وقعت سوريا بعد ظهر الاثنين في مقر الجامعة العربية في القاهرة البروتوكول المحدد للإطار القانوني ومهام بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، وذلك بعد أكثر من شهر من المشاورات بين الحكومة السورية ولجنة المتابعة للجامعة العربية. جاء هذا في الوقت الذي أعلن فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن الفريق الأول من البعثة العربية سيتجه إلى دمشق في خلال 72 ساعة. وقد وقع عن الحكومة السورية نائب وزير الخارجية فيصل المقداد وعن الجامعة العربية نائب الأمين العام أحمد بن حلي في حضور الأمين العام للجامعة . وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الاثنين إن سوريا وقعت على مبادرة السلام العربية لإنهاء تسعة شهور من إراقة الدماء. وأضاف المعلم في ندوة صحافية أن بلاده وقعت على البروتوكول بعد أن وافقت الجامعة العربية على تعديلات سورية لم يحددها، غير أنه أكد أنها جاءت بعد أن "لمسنا حرصا على سيادتنا الوطنية"، مشيرا إلى أن سوريا رفضت المبادرة بصيغتها السابقة بسبب رفض المقترحات السورية. وأوضح المتحدث أن حكومته لم تكن لتوقع على المبادرة لولا قبول الجامعة العربية بالاقتراحات السورية، التي قال المعلم إنها وافقت على 70 بالمائة منها، بعد استشارة خبير قانوني متفق عليه من الطرفين. البعثة خلال 72 ساعة ومن جانبه قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الاثنين إن "وفد المقدمة" لبعثة المراقبين العرب الذي سيعد الترتيبات اللوجيستية للبعثة سيتوجه إلى دمشق خلال 72 ساعة. وصرح العربي في مؤتمر صحافي، بعد توقيع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد البروتوكول الذي يحدد الإطار القانوني ومهام بعثة المراقبين العرب، بأنه سيتم "خلال يومين أو ثلاثة إيفاد مقدمة من المراقبين برئاسة السفير سمير سيف اليزل الأمين العام المساعد للجامعة العربية وبمشاركة مراقبين أمنيين وقانونيين وإداريين". وأضاف أن البعثة "ستتبعها بعثات أخرى يضم كل منها 10 مراقبين متخصصين في حقوق الإنسان والنواحي القانونية والأمنية"، مضيفا بالقول "لدى الجامعة العربية قائمة تضم 100 مراقب من منظمات غير حكومية عربية وممثلي حكومات عربية وسيتم رفع هذا العدد فيما بعد". وشدد العربي على ضرورة وجود "حسن نوايا" لدى جميع الأطراف لتنفيذ البروتوكول، مشيرا إلى أن "المراقبين سيقومون بالتحرك في مختلف المناطق السورية وإعداد تقارير". وقال العربي إن "البروتوكول لا يعدو أن يكون آلية عربية للذهاب إلى سوريا والتحرك بحرية في المناطق المختلفة للتحقق من تنفيذ المبادرة العربية التي سبق ووافقت عليها الحكومة السورية". وأكد الأمين العام للجامعة أنه "خلال أيام لا تتجاوز الأسبوع سيتم عقد اجتماع موسع للمعارضة السورية بكافة أطيافها بالجامعة العربية لبلورة موقفها وسيتم بعد هذا الاجتماع دعوة الحكومة السورية لحوار مع المعارضة". ترحيب سوري ومن جانب آخر أكد وزير الخارجية السورية وليد المعلم أن المراقبين الذين سيتوجهون إلى بلده بموجب البروتوكول "مرحب بهم" في سوريا. وأضاف المعلم قائلا "لنبدأ هذه الصفحة بالتعاون مع الأمين العام للجامعة العربية وبعثة المراقبين الذين نرحب بهم في وطنهم الثاني