مقتل وإصابة 13 شخصا إثر انفجار قنبلة ألقاها مسلح على حافلة ركاب في هيجة العبد بلحج    ضيوف الرحمن على صعيد منى لقضاء يوم التروية    يعني إيه طائفية في المقاومة؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    الأمم المتحدة تجدد الدعوة للحوثيين بالإفراج الفوري عن جميع موظفيها في اليمن    الحاج "أحمد بن مبارك" إذا طاف حول الكعبة.. ستلعنه الملائكة    مستحقات أعضاء لجنة التشاور والمصالحة تصل إلى 200 مليون ريال شهريا    إرم نيوز: "انهيار تاريخي" للريال.. يخطف فرحة العيد من اليمنيين    الكشف عن سر فتح الطرقات في اليمن بشكل مفاجئ.. ولماذا بادر الحوثيون بذلك؟    أسرة تتفاجأ بسيول عارمة من شبكة الصرف الصحي تغمر منزلها    عودة 62 صيادًا يمنيًا من السجون الأرتيرية بعد مصادرة قواربهم    جهود رئيس الحكومة في مكافحة الفساد تثمر دعم سعودي للموازنة العامة والمشتقات النفطية    طارق صالح يوجه دعوة مهمة للحوثيين عقب فك الحصار الحوثي عن تعز    الكشف عن مبلغ الوديعة السعودية الجديدة للبنك المركزي اليمني في عدن    "عبدالملك الحوثي" يكشف هدف اعلان خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية في هذا التوقيت    عرض سعودي ضخم لتيبو كورتوا    الحوثيون يفرضون جمارك جديدة على طريق مأرب - البيضاء لابتزاز المواطنين    ياسين سعيد نعمان: ليذهب الجنوب إلى الجحيم والمهم بقاء الحزب الاشتراكي    في اليوم 215 لحرب الإبادة على غزة.. 37232 شهيدا و 85037 جريحا والمجاعة تفتك بالأطفال    فتح الطرقات.. تبادل أوراق خلف الغرف المغلقة    القرعة تضع منتخب الشباب الوطني في مواجهة إندونيسيا والمالديف وتيمور    المعارض السعودي في مأزق: كاتب صحفي يحذر علي هاشم من البقاء في اليمن    إصابة ثلاثة مدنيين بانفجار لغم حوثي في جولة القصر شرقي تعز    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    تهامة المنسية: مفتاح استقرار اليمن ومستقبله السياسي    فضيحة دولية: آثار يمنية تباع في مزاد علني بلندن دون رقيب أو حسيب!    وزير الأوقاف يطلع رئاسة الجمهورية على كافة وسائل الرعاية للحجاج اليمنيين    الحجاج يتوجهون إلى منى استعدادًا ليوم عرفة ووزير الأوقاف يدعو لتظافر الجهود    مودريتش يعيق طموحات مبابي    وزير الصحة يشدد على أهمية تقديم افضل الخدمات الصحية لحجاج بلادنا في المشاعر المقدسة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 37,232 شهيدا و 85,037 مصابا    البعداني: نؤمن بحظودنا في التأهل إلى نهائيات آسيا للشباب    اختتام دورة تقييم الأداء الوظيفي لمدراء الإدارات ورؤساء الاقسام في «كاك بنك»    أبطال "مصر" جاهزون للتحدي في صالات "الرياض" الخضراء    أزمة المياه مدينة عتق يتحملها من اوصل مؤسسة المياه إلى الإفلاس وعدم صرف مرتبات الموظفين    رحلة الحج القلبية    اختطاف إعلامي ومصور صحفي من قبل قوات الانتقالي في عدن بعد ضربه وتكسير كاميرته    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    غضب شعبي في ذمار بعد منع الحوثيين حفلات التخرج!    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    سانشيز قد يعود لفريقه السابق    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    احتضنها على المسرح وقبّلها.. موقف محرج ل''عمرو دياب'' وفنانة شهيرة.. وليلى علوي تخرج عن صمتها (فيديو)    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خفايا زيارة أحمد علي الى روما
