بعيدا عن " التطهير" قريبا من "التمديد" محمد سعيد الشرعبي : ليلة أمس الخميس، لفت انتباهي وعد القيادي المؤتمري الشيخ القبلي ياسر العواضي لشباب المؤتمر الشعبي العام بعملية " تطهير" حزبه ممن وصفهم ب "المنتفعين والمتذبذبين " خلال أقل من نصف عام،بتهمة " يآكلوا مع الذيب ويرعوا مع الراعي"، حد قوله. ويضيف ياسر العواضي في تغريدته على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي " تويتر" : يا شباب المؤتمر الاحرار اصبروا نعدكم ان نطهر المؤتمر من المتذبذين النفعيين اربعه اشهر او سته اشهر بالكثير انشاء الله ..)
وربط العواضي بين زمن التنفيذ بالغاية في تعليق بتغريدة الوعد، قال فيه " المؤتمر جاهز للانتخابات حتى الان لاتقلق اخي اما التطهير ففي وقته يكون افضل "، وبهذا الربط، يميط اللثام عن مخطط ما، ولكأنه يقصد ازاحة قيادات مؤتمرية موالية للرئيس هادي،وهذا شأنا حزبيا يخصهم.
لم يُفصح العواضي عن طرائق و ادوات "التطهير"، كما لم يُسمي أحدا ممن ستشملهم تلك العملية، لذا ستظل تغريدته مثار اهتمام وتوقعات بإعتبار مطلقها مُصنف بالذراع الايمن للرئيس السابق علي صالح، ويُدرك _تماما _ أبعاد ما يقول بقصد سياسي في توقيت حساس ومفصلي .
تأتي تغريدة العواضي في ظل صراع اقطاب داخل حزبه " المؤتمر" بين تيار الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي _ الأمين العام للمؤتمر_ وتيار الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يتزعم الحزب حاليا ويرفض الاستقالة، ويعتزم الذهاب خارج فلك التسوية السياسية في مخطط "العودة الى ما قبل 2011 " حد تأكيدات يرددها الرئيس هادي في معظم خطاباته .
مصدر سياسي،يُرجع بداية صراع (هادي ،صالح ) الى قبل وصول هادي الى رئاسة الجمهورية كمرشح توافقي وحيد لفرقاء مبادرة نقل السلطة، وقرارات اقالة ابناء و اقارب صالح من المناصب العسكرية والامنية والمدنية، وتصاعد الخلاف و تعمقت الصراع بفعل إصرار هادي على تنحية سلفه من رئاسة المؤتمر الذي يتشبث الرجل بزعامته بجنون وسيطير على قراراته .
بدوره ،يُضيف قيادي مؤتمري_ رفض الكشف عن أسمه _ بالإشارة الى تفاقم الصراع في الاوانة الأخيرة الى إتهامات يُطلقها هادي في أكثر من مناسية، وجل تُدين صالح وتورطه اعمال تخريبية في البلاد منها استهداف انابيب النفط وخطوط نقل الكهرباء في مأرب، .
ويتجلى الصراع وعلاقته ب "رغبة " الرئيس عبدربه هادي بالإستمرار في السلطة ليس عبر التمديد _ كما تُشير مصادر سياسية _ ، بل عبر دخوله في مرحلة انتقالية جديدة عبر توافق فرقاء التسوية ومكونات جديدة، بدليل اعلان هادي رفض "التمديد " في رده على شباب الحوار اعلنوا تأييدهم " التمديد " الاربعاء الفائت .
يرفض علي صالح خيارا التمديد أو دخول فترة انتقالية جديدة، ليس حرصا على أي استحقاق كان عدا رغبته بالعودة الى الكرسي،،وتأكيده استعداد حزبه لخوض الانتخابات دليل اعتزامه الذهاب بالمؤتمر اليها ولو أقتضى الامر رفع الغطاء السياسي المعنوي على عبدربه هادي ،كما يبرر اغلب فرقاء التمديد .
ويتجسد وهم العودة في حسابات صالح يوما أثر آخر بفعل سيطرته على المؤتمر، ويُخيل له أن عقارب الزمن قد تحالفت مع فشل الحكومة في رفع حضوضه حدا يمكنه من العودة بطريقة غير مباشرة ، وهذا ما يضاعف من هواجس هادي وإحزاب المشترك برفض الانتخابات، ويدفعها للتمسك برئاسة هادي للوضع الانتقالي بحجة تسوية الملفات، وحل قضايا لم تُحسم حد الآن في مؤتمر الحوار.
من يدقق في تصريحات و خفايا المشهد المرتبك، يستشف بأن أثر تسريبات المغرد الامارتي المثير " طامح " نقلها في صفحته في "تويتر " آواخر اغسطس الفائت عن مخطط العوددة عبر الانتخابات قد خلقت ألف مبرر لمعارضي الانتخابات، والأدهى اعتبار ساسة مخضرمين للتسريبات كحقائق ينبون عليها توجهاتهم القادمة، من ضمنها دفاعهم عن صوابية رفض الانتخابات .
بعيدا عن تغريدات وتسريبات تُجيد اطراف الصراع السياسي توظيفها و اللعب بمتناقضاتها،فما يُثار سياسيا واعلاميا حول ضرورة الدخول مرحلة جديدة الآن، تأتي عقب فشل اختبارات وجس افعال الناس بالتمديد، وثمة تُرجح خيار مرحلة إنتقالية جديدة مغايرة في طبيعة تحالفاتها وغايتها بإعتبارها خيار يجمع عليه أبرز القوى ويحضى بدعم اقليمي ودولي.
ويظل المشهد فريسة توقعات تُهندس في كواليس صنع القرار في بلد تتجاذبها ذات القوى وتدميها نفس المخاطر، ويزيدها تعقيدا تحالفات جديدة وصفقات غير معلنة بين قوى النفوذ واغلب فرقاء التوافق بهدف تبديد وهم يراود خصما افتراضيا يجيد اللعب بالمتناقضات، ولديه خبرة احالة حياة الناس الى أشلاء .
وبين تبديد اوهام الماضي بالتفريض بحلم الحاضر والمستقبل، يتدهور الوضع العام في ظل عجز فاضح لدولة المحاصصة من ابعاد البلد عن طور الخطر والمخاوف القديمة، يقابل ذلك معاناة الناس من يوميات حياة غير مستقرة ، مضافا على ذلك تكبدهم دفع أثمان السير الى مجهول خذلان الباحثين عن الحلول السهلة التي يُوفرها عقل الحكم العقيم ومكائنه الصدئة بعيدا عن تطلعات شعب .