرة سيتمكن من تعطيل الدستور، وتصفير العداد وبالتالي سيكون من حقه الترشح لمنصب الرئاسة مجددا. فيما أوضح مشاركون آخرون في الاستطلاع بأن صالح تمكن من خلال التوقيع على المبادرة أن يضمن بقاءه رئيسا لليمن إلى ما بعد انتهاء فترته الرئاسية عام 2013، لأنه سيضع العراقيل أمام إجراء أي انتخابات رئاسية تزيحه عن كرسي الرئاسة. حل سياسي وليس انجازا ثوريا أحد المشاركين في الاستطلاع اعتبر التوقيع على المبادرة الخليجية حلا سياسيا وليس انجازا ثوريا، لأن الثورة نافية للطرف الآخر، والمعارضة أصبحت بموجب المبادرة شريكا في الحكم. أما المشارك وديع القباطي فأكد بأن صالح لن يقبل بنصف ملكه، وفقا للمبادرة الخليجية، في الوقت الذي قبلت فيه المعارضة بنصف ثورة، وأن تكون جزءا من نظامه. غير أن الرأي السائد في الشارع اليمني لا زالت الرؤية أمامه غير واضحة، بأن هذه المبادرة حلا أم بداية لأزمة جديدة، وبكل تأكيد ستزيح الأيام القادمة جميع الضباب الذي لا زال يخيم في أفق المستقبل السياسي في اليمن.