نشر في المساء يوم 21 - 01 - 2013

خفايا زيارة "أحمد علي" إلى روما
الترتيب لإقامة والده في إيطاليا مجرد غطاء لمهمة سرية تتعلق بمصالح مشتركة بين صالح وبرلسكوني
تبادل المنافع في بلاد "المافيا" بين زعيمين يتشابهان كثيرا في ظروف السقوط من العرش والانهيار ومخاطر المصير المجهول رغم اختلافهما في كل شيء
صاحب الفكرة رجل أعمال يمني وتقدم بها السفير الإيطالي بصنعاء كمقترح تم دراسته جيدا وحظي بالموافقة شريطة تنفيذه بهدوء وإخفاؤه وسط غموض الرحلة العلاجية

كتب ناسك شكور
ما زالت حقائب أسرار سفر قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة سابقا إلى روما مغلقة بأقفال التكتم والإخفاء بصورة تعزز من احتمالات الأهداف غير المشروعة للزيارة الغامضة التي قام بها –فجأة- نجل الرئيس السابق إلى إيطاليا الشهر الماضي ولم يتأكد بعد صحة معلومات عودته لليمن بغيابه عن الظهور العلني لتأكيد الرجوع إلى صنعاء بعد صدور قرار رئيس الجمهورية المشير هادي بإقالته من منصبه العسكري كقائد لقوات الحرس الجمهوري استجابة لمطالب قادة وأنصار ثورة الشباب التي أطاحت قبله بوالده وعدد من كبار أسرته وأركان نظام المؤتمر الشعبي العام في ظل تضارب الأنباء حول المصير المجهول الذي ينتظره العميد الركن أحمد علي عبدالله صالح القائد السابق لأقوى تشكيلات الجيش اليمني بالتزامن مع ما يتردد عن استدعاء المشير عبدربه منصور القائد الأعلى للقوات المسلحة له للعودة إلى صنعاء وقطع زيارته الخارجية التي لا يعرف حقيقتها وتفاصيلها سوى بعض المقربين من القائد السابق للحرس الجمهوري الذي قالت معظم المصادر إن رحلته إلى إيطاليا كان هدفها الترتيب لمغادرة والده –الرئيس السابق- البلاد لغرض العلاج تلبية لإصرار خصومه من تكتل آل الأحمر وعلي محسن والإخوان المسلمين على طرده من الوطن وإقصائه عن رئاسة حزبه ومنعه من ممارسة السياسة وهي الاشتراطات التي يرفضها صالح وأنصاره ويتجاوب الرئيس هادي معها مساندا ومؤيدا لمطالب أحزاب المشترك', داعما –أيضا- لمطالباتهم بمحاكمة صالح وإلغاء الحصانة عنه ومصادرة ثروته وإزالة وعزل كل المحسوبين عليه ممن يطلق عليهم (بقايا نظام المخلوع) وهو ما كشفه الرئيس هادي علنا مؤخرا في حديث له أمام حفل افتتاح ندوة عسكرية لمناقشة الهيكلة حضرها كبار قادة الجيش, وأبدى عبدربه في حديثه عن سلفه علي عبدالله صالح استخفافا واضحا وسخرية شماتة لافتة وهو يصفه –حسبما تناقلته وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العربية والدولية- ب"المناضل الكبير" واتهامه مباشرة بالوقوف وراء الإخلال بالأمن وأعمال التخريب والتفجير لأنابيب وأبراج النفط والكهرباء.

