شهدت بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى في الأشهر الماضية عمليات وصفت بأنها تمثل ” تطهير ديني” بحق المسلمين، حيث قتل المئات بطريقة عشوائية على أيدي المليشيات المسلحة المسيحية، فيما هرب الآلاف خوفاً إلى مناطق ودول أخرى أبرزها دولة “تشاد ” المجاورة. تعاني أفريقيا الوسطى كغيرها من الدول الإفريقية من صراع مستمر بين الحركات المسلحة والمتمردة، حيث تدهور الوضع بعد أن استولى المتمردين على السلطة، لتزداد حالة انعدام الأمن في الجمهورية المصنفة ضمن اقل الدول نموا في العالم. وأدى الصراع المستمر بين عدة فصائل توالت على الحكم الى نشأة نوع من الانقسام القومي والديني بين المسيحيين الذين يشكلون نصف السكان (25 % بروتستانت و25 % كاثوليك)، وبين المسلمين الذين يشكلون 15%، حيث خرج من بينهم “جوتوديا” كأول رئيس مسلم للبلاد وأنصاره المقاتلين في تحالف سيليكا، أما بقية السكان فإنهم يدينون بديانات محلية. وبدأت الخلافات تصيب نظام الرئيس المسلم، بعد شكوى المعارضة من تهمشيها، و فشل الحكومة بالسيطرة على الأمن في البلاد ، لتبدأ حالة فوضى غير مسبوقة في البلاد قتل على إثرها المسلمين بطريقة عشوائية على أيدي الميلشيات المسيحية. واستمر قتل المسلمين على الرغم من استقالة الرئيس المسلم “جوتوديا” ضمن خطة نقل السلطة بهدف إعادة السلام ، كما لم يمنعه تدخل الآلاف من قوات حفظ السلام في الاتحاد الإفريقي ومن فرنسا . موقف المنظمات الحقوقية: وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش ما يجري في إفريقيا الوسطى بالكارثة ، حيث أكدت المنظمة في احدث تقاريرها أن العنف الطائفي المستمر بحق المسلمين ، قد يدفعهم جميعا إلى مغادرة البلاد . وأكدت المنظمة فرار عشرات الآلاف من المسلمين إلى الكاميرونوتشاد المجاورتين. وقال مسئول مهم في المنظمة “أنها مسالة أيام أو أسابيع قبل أن تغادر التجمعات الأخيرة للمسلمين البلاد إلى تشاد هربا من موجة العنف”. وأضاف بيتر بوكارت مدير الطوارئ ” توجد أحياء كاملة ذهب سكانها من المسلمين بالكامل. ويتم هدم منازلهم بصورة ممنهجة، حيث يتم نزع الأبواب والنوافذ والأسقف. توجد أدلة على محو وجودهم بالكامل”. وقال بوكارت إنه استيقظ في احد الأيام على صوت انفجار مدو من المنطقة المسلمة في بانغي وذهب مع فريقه للتقصي، ليشاهد بأم أعينه جثة رجل مسلم تحرق في الشارع ، وأضاف أنهم القوا بنفس الوقت على مسلم آخر وضربوه حتى الموت ، متهمين إياه بقتل المسيحيين. واعتبر بوكير إفريقيا الوسطى الخاسر الأكبر بسبب النزاع المستمر، حيث سيؤدي نزوح المسلمين إلى دمار الاقتصاد ، إذ يسيطر المسلمون على سوق الماشية وعلى غيرها من الأعمال الأساسية في البلاد.