قبل ثلاثة أعوام شكل البرلمان لجنة لتقصي الحقائق حول مشكلة نهب الأراضي بمحافظة الحديدة التي أصبحت كابوساً مزعجاً يؤرق أبناء المحافظة نتيجة السطو على مساحات شاسعة من أراضي المحافظة سواءً على الشريط الساحلي أو المدخل الشرقي وحرم مطار الحديدة والمدخل الشمالي وغيرها من الأراضي, وتسببت هذه الأراضي في مواجهات مسلحة يقف وراءها مسؤولون وقيادات عسكرية ونافذين يتصارعون على هذه الأراضي للفيد والنهب بحسب قوة هذه العصابات المدججة بالأسلحة. وفي هذا السياق أغلق عمال وموظفو الثروة السمكية بمحافظة الحديدة ميناء الاصطياد السمكي احتجاجاً على استيلاء مسلحين يتبعون أحد رجال المال على أراضي الجمعية السكنية الخاصة بهم. وأعلن المحتجون إضرابهم الشامل عن العمل نتيجة ما أسموه ب"السطو" على أراضيهم من قبل مسلحي الشيخ "أ,ص,ع" مؤكدين أنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى يرتفع المسلحون من أراضيهم ويتم الاحتكام إلى القضاء وليس إلى قوة المال والسلاح. من جهته أوضح عدد ممن كانوا في هذه الأرض بأن هذه الأرض ملك للشيخ العيسي بموجب شراء شرعي من عقارات الدولة ومواطنين. هذا وقد حذرت أوساط اجتماعية وأمنية بمدينة الحديدة من مغبة اندلاع اشتباكات بين موظفي الثروة السمكية ومسلحو رجل الأعمال "أ,ع" الذين يدعون ملكيتهم لأراضي تقع جنوب مدينة الحديدة. وتعرضت أراضي مدينة الحديدة للنهب والسطو من قبل نافذين وقيادات عسكرية ومسؤولين على امتداد الشريط الساحلي وكذا الواقعة في حرم المطار ومدينة منظر وشمال المدينة حيث يتهم أبناء محافظة الحديدة مدير مكتب الأراضي السابق الذي كان يشرعن لهؤلاء الناهبين معتمداً على الازدواجية في إصدار الوثائق حيث أصبحت أطراف عدة تتنازع على نفس الأرضية وكل طرف يدعي ملكيته لها ويحمل وثائق صادرة عن مكتب الأراضي وهو ما تسبب في حدوث مواجهات مسلحة وخلفت هذه المواجهات قتلى وجرحى, في الوقت الذي خرج منها أبناء الحديدة لا ناقة لهم في هذه الأراضي ولا جمل. وكان مجلس النواب قد شكل لجنة لمناقشة نهب أراضي الحديدة في عهد النظام السابق وتفاجأ الجميع بتكتم على الموضوع والتوقف عن مناقشته, في حين سربت مصادر خاصة من مجلس النواب أن توجيهات من الرئيس السابق "صالح" هي التي جعلت المجلس يتراجع عن مناقشته لهذه المشكلة خصوصاً بعد تورط الكثير من المسؤولين في عملية النهب, ليذهب ملف نهب أراضي الحديدة في مهب الريح ويضع ألف علامة استفهام. وكانت لجنة برلمانية شكلت لتقصي الحقائق حول أراضي الحديدة قد كشفت في شهر ابريل من عام 2010م عن تورط 148 متنفذاً بالتعدي على الأراضي بمحافظة الحديدة، إضافة إلى تلقيها 106 من ملفات شكاوى المواطنين ممن نهبت أراضيهم. وأوضحت إحصائية لفرع الهيئة العامة للأراضي أوردها التقرير حصول ما يزيد عن 400 حالة اعتداء على أراضي الدولة بمديريات الحديدة. وبين التقرير أن معظم الاعتداءات على الأراضي حاصلة من قبل عسكريين ومسؤولين مدنيين وشخصيات اجتماعية وأعضاء بمجلس النواب، أو من قبل تجار بمساندة عسكريين ومسلحين، مما أسهم في عزوف المستثمرين. وجاء نزول التقرير بعد ملاسنات بين يحيى الراعي رئيس المجلس والنائب عبدالكريم شيبان، عضو لجنة تقصي الحقائق حول شكاوى الأراضي بمحافظة الحديدة، والذي احتج على ما قال إنها "تعديلات جرت على التقرير"، الأمر الذي استدعى الراعي بالتهديد بسحبه "على نخره" من الجلسة عبر الحراسة الأمنية لولا تدخل النواب الذين تفاجؤوا من مستوى لغة التخاطب. وفي الوقت الذي وصف النائب عبدالعزيز جباري التقرير بالحساس، اختتمت الجلسة قبل انتهاء قراءة التقرير نظراً لانتهاء وقت الجلسة حسب الراعي قائلاً: "غدًا نواصل قراءة تقرير الحساسية!". وحينها جاءت التوجيهات بحسب برلمانيين من الرئيس "صالح" آنذاك بالتوقف عن مناقشة هذا التقرير الذي أعدته لجنة برلمانية شكلت في بداية 2010م. وقال التقرير: إن بعض المواطنين يقعون فريسة لذوي النفوذ حيث يملون عليهم بيع أراضٍ شاسعة من أملاك الدولة ليتم التصرف بها فيما بعد. وكشف التقرير أن بعض ناهبي الأراضي يعملون تحكيم أو محاكمة صورية بينهم من أجل استخراج حكم لأحدهم بالاتفاق، وهم في الأصل لا يملكون أي شيء من الأرض.