لما كان الفساد يشكل خطرا على البشرية فقد ذكر الله الفساد في أكثر من آية ومن سنن الله إذاً أفسدنا في الأرض فإنها ستفسد حتى تذهب البركات والخيرات منها كما قال تعالى (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) الأعراف آية 85، لذلك فلو كنا نحن هنا في اليمن صالحين في هذه الأرض لما فسدت ولا نقصت خيراتها ومما يدل أن ذلك الفساد قد ظهر من قبل ألف واربعمائة عام ومنذ أن نزل القرآن الكريم كما قال تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الروم(14)، ولا يزال ذلك الفساد يتكاثر في الأرض من ذلك الحين على التوالي فكلما زاد فسادنا كلما زاد فساد الأرض حتى انتزعت بركات الأرض يوماً بعد يوم وحتى أصبح النقص في كل شيء كما قال تعالى (ونقص في الأموال والأنفس والثمرات) البقرة (255)، وقال تعالى (أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون) الانبياء (44)، وما ذلك الا ليذيقنا الله بعض ما عملنا من فساد في الأرض حتى فسدت وذلك لما تلقاه من قساوة في القلوب وأحقاد في نفوسنا نحن أبناء اليمن ونقص في إيماننا وكفر بخالقنا وشقاوة في مسيرتنا، ونحن إذاً المسؤولون عن أنفسنا وعن أرضنا من حيث إنا غيرنا مجراها الطبيعي حتى صارت غبراء بعد أن كانت خضراء كما قال تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الانفال ( 53)، وأؤكد لكم أننا لو كنا شاكرين لخالقنا لزادنا خيرا إلى خيراتنا كما بين تعالى بقوله (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم (7)، كما لو أننا استقمنا على الطريقة التي رسمها لنا خالقنا لسقانا ماءً غدقا ومعنى غدقا أي أنه مملوء بالأرزاق وهي التي تنزل من السماء مع الأمطار والأيات كثيرة في هذا المعنى لذلك نقول إن الكلام عن الفساد في اليمن قد كثر وقد تشكلت هيئات لمحاربة الفساد وكلها فشلت. العدل وقف يهودي لعبدالملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين إن بعض خاصتك ظلمني فانصفني منه واذقني حلاوة العدل فاعرض عنه فوقف له ثانيا فلم يلتفت إليه فوقف له مرة ثالثة وقال: يا أمير المؤمنين إنا نجد في التوراة المنزلة على كليم الله موسى صلوات الله وسلامه عليه أن الإمام لا يكون شريكا في ظلم لأحد حتى يرفع إليه فإذا رفع إليه ذلك ولم يزله فقد شاركه في الظلم والجور فلما سمع عبدالملك كلامه فزع وبعث في الحال إلى من ظلمه فعزله وأخذ اليهودي حقه منه. شعر فتح باب في عهد أبوبكر في اليمن بعد سيل كبير فإذا برجل على سرير عليه سبعون حلة منسوجة بالذهب وفي يده اليمنى لوح مكتوب فيه هذان البيتان: الشطر الأول إذا خان الأمير وكاتباه فويل ثم ويل ثم ويل الشطر الثاني وقاضي الأرض داهن في القضاء لقاضي الأرض من قاضي السماء