سوريا". وأوضح المتحدث أن حكومته ستتعامل بكل جدية ومهنية مع البعثة العربية، وتعهد بحماية أمن عناصر البعثة وتسهيل عملها من خلال تنصيب لجنة سورية من خبراء بهدف العمل المباشر من الخبراء الذين سترسلهم الجامعة العربية إلى سوريا. وحول سؤال حول احتمال تعرض أعضاء البعثة إلى مضايقات أو عمليات مسلحة، أوضح الوزير أن وزارة الداخلية ستوفر الحماية الكاملة لهؤلاء "غير أنه إذا تعرضت البعثة لمكروه فإن هذا لا يسبب حرجا لسوريا ولكنه سيبرر موقفنا إزاء وجود عناصر إرهابية". اتهام أطراف عربية وفي سياق متصل وجه وليد المعلم اتهامات إلى بعض "الأطراف العربية" التي لم يسمها بمحاولة تدويل القضية السورية من خلال إحالتها على مجلس الأمن الدولي بهدف توسيع العقوبات الاقتصادية على سوريا من نطاقها العربي إلى الدولي. وأوضح المعلم في هذا الشأن قائلا "من يريد مصلحة الشعب السوري لا يفرض عقوبات اقتصادية ويسعى لتدويل القضية عبر مجلس الأمن". كما اتهم المعلم هذه الأطراف بالمماطلة في التوقيع على البروتوكول الخاص بالبعثة العربية، وذلك من خلال رفضهم إدخال أي تعديلات على مشروع البروتوكول، بعد أن تقدمت دمشق ببعض التعديلات على النص الأصلي للمبادرة. وأضاف أنه لا يوجد أي مبرر للتدويل، مشيرا إلى أن بيان الجامعة العربية الأخير "سيئ ولا يستند إلى حقائق". وحول إمكانية إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن، أكد المعلم أن بلاده لا تخشى من ذلك، حيث قال "لا نخشى مجلس الأمن لأنه على الأقل هناك أطراف نستطيع التحاور معها مثل روسيا والصين وأن نوايا بعض الدول تختلف عن نوايا بعض الدول العربية". وبخصوص الموقف الروسي الأخير على خلفية تقديم موسكو مشروعا لمجلس الأمن حول سوريا، أكد المعلم أنه ليس هناك أي تغيير في موقف روسيا المساند لسوريا، مؤكدا أن دمشق وقعت البروتوكول مع الجامعة العربية "بناء على نصيحتها". وقال المعلم إن "التنسيق مع الروس يتم بشكل يومي. لا يوجد أي تغير في موقف روسيا"، مضيفا أن روسيا "موقفها واضح وهم كانوا ينصحون سوريا بالتوقيع على البروتوكول ونحن لبينا هذه النصيحة أيضا". الوضع الميداني ميدانيا أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ستة مدنيين قتلوا برصاص قوات الأمن السورية في محافظتي درعا ودير الزور. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان "في محافظة درعا استشهد شاب صباح الاثنين في قرية العجمي غرب مدينة درعا إثر إطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن السورية". وأضاف البيان أنه في المحافظة نفسها "استشهد مواطنان في مدينة الحراك وأصيب ثمانية بجراح بعضهم بحالة حرجة واعتقل العشرات إثر اقتحام قوات أمنية وعسكرية سورية المدينة صباح الاثنين". وفي محافظة دير الزور أكد المرصد مقتل ثلاثة مواطنين وإصابة العشرات بجراح في مدينة القورية إثر إطلاق نار عشوائي من رشاشات ثقيلة ومتوسطة عقب اشتباكات عنيفة بين مجموعات منشقة والجيش والأمن النظامي السوري، استولت خلالها مجموعة منشقة على سيارة تابعة للأمن العسكري. من جهة ثانية قال المرصد إن "عشرات آلاف السوريين خرجوا إلى شوارع حي الميدان في دمشق احتجاجا على مقتل طفلة يوم الأحد برصاص قوات الأمن السورية".