قبل أن يجف دم المشاركين في مسيرة الحياة الراجلة لخمسة أيام من مدينة تعز إلى مدينة صنعاء من اعتداءات قوات الأمن والحرس الجمهوري و "بلاطجة" في دار سلم بالعاصمة كان السفير الأمريكي جيرالد فاير ستاين يطلق تصريحاته لوسائل الإعلام على أن مسيرة الحياة ليست سلمية، الأمر الذي أثار استياء واسعا لدى شريحة واسعة من اليمنيين مطالبين بالاعتذار أو الرحيل. عصر السبت وصل عشرات الآلاف إلى مشارف صنعاء واستقبلوا من أسطح المنازل وفي الشوارع استقبال الأبطال، وكان السيد فاير يعقد مؤتمرا مصغرا حضرته ثلاث وسائل إعلامية ليصف المسيرة بأنها غير سلمية، وبين اللحظات التي عقد فيها المؤتمر الصحفي وعودة الصحفيين لكتابة الخبر سقط 13 شهيدا وعشرات الجرحى. قال جيرالد فاير ستاين في تصريحات تداولتها المواقع الصحفية ولم ينفها إن مسيرة الحياة «ليست سلمية»، يواصل السفير ثقته في ما يقول رغم استخدامه كلمات "تبدو" و "نية" التي لا تدل على اليقين قائلا: "يبدو أن لديهم نية بأن لا يقوموا بمسيرة سلمية ولكن الوصول إلى صنعاء بهدف إثارة الفوضى والتسبب برد عنيف من قبل الأجهزة الأمنية". لم يقتصر الأمر على ذلك فيتحدث فاير ستاين بثقة غير مسؤولة ليقول: لا يعد الأمر قانونيا، ويستخدم فعل "قال" الذي لا يتعدى إلى الفعل ولا يمكن له أن يبرر القتل والاعتقال والعنف المفرط ضد مسيرة سميت "مسيرة الحياة": "إذا قال الناس أنهم يريدون أن يصلوا قصر الرئاسة والبرلمان لمحاصرتهما فإن هذا ليس شرعيا". لا شيء مهم في حديث لجيرالد فاير ستاين في مؤتمر "الثلاث وسائل إعلامية المصغر" حول المسيرة، التي اعتبرها استفزازية تؤدي إلى مزيد من ردة الفعل والعنف ليوضح حرصه على البلاد قائلا: وهذا لا يفيد البلاد والحكومة الجديدة وتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. ردود فعل شعبية ورسمية غاضبة جاءت ردود الفعل الأولى على تصريحات جيرالد فاير ستاين سفير أمريكا "المستفز" شعبية في ساحات الحرية والتغيير التي تستعد لتنفيذ مسيرات احتجاجية ضد تصريحات سفير أمريكا ، كما أنشأ ناشطون على الفيس بوك صفحة خاصة بحملة إرحل للسفير الأمريكي في اليمن، سفير امريكا جيرالد فايرستاين - إرحل او اعتذر- انضم إليها أكثر من ألف كما كتبت شخصيات سياسية وصحفية عبارات استنكار لتصريحاته المسيئة للثورة والشعب اليمني. وبدأ ناشطون بإرسال رسائل استهجان ضد السفير الأمريكي على صفحات البيت الأبيض ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والرئيس الأمريكي باراك أوباما كما بعثوا برسائل أخرى على موقع الخارجية الأمريكية وعلى موقع سفارة أمريكا بصنعاء. الناشطة اليمنية توكل كرمان وصفت تصريح جيرالد فاير ستاين في مقال لها بعنوان "السفير الأمريكي بصنعاء محامي الشيطان وصديق البلاطجة" بالمؤسف والمخجل ومحزن في آن ، مطالبة بالاعتذار على تصريحه المحرض، وأضافت توكل: "ننتظر أيضا توضيحا كيف تسنى له معرفة أن لدى المشاركين " نية " بأن لا يقوموا بمسيرة سلمية". وقالت توكل كرمان في صفحتها على الفيس بوك "إذا كان تصريح السفير المعلن بكل هذه الوحشية فآن لنا أن نشعر بالرعب مما قاله عبر الهاتف والغرف المغلقة". الصحفي والشاعر فؤاد الحميري كتب على صفحته ساخرا (سيدة كلنتون.. هل يمكن أن تحدثيني عن الشروط المطلوبة في السفراء الأمريكيين. فربما أجد لحماري عملا عندكم.) الشاعر فتحي أبو النصر على صفحة الفيس بوك قال أن السفير الأمريكي يعمل من أجل التوريث، ويضيف "منذ بداية الثورة وهو يتعامل مع اليمنيين لكأن بينه وبينهم ثأراً شخصياً متراكماً؛ إذ بعيداً عن أبسط منهجيات العمل الديبلوماسي اللائق ، لايكتفي بالتعليق وإنما بالتحريض ، ونقل الصور المتجزأة المشوهة لإدارته على مايبدو ، وصولاً إلى دفاعه السافر عن العائلة وإرثها ، فيما يراه واجباً لما يسميه التوازن المفروض / والحاصل انه ينشر من خلال شهدائنا وجرحانا ومعاناتنا لامبالاته التامة وبوقاحة عجيبة ، كما يبدو كمجمرة تفوح ببخور التوريث" وعلق جميل على تصريحات السفير الأمريكي "كلام هذا الحقير لا يعنينا"، فيما كتب رجل الأعمال المعروف والمؤيد للثورة على صحفته على الفيس بوك " لا تتعجبوا ولا تستغربوا.. توقعوا أي شيء وكل شيء .. ثروة هائلة طريدة الحق والعدالة تشتري الخبراء والسفراء والأمراء ومندوبين الأمناء". وفي بيان صادر عن وصف المجلس الثوري لتكتل شباب الثورة في محافظة تعز تصريحات السفير الأمريكي ب "غير مسؤولة ومخيبة لآمال وتطلعات شباب اليمن المتطلع للتغيير". وطالب المتحدث باسم المجلس الثوري السفير الامريكي بسحب تصريحاته وتقديم الاعتذار، مشيراً إلى ان مسيرة الحياة قدمت 9 شهداء وأكثر من مائتي جريج على يد قوات صالح "الذي تدافعون عنه". فاير.. ليست المرة الأولى تتفق الكثير من الشخصيات والجهات على أن صالح يملك تأثيرا واضحا على سفير أمريكا بصنعاء، وهذه ليست المرة الأولى للسيد فاير وفي يوليو الماضي وفي حوار سابق قال الشيخ صادق عبد الله بن حسين الأحمر: إن الذي يحكم اليمن حالياً هو السفير الأمريكي عبر النائب عبد ربه وبقية أركان النظام". وفي تصريحاته المتواصلة كان السفير الأمريكي يقف بقوة إلى جانب السلطة، على الاقل هذا ما يراه اليمنيون الذين خرجوا للمطالبة بإسقاط صالح "العنيد" كما يصفه فاير. واليوم وقع الجميع على "المبادرة الخليجية" بما فيهم صالح وسفير أمريكا حريص على منحه الحصانة، وعلى تنفيذ المبادرة الخليجية وإفادة البلاد حسب تصريحاته، والضغوط التي يقال أنها تمارس على المعارضة تأتي من جهة الولاياتالمتحدة التي يعمل جيرالد فاير ستاين سفيرا لها بصنعاء ولا تستطيع المعارضة أن تتعامل معها بمواقف رسمية حيث لم يصدر موقفا رسميا مما قاله السفير، ولن يستطيع أن يجعل السفير أقل استفزازا سوى الحملة التي يقودها شباب الثورة، إعتذر أو ارحل.