ملابسات وملاسنات
إنه تطور مرحلي مثير في أداء وخطاب رئيس الجمهورية عبدربه منصور انتهى به للإعلان بعد أيام من تهديده صالح إلى إصدار قرار بإقالة نجله من قيادة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة ضمن ما أطلق عليه مشروع هيكلة وتوحيد الجيش وتعيين قيادات عسكرية مقربة من اللواء الركن علي محسن صالح الأحمر بدلا عن أحمد علي, أبرزهم اللواء عبدربه القشيبي, المعين لقيادة قوات العمليات الخاصة بترشيح من اللواء محسن, وافق عليه المشير هادي دون تردد مع أن البعض يتحدث عن إقالة موازية للواء الركن/ علي محسن من منصبه العسكري قائدا لقوات المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع وهو ما تأكد عدم صحته بظهور اللواء علي محسن يمارس مهامه بصورة طبيعية.. حيث قام بتدشين العام القتالي الجديد بالذخيرة الحية في اللواء (310) مدرع بمحافظة عمران, بحضور محافظ المحافظة وعدد كبير من مسئولي الدولة إلى جانب بقائه يؤدي أعماله العسكرية بمكتبه بمقر الفرقة الأولى مدرع وسط العاصمة صنعاء, ويلتقي بشكل شبه يومي بالرئيس هادي ويواصل إصدار توجيهاته لحكومة باسندوة دون أن يكلف نفسه حتى خلع بزته العسكرية التي يظهر مرتديا لها في القنوات الفضائية والصحف الرسمية والناطقة بلسان القوات المسلحة ومنشورات وزارة الدفاع التي تغطي إعلاميا نشاطاته باهتمام بالغ, وبما ينفي الاعتقادات الشائعة لدى بعض الأطراف بأن اللواء الركن/ علي محسن الأحمر قد أقيل من موقعه العسكري رغم تأكيدات يحيى العراسي السكرتير الصحفي للرئيس هادي عبر فضائية ال(بي بي سي) بعدم إقالة اللواء الركن علي محسن مقابل تأكيد نصر طه مصطفى مدير مكتب رئيس الجمهورية عبدربه منصور بإقالة قائد الحرس الجمهوري أحمد صالح وهو ما يبدو صحيحا وسليما ويتجسد عمليا من خلال عدم ظهور العميد أحمد في أية فعالية داخل أو خارج الألوية السبعة, التي يقال إنها ما تزال تحت قيادته, لكن غيابه عن حضور احتفال تدشين العام التدريجي الجديد فيها مع قيادات وزارة الدفاع يثبت صحة إقالته من المناصب العسكرية بالكامل, وبقاء اللواء الركن/ علي محسن صالح محتفظا بمواقعه الرفيعة في الجيش كاملة بما فيها الفرقة الأولى مدرع التي لم تعلن قرارات الهيكلة إلغائها وإلحاق بعض كتائبها فقط بقوات الحماية الرئاسية المستحدثة.

محاذير وتحذيرات
يأتي ذلك في ظل ارتفاع التحذيرات السياسية والثورية للرئيس هادي من تعيين أحمد علي في أي منصب رسمي عسكري أو مدني, ردا على تسريبات تتحدث عن تعيين قائد القوات الخاصة والحرس الجمهوري -المكونة من ما يقارب أربعين لواء بقوة بشرية تقارب 200 ألف فرد بترسانة تسليح حديثة وتجهيزات قتالية ضخمة تضم ألوية صواريخ اسكود ومكافحة إرهاب تجعلها القوات الضاربة والأقوى في مكونات الجيش اليمني- قائدا للمنطقة المركزية وهو الموقع الأقل شأنا الذي يرفض قبوله الطرف المناصر للقائد السابق أحمد علي ويرونه أقل بكثير مما كان فيه ويفترض أن يكون عليه ويعدونه استهدافا شخصيا للتقليل من شأن القائد العسكري الشاب نجل الرئيس السابق وتنكرا لجهوده التي قدمها في سبيل الوطن على حساب تمكين الفاسدين المخضرمين من مفاصل حكم البلاد.. وهي الاتهامات التي يقابلها الطرف الآخر بالمطالبة بمحاكمة أحمد علي, على جرائم قواته بحق شباب الثورة كونه أبرز قتلة الثوار ولا يجب مساواته كجلاد بالضحية في إشارة للواء علي محسن والتشديد –الموجه للرئيس هادي- على ضرورة التفريق بين من قمع المتظاهرين واعتدى على المسيرات السلمية وبين من حمى ودم المعتصمين وأعلن تأييد المحتجين.

