في إطار الجهود التي تبذل مؤخرا من اجل محاربة الفساد، وهو الهدف الذي تتفق عليه جميع الشرائح والجهات السياسية في اليمن على اختلاف مشاربها, فان موظفي وزارة الخارجية شرعوا مؤخرا في إثارة قضايا الفساد في وزارتهم في محاولة منهم لإيقاف الفاسدين وكبح عجلة التدهور في هذه الوزارة السيادية الهامة. ومن أهم تلك القضايا التي تثار، قضية مبنى الوزارة الحديث الذي تم بنائه بالتعاون مع حكومة الصين, وهو المبنى العصري الذي تم الانتقال إليه في العام 2008 ليكون الواجهة المشرفة لليمن وقبلة الزوار من الوفود الأجنبية والممثلين الرسميين للدول الأخرى الذين يرتادونه بشكل شبه يومي. اليوم يقف ذلك المبنى الشامخ منكسرا وهو الآن آيل للسقوط بالرغم انه لم يكمل بعد عامه الرابع. المبنى ومنذ إنشائه كان محل انتقاد العديد من المتخصصين من الكفاءات الهندسية التي تزخر بها بلادنا. فقد أطلق عدد من المهندسين اليمنيين العاملين في مبنى مجلس النواب المجاور لمبنى الخارجية، تحذيراتهم وأرسلوا ملاحظاتهم القيمة ونبهوا إلى أخطاء في عملية البناء. وهي أخطاء ناجمة عن الاستهتار وعدم الإحساس بالمسئولية من قبل بعض الأطراف ذات العلاقة بحسب بعض الموظفين. وشاهد الموظفون في الوزارة ومنذ الأسبوع الأول من بدء الدوام في المبنى، شاهدوا شرخا أو فجوة كبيرة في أساسات مبنى الوزارة وتم إصلاحها سريعا, واستمرت التصدعات والهبوط وتسريب المياه إلى بدروم الوزارة وظهرت شروخ في النوافذ, بالإضافة إلى رداءة تسليكات الكهرباء والتي تم تحذير قيادة الوزارة منها في تقرير رسمي أشار إلى أن الوزارة مهددة بحريق في أي لحظة بسبب عملية التسليك الكهربائية السيئة. وأشار تقرير رفع إلى أحد قيادات الوزارة عن المبنى إلى أن المياه تتسرب إلى بدروم المبنى والذي يحتوي على أرشيف وزارة الخارجية, وأرشيف الدولة للعلاقات الخارجية بكل اتفاقياتها الدولية ووثائقها البالغة السرية والأهمية يتعرض للتلف لأن "السباكة" ليست على ما يرام, وهو ما يوضح مدى الاستهتار الذي وصل إليه المسئولين في الوزارة وفقا لما ذكره عدد من الموظفين. كما أشار التقرير إلى الروائح الكريهة في الوزارة لنفس الأسباب, ولنا أن نتخيل أيضا أن مبنى الوزارة السيادية ووجه اليمن للعالم الخارجي يفوح بروائح مثل هذه, ويستقبل المبعوث الأجنبي في مبنى وزارة الخارجية بمثل هذه الروائح. يمثل مبنى الوزارة السيادية الهامة في اليمن قضية فساد وخيانة للمسئولية والثقة التي منحها المواطن للمسئولين في وزارة الخارجية, واستهتار كبير بأرواح الناس. إن المبنى الذي يفترض أن يمثل منجزا وطنيا أصبح مزينا بالتصدعات والمشاكل, ويتوقع المختصون أن لا يصمد المبنى الآيل للسقوط لأكثر من سنوات قليلة الأمر الذي يعد خسارة مادية ومعنوية للبلاد. الجدير بالذكر أن من إحدى المشاكل القائمة في المبنى، مشكلة مصعد الوزارة الذي يعاني هو الآخر من الفساد ويصيبه العطل بشكل دائم ويتوقف بالموظفين وهم بداخله, وسبق أن سقط سقف المصعد فوق رأس أحد الموظفين, وتسبب في أزمة قلبية لشقيق مسئول رفيع في الحكومة الحالية. كما أنه تسبب في احتجاز موظف آخر بداخله وأصبح استخدام المصعد يشكل مغامرة يومية للموظفين. يوجد هناك مصعد آخر يقع في نفس مبنى الوزارة بجوار المصعد المنكوب، ويعمل بشكل ممتاز ولم تسجل حتى الآن أي إصابات أو اختناقات بداخله، لكن استخدامه مقصور على معالي وزير الخارجية فقط ولا يسمح لأحد غيره باستخدامه. * مرفق بهذا التقرير صور للتشققات التي أصابت مبنى الوزارة وتقرير صادر من إدارة المشتريات بوزارة الخارجية اليمنية يوضح الوضع الهش للمبنى.