بعد أكثر من شهرين على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني يواصل الكثير من أعضائه انسحابهم لأسباب بعضها تبدو منطقية وأخرى غير عقلانية في نظر المراقبين. كما تم استبدال بعض أعضاء الحوار من قبل أحزابهم والكتل التي يمثلونها بسبب تصرفات وسلوكيات صدرت منهم، حيث اعلن حزب المؤتمر الشعبي العام عن استبدال عضو الحوار محمد عبدالله الجائفي بعادل الشجاع، وجاء هذا الاستبدال على خلفية حملة الانتقادات التي ظهر بها وزير التربية والتعليم الأسبق، وأحد مؤسسي المؤتمر الشعبي العام محمد عبدالله الجائفي، حيث قال - في تصريحات صحفية: إن كلاً من علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض يعملان على تخريب الوحدة، وإنهما ارتكبا أخطاءً جسيمة في حق اليمن ولكنهما اليوم يقدمان الوحدة قرباناً لأخطائهما كعادة الطواغيت - حد تعبيره. وكان الجائفي قد أعلن قبل أيام استقالته من حزب المؤتمر احتجاجاً على تصرفات صالح، إزاء قضايا البلاد المصيرية، وبرر الجائفي استقالته - في تصريحات صحفية - بسبب إقدام صالح بالتفريط في وحدة البلاد بعد أن تقدّم برؤية تمثل رؤيته الخاصة باسم المؤتمر الشعبي العام كذباً وزوراً إلى مؤتمر الحوار الوطني، فيما يتعلق بشكل الدولة. وبحسب الجايفي، الذي كان عضواً بفريق صعدة، فإن هذه «الرؤية الشخصية» لعلي صالح تنص على «فسخ الوحدة واستبدالها بدولة اتحادية فيدرالية وتقسيم اليمن الواحد إلى عدّة أقاليم مستقلة, مما سيفتح الباب واسعاَ لتخريب وحدة الوطن أرضاً وإنساناَ ونظاماَ» - حسب تعبيره. من جانبه استبعد حزب التجمع الوحدوي اليمني ممثله في مؤتمر الحوار الوطني عبدالهادي العزعزي, واستبدله بشخص آخر. وقال العزعزي في صفحته على ال"فيسبوك": إن أمين عام الحوار الوطني أبلغه رسميا أن الأمين العام لحزب التجمع الوحدوي باسم الأمين العام استبدله من تمثيل الحزب. وذكر العزعزي أنه تم استبداله من عضوية مؤتمر الحوار بالدكتورة أمل منصور، التي تعتبر ابنة أحد مناضلي الحزب الكبار. وأضاف: أن الحزب فشل في التحول إلى مدرسة فكرية وتحول إلى ما يشبه الديوان المحصور في شله من المعاريف بعد فقدان القامات الكبيرة. وأشار إلى أن قيادة الحزب لا تقبل الخلاف في الرأي معه وعجزت عن تقبله بسبب فارق السن والفهم المختلف والتعاطي مع القضايا. وشكر العزعزي كل من تضامن معه، واستنكر هذا العمل الذي أقصاه من مؤتمر الحوار. يُذكر أن سبب استبعاد العزعزي هو مواقفه وآراؤه المناوئة لأعمال العنف التي يمارسها الحوثي في اليمن. وفي آخر الانسحابات المسجلة لأعضاء مؤتمر الحوار أعلن عضو المؤتمر صلاح الصيادي انسحابه من المؤتمر وطلب باستبداله بأحد كوادر حزب الشعب الديمقراطي (حشد). وكان الصيادي قد خاطب أمانة الحوار في رسالة - حصل "مأرب برس" على نسخة منها - باعتماد حسين عبدالله الأحمد من ابناء محافظة الضالع بدلا عنه ضمن حصة حزب الشعب الديمقراطي.. ولم يورد الصيادي اسباب انسحابه المفاجئ. وكان الشيخ محمد ناجي الشايف قد أعلن في وقت سابق في رسالة وجهها للرئيس هادي انسحابه رسمياً من مؤتمر الحوار الوطني، مرجعاً ذلك إلى أسباب خاصةٍ وعامة. وتضمنت رسالته تسعة مطالب رئيسية بدأها باشتراط إرجاع كافة المظالم إلى أهلها من حقوق خاصة وعامة ومحاسبة كل المتسببين والمستغليين كما وصفهم, مطالباً في ذات الوقت بتشكيل حكومة لا تقوم على محاصصة بل على الكفاءة والمقدرة والنزاهة. كما شدد في سياق رسالته على رفع الظلم الواقع على أبناء تهامة , وأعلن استنكاره لما وقع على الجنوبيين من ظلم من قبل اشخاص قال انهم معدودون ومعروفون من الشمال والجنوب. وفي وقت سابق