دوافع ومدافع
هذه الملابسات –ربما- هي الدافع للتوجه إلى روما خلسة عن الأنظار وتبرير الرحلة بالابتعاد عن أي إحراجات قد يتعرض لها أحمد علي لو صدر قرار إقالته أثناء وجوده داخل اليمن وهي التبريرات التي دأب على تسويقها مكتب أحمد علي الإعلامي دون إدراك لما تحمله لقائد الحرس الجمهوري المقال من إساءات فاضحة تظهره أمام الرأي العام ومحبيه ورفاق السلاح بصورة الرجل الضعيف العاجز عن مواجهة الموقف الصعب بشجاعة وحكمة القائد وهي الصورة التي تعكس ذهنيا للمتلقي تصورات سلبية عن شخصية العميد الركن أحمد علي عبدالله صالح وتسوقه كشخص متهرب عن تحمل المسئولية في الوقت الذي يسعى فيه المكتب الإعلامي لقائد الحرس سابقا ورئيس جمعية الصالح حاليا على تقديمه للمجتمع كزعيم قادم لإنقاذ الوطن.
الجديد في الموضوع.. ما انكشف من حيثيات ومعطيات تشير إلى علاقة أطراف أجنبية بعرض انتقال صالح إلى روما للإقامة والعلاج كواجهة قابلة للإقناع لتناسب الأعذار والظروف للتغطية على الهدف الأساسي للزيارة التي تداخلت جزئياتها بين ربطها بالجانب الإنساني والسياسي والجوانب القضائية والحقوقية التي برزت في ثنايا تصريحات المناضلة توكل كرمان الفائزة بجائزة نوبل العالمية حول تواصلاتها مع صناع القرار في أوروبا وإيطاليا عبر وزراء خارجية دول كبرى من أجل العمل على منع صالح من الاستفادة من العرض الإيطالي والحيلولة دون تمكنه من العيش في أمان والهروب بأرصدته وثروته المنهوبة من أموال الشعب وجرائمه بحق أبناء الوطن الأبرياء نم غير محاكمة وعقاب وكشفت ومعها عدد من المحامين البارزين أنها ستعمل على إيصال الرئيس السابق/ المخلوع صالح لقفص المحاكم الدولية عبر محكمة الجنايات كمجرم حرب فار من وجه العدالة.. وهي التهديدات التي دفعت صالح على ما يبدو لإيفاد نجله الأكبر إلى روما للتأكد عن كثب من أي مخاطر قد يتعرض لها والده هناك على ضوء القوانين المعمول بها في إيطاليا وتعارضها مع القانون الدولي المشرعن لهذا الشأن.. حيث أن التوجس والارتياب كان قد سيطر داخل دائرة صالح تجاه العرض الذي لم يطلب الذي تقدم به ذاتيا السفير الإيطالي بصنعاء بإلحاح وإصرار بعث الشكوك خشية على أن يكون هناك فخا ينصب للزعيم المؤتمري صالح باستدراجه للخارج لأهداف لا تبعث على الاطمئنان نظرا لعزوف صالح عن السفر للعلاج وتحسن صحته ونمو قوته السياسية تدريجيا.. لكن العلم بصاحب الفكرة ونوعية نشاطه قد يكشف جوانب مهمة من خفايا المهمة الاستثنائية في الزيارة السرية إلى روما.. إذ أن رجل أعمال خليجي يحمل جنسية دولة أوروبية كان هو الحلقة المفقودة في زيارة أحمد علي إلى إيطاليا.. مما يشير إلى هدف تجاري واستثماري يتم تمريره تحت غطاء إنساني وعلاجي لإكسابه بعدا يحظى بالتعاطف ولا يثير انتباه المتربصين