الجمعة الماضية كانت فاجعة اغتيال النائب عبد الكريم جدبان في عملية جبانة لقت استنكارا واسعا من كافة الفعاليات السياسية والحزبية والمنظمات المدنية والمجتمع الدولي، وإذ يبدو من السابق لإوانه توجيه أصابع الاتهام لأية جهة بانتظار نتائج التحقيقات التي يقلل مراقبون من أهميتها نظرا لتشكيل لجان عديدة سابقة في حوادث مماثلة لم تقم بأي جهد مثلما لم تصل إلى أي نتائج. عبد الكريم بالإضافة إلى كونه ممثل الحوثيين في مؤتمر الحوار فهو أيضا النائب البرلماني الذي كان صوته مرتفعا ضد الفساد والفاسدين داخل المجلس وقدم العديد من طلبات الاستجواب لعدد من الوزراء في حكومة الوفاق ومن أهم هذه الاستجوابات عريضة استجواب ضد وزير الكهرباء صالح سميع والذي تم إيقاف مثل هذه الطلبات بعد صفقة بين رئيس الجمهورية وقادة أحزاب المشترك بموجبها تم إسقاط استجوابات الحكومة وعدم تقديم مثلها مقابل تنازل المشترك عن المطالبة بتغيير رئيس المجلس واللجان على أساس التقاسم. ودخل النائب عبد الكريم معارك عديدة مع الحكومة والسفير الأمريكي وانتقد السعودية والإصلاح ولم يستثن الرئيس من ذلك. وكانت أهم مواجهة له حين