أعلن عضو مؤتمر الحوار والناطق باسم أنصار الله في الحوار الوطني علي البخيتي انسحابه من فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار، وذلك لعديد من الاسباب، ومنها رفض القوى المشاركة في حرب 94 والموقعة على النقاط العشرين التي اصدرتها اللجنة الفنية للحوار الوطني الاعتذار عن حرب صيف 94 ، وكان البخيتي قد أرجع اسباب انسحابه الى مراوغة بعض القوى السياسية وعدم رغبتها في الاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية تتطلب معالجات استثنائية وشجاعة - حد تعبيره. وفي أشهر الانسحابات التي شهدها مؤتمر الحوار كان الشيخ أحمد بن فريد الصريمة - نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني - قد أعلن انسحابه النهائي والكامل من الحوار، بعد أكثر من أسبوع على انسحابه المنقوص واعتكافه في عمان، وكان الصريمة قد هاجم عضو المكون الذي يرأسه (المؤتمر الوطني لشعب الجنوب) ونائبه محمد علي محمد، وقال: إنه لم ينسحب معه كما كان مفترضاً. وكان رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي قد أعلن انسحابه في وقت مبكر من انعقاد جلسات مؤتمر الحوار، وأرجع اليدومي اسباب انسحابه الى عدم رضاه عن التمثيل الحقيقي والمناسب لشباب الثورة في مؤتمر الحوار ليعلن تنازله عن مقعده في الحوار لأحد شباب الثورة. وفي الوقت الذي شهد فيه مؤتمر الحوار كل تلك الانسحابات كان حميد الأحمر قد أعلن عدم مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني.. مرجعا ذلك إلى أن قرارات تشكيل مؤتمر الحوار وإقرار نظامه الداخلي تضمن عددا من المخالفات، التي قال إنها تتعارض مع بنود ومضامين المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، إضافة إلى عدم تمثيل أبناء محافظة صعدة, وتضمين قوائم الشباب والمرأة أسماء من خارج الساحات. وقال الأحمر، الذي ورد اسمه في قائمة حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي ينتمي إليه، في بيان صدر عن المكتب الإعلامي له آنذاك، إنه تابع شخصياً أعمال اللجنة الفنية للتحضير والإعداد للحوار الوطني، وقدّم النصائح المتتالية للرئيس هادي لتلافي أوجه القصور التي كانت تظهر، وقال: إن هادي كان "يتلقى معظم الملاحظات والآراء بإيجابية ويعد باتخاذ ما يلزم إزاءها". وتزامنًا مع إعلان حميد الأحمر عدم مشاركته في الحوار أكدت القيادية في الثورة الشبابية الشعبية توكل كرمان, الحائزة على جائزة نوبل للسلام, مقاطعتها لمؤتمر الحوار الوطني، وقالت عبر منشور في صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك" في ذلك الوقت إنها لن تشارك بمؤتمر الحوار الوطني بسبب عدم اختيار ممثلين حقيقيين للشباب والمرأة والمجتمع المدني. حيث تم اختيار أغلب الممثلين بصورة أكدت صحة المخاوف والمآخذ التي سبق أن أعلنتها عند انسحابها من اللجنة المكلفة باختيار الأسماء وقاطعت جلساتها . وأشارت توكل كرمان - في المنشور - إلى أن النضال مع الشباب من خارج المؤتمر سيكون وسيلتهم للمشاركة في صناعة التغيير في اليمن، واختمت منشورها: "أقول - أيضًا - إنني قد أقرر المشاركة فقط في حال تم تغيير القوائم المقترحة للشباب والمرأة والمجتمع المدني بممثلين حقيقيين وبدون محاصصة، وهو ما أتمناه وأطالب به". ووسط كل تلك الانسحابات التي عصفت بمؤتمر الحوار الوطني يخشى مراقبوان أن يؤثر ذلك على مخرجاته مع أن رئاسة الحوار وأمانته العامة أكدت أن أي انسحاب لأحد أعضاء مؤتمر الحوار لن يؤثر على سير أعماله ومخرجاته. الجدير بالذكر أن الرئيس هادي كان قد أعلن في أولى جلسات مؤتمر الحوار على أن الباب مفتوح لكل من لا يرغب في الاستمرار.