السياسيين.. يدعم هذه المؤشرات تمحور تصريحات وتلويحات توكل كرمان حول ملفات ليس العلاج ضمنها فقد ركزت على الأرصدة والأموال المنهوبة والثروة الضخمة وصفقات العقارات واستثمار مليارات الدولارات وشراء شركات هناك كاتهامات واضحة للرئيس صالح وإشارات تزيح الغموض حول زيارة أحمد علي إلى روما ولأنها تلميحات صادرة من شخصية بارزة ذات علاقات دولية نافذة بحجم النوبلية توكل كرمان، مضافا إليها الأنباء المتداولة محليا عن مشاهدة أحمد أثناء مغادرته مطار صنعاء بواسطة طائرة خاصة ينقل عددا كبيرا من الحقائب الضخمة اعتقدت وسائل الإعلام أنها معبأة بالعملات النقدية الصعبة بما يعيد للأذهان تشابه هذه الحالة بما قام به أفراد الرؤساء العرب المطاح بهم بثروات الربيع العربي وما تناقلته الأخبار عما لحق من قبل بثروات صدام حسين وياسر عرفات وعن قيام أسرة التونسي زين العابدين والمصري حسني مبارك والليبي معمر القذافي بتهريب أموالا طائلة ومقتنيات ثمينة إلى الخارج في الأيام الأخيرة لوجودهم بالحكم وعروش الرئاسة وهي الأخبار التي ثبت فيما بعد صحتها إثر تجميد ومصادرة مبالغ تصل لمليارات الدولارات من الأموال المسجلة باسم هؤلاء الزعماء الساقطين في بنوك سويسرا وأوروبا وأمريكا المتهم صالح بإيداع جزء يقارب ثلث ثروته فيها بأسماء وهمية وتحت حسابات لمسميات تجارية تحايلا على محاذير قانونية وتأمينا لمخاطر مستقبلية محتملة كالتي تحدث حاليا فيما ثلثي ثروة صالح وعائلته في أمان نسبي داخل بنوك خليجية في البحرين والسعودية والإمارات محمية بعلاقات متينة على هامش المصالح السياسية المشتركة المتمازجة بالنشاط التجاري المبني على أساس الاستغلال والاستفادة من التربع في دفة القيادة.
من هذا المنطلق يمكن الكشف عن أسرار زيارة أحمد علي عبدالله صالح إلى إيطاليا بلاد المافيا ومركزها الرئيسي في العالم وزعيم روما برلسكوني المثير للجدل والمخاوف والحذر لما يمتلكه من نفوذ وتأثير وقوة في القارة الأوروبية لعلاقته الفاعلة بالمافيا العالمية وما تكسبه لحضوره السياسي كرئيس للوزراء من فرض ضغوطاته على دول الجوار وصناع القرار الكبار والشواهد على توغله في مفاصل دول أوروبا العظمى يتجلى من صموده العجيب أمام الطوفان المعارض له وخصومه الأقوياء الساعين للإطاحة به ومحاكمته والانتقام منه ولكنه لا يستسلم بسهولة وكلما سقط يعود ثانية وبقوة مستفيدا مما ينتزعه بطريقته الخاصة من دعم ومساندة رؤساء الدول الأوروبية واضطرارها لإنقاذ برلسكوني باستمرار ومنع اقتصاد بلاده من الانهيار ودولته من الإفلاس بفعل أخطاء ومغامرات الرجل المتحكم بشئون جمهورية المافيا بتاريخها العريق ودورها الحضاري عبر العصور.. وغير بعيد عن الجميع الصداقة التي جمعت قائد ليبيا الراحل معمر القذافي بالزعيم برلسكوني وهي العلاقة التي أدخلت القذافي دائرة الاشتباه بارتباطه بالمافيا وامتداد الصداقة والشبهة مع برلسكوني والمافيا عبر القذافي إلى الرؤساء العرب المتمردين والمشاغبين ليصبح للمافيا تواجد من قبرص وقناة السويس إلى مضيق باب المندب وهرمز كنقاط انتشار ونشاط بالمساحة الجغرافية وما يحيط بها لتغدو معه روما المكان المفضل للكثيرين من القادة العرب ورجال الصف الأول في السياسة والمال والمخابرات.. وكغيره من أقرانه الزعماء والرؤساء زار صالح في سنوات حكمه الثلاث والثلاثين إيطاليا عدة مرات وبات صديقا لبرلسكوني ومقربا له كما تقول الابتسامات الدافئة في الصور البروتوكولية قياسا بالحميمية والدفء في الجلسات البعيدة عن الأضواء لدرجة أن يتشابه الاثنان بأشياء كثيرة كزعيمين لدولتين مع الفارق طبعا بين اليمن واليونان وتشارك حاكميها في جوانب عدة مثل الديكتاتورية وروح المغامرة والتحديدات الاقتصادية ومواجهة الثورات الشعبية والنجاة من المصير السيئ وابتزاز الجيران واللعب بالتناقضات و... و... و...
وعليه فإن رجل الأعمال الخليجي صاحب الفكرة وإقحام السفير الإيطالي بصنعاء في المقترح الذي تذهب المؤشرات للوقوف على خيوط صفقة ضخمة تشكلت معطياتها بين صنعاء وروما واتخذت من صالح وبرلسكوني رمزية لطبخة على مستوى رفيع من التكتيك والجرأة عنوانها تبادل المصالح وتشارك الفائدة وذلك بمقتضى تحرير أموال صالح المحاصرة في بنوك أوروبا وإنقاذها من التجميد والمصادرة ورفع الحظر والمراقبة عنها وتمكين صاحبها من الاستفادة منها بعدما يكون قد يئس منها خوفا من اكتشافها وبالتالي مضاعفات الكشف والاكتشاف سياسيا وقضائيا باعتبارها أموالا كسبت بطريقة غير مشروعة.
مقتضيات الصفقة كفرضية تنص شروطها بين الطرفين استثمار هذه المليارات المهددة بالمصادرة والتجميد بعد تخليصها في دولة الطرف المناط به إنقاذ هذه الأموال بشكل يكون فيه صالح ملزما بتوظيف ثروته المحاصرة في بنوك سويسرا وأوروبا باستثمارها في إيطاليا عبر شراء وامتلاك مصانع وعقارات وأسهم تجارية في بلاد المافيا التي تعاني اضطرابات اقتصادية شديدة تجعلها محتاجة لضخ أموال طائلة لتجنب الانهيار وخطر الإفلاس مما يجعل عقلية المافيا تلجأ إلى هكذا أساليب لتجاوز المحنة بحيث تستخدم نفوذها وتأثيرها للضغط على الدول المودعة فيها الأموال المستهدفة لإقناع وإجبار بنوكها على رفع التجميد والحظر عن الأرصدة والحسابات المهددة وإيجاد المخارج المناسبة للنفاذ من الإجراءات المعمول بها استجابة لقرارات خارجية تخضع للتوجهات الدبلوماسية العالمية التي عادة ما تكون قادمة من مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة على غرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وحرمانها من التصرف بأموالها المودعة في كبرى مصارف العالم.
هذا التحايل المتفق على تمريره بقرارات من أعلى المستويات يكفل الفائدة للجميع ومن خلال العملية يكون صالح قد استعاد أمواله بأقل الخسائر والضرر ووفر لهذه الأموال مشروعية قانونية تحميها من المصادرة والتجميد مستفيدا مما يتوافر في قوانين الاستثمار الإيطالي من نصوص تشجع وتحمي وتضمن الأمن للمستثمر طبقا للدستور والقانون المتبع وبدلا من أن تبقى الأموال وديعة في البنك لا تجلب الأرباح فإنها ستجلب المكاسب حينما تكون مشروعا متواجد في السوق التجاري وسيكون هناك مردود إضافي يتمثل في نوع من التقدير الأخلاقي للجانب الرسمي في روما تجاه صاحب هذه الأموال للإسهام الذي قدمه لدعم الاقتصاد المنهار ويجعل الدولة مسئولة عن حمايته من أي استهداف أو مخاطر لأن ذلك قد يكون خطرا يمسها ويستهدف اقتصادها الوطني.. ويعتقد محرر "الديار" الذي أعد هذا التقرير أن توكل كرمان ليست على اطلاع كامل بمثل هذه العمليات واتضح للمحرر من قراءة خلفيات ما صرحت به توكل حول زيارة أحمد إلى روما وأموال صالح في أوروبا أن هناك قصورا والتباسا في المعلومات التي تزودت بها توكل كرمان من أطراف خارجية لا شك أنها ذات مواقع دبلوماسية رفيعة لكن هذه الأطراف ومصادر وقنوات التواصل مع توكل هي –كما يفهم- المسئولة عن القصور والالتباس الحاصل ربما في توضيح وشرح التفاصيل أو تقديمها بعيوب في الترجمة اللغوية فصلت المعاني والمعلومات عن السياق وأحدثت خللا واضحا وضع توكل كرمان أمام ملف تبعثرت وريقاته الخاصة بقضيته وتداخلت فيه أوراق ملفات أخرى دون قصد متعمد وهو ما يستدعي المراجعة والتمحيص للوقوف على المشاهد الشامل للصورة.
عمليات نقل الأرصدة المجمدة والأموال المحظورة في البنوك العالمية ليست ظاهرة جديدة ولم يعد التدخل عبر الدول الوسيطة خافيا على المتابعين لنشاطات المافيا والخدمات النوعية التي تقدمها لعملائها بمختلف الأقطار سواء كانوا أفرادا أو أشخاصا أو جماعات وحكومات.

مستويات ومناسبات
عقب أحداث سبتمبر الإرهابية في أمريكا تعرضت أرصدة وأموال الكثير من رجال الأعمال والشركات الكبيرة ذات الجنسية العربية للتجميد والمصادرة وحظر التداول والتحويل والتعاملات التجارية بتهمة منع تمويل تنظيم القاعدة وهو القرار الذي التزمت به بنوك العالم وخصوصا أمريكا وسويسرا والدول الأوربية مما جعل مليارديرات العرب في ورطت ولحقت الأضرار الكارثية بالتجار ورجال الأعمال المسلمين في كل بقاع الأرض..ولان الضرورات تبيح المحظورات لم يمانع معظم المتضررين من الاستعانة بشبكة المافيا لاستعادة الأموال المجمدة وكانت الحيلة بالاتفاق مع دول وصناع قرار وأطراف حكومية والشركات العملاقة الناشطة في التعامل مع هذه الدول والحكومات وبالتحديد في دول العالم الثالث على أساس المقايضات المتعارف عليها بين لوبيات نافذة عادة ما تكون بارعة في صفقات الفساد عبر شبكات مكونة من كبار المسئولين الحكوميين والتجار الكبار والمرتبطين أيضا بعلاقات حيوية مع مسئولين وتجار أجانب من خارج الدولة..وعادة ما يلعب وزراء أي بلد دورا في هذا المجال عبر سفراء الدول المعتمدين ببلادهم على أعلى مستوى يتولون مهام التنسيق والإقناع والترتيب لعقد الصفقات الخيالية مقابل الحصول على نسبة مغرية من قيمة العقود والاتفاقيات التي غالبا ما تكون صفقات شراء الأسلحة أو النفط هي الأكثر اعتمادا عليها في هذه الممارسات لأسباب أهمها الارتباط المباشر بالرؤساء وكبار رجالات الحكم بنشاطاتها إذا لم يكونوا شركاء ومساهمين في شركات صناعة الأسلحة واستخراج البترول.

جسور العبور
معلومات حصلت عليها "الديار" من مصادر تحدثت للمحرر عن نشاط كبير شهدته بلادنا في هذا الجانب خلال العشر السنوات الفائتة ..حيث لجأ كثير من كبار رجال الأعمال الخليجيين إلى اليمن بحثا عن طريق عبور إلى أرصدتهم المجمدة في بنوك العالم...مستغلين نفوذ إخطبوط الفساد المتحكم والمؤثر بإدارة شئون البلاد وصناعة قرار الحكم..ودون تحديد المصدر لأي أسماء أو عمليات محددة أكد قيام أطراف محلية بأعمال من هذا النوع تشارك في تنفيذها أقطاب من داخل الحكومة وشخصيات تجارية بارزة واستفاد منها أطراف خارجية .. وتم تمريرها بطريقة محكمة أخذت طابعا شرعيا ومسار قانوني محكم بفضل الإسناد والمساعدة المقدمة من جهات الضغط العالمية العاملة ضمن المكونات الخفية لما يطلق عليها المافيا..مشيرا إلى استفادة الدولة من هذه الصفقات بدرجة رئيسية في الحصول على تسهيلات وامتيازات استثنائية لدى كبريات شركات العالم مقابل دخولها كطرف وسيط يجلب زبائن وعملاء جدد قادمون من دول النفط الخليجي وبلدان العالم الثالث المزدحم بالأثرياء الخائفين على أموالهم من المصادرة بتهمة تمويل الإرهاب آنذاك .. وبالتالي يقول المصدر تمكن كثير من رموز النظام تكوين ثروات طائلة بفضل ما قاموا به من مهام في تلك الفترة..كما فتحت الأبواب لاستثمار هذه الأموال في مجالات النفط والغاز وشراء القروض .. فيما يبقى الصراع بين الكبار محتدما حول تمثيل شركات تصنيع الأسلحة لما تعود به هذه العلاقة من فوائد يسيل لها لعاب الكبارات بما فيهم الرؤساء

صفقات وصفعات
يبدوا الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي هو الأكثر ارتباطا بالمافيا..علاقة الصداقة القوية التي جمعته برئيس الوزراء الايطالي السابق برلسكوني منذ الثمانينات تدل على ذلك .. كما يدل عليها قدرة القذافي على الخروج من المآزق والمؤامرات بسلامة وسلاسة ...كما أن مؤشرات الاستعانة بالمافيا في المهام الجسيمة يدل عليه الكيفية التي ساعدت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في كسر الحصار الاقتصادي المفروض عليه وتمكنه من بيع النفط رغم الحظر المفروض عليه..مثلما حدث سابقا مع قذافي طرابلس ويحدث حاليا مع نجا إيران ...ولا يستبعد أن رؤساء سوريا والسودان واليمن ومصر مشتركة امتدت إلى زعماء الخليج عبر أمريكا وبريطانيا من خلال السير في طريق مثلث الصفقات بين الأضلاع الممثلة بأصحاب الأرصدة المجمدة وشركات الأسلحة وأركان الأنظمة الحاكمة..يتجسد الأمر في حجم فواتير شراء السلاح بمئات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية..بالتزامن مع الحديث المفتعل عن حجم الثروات الطائلة لأمراء وملوك وشيوخ الدول الخليجية في البنوك الأجنبية..مقابل التلويح الدائم للدول العظمى بتجميد هذه الأموال وتهديد أصحابها بتهمة دعم تنظيم القاعدة ونهب ثروات الشعوب بطريقة غير مشروعة ..ضمن أجندة خطيرة يقف ورائها محركوا الاقتصاد العالمي عمالقة تصنيع الأسلحة والبتول والبورصات..وطبعا بمشاركة المافيا.
(صحيفة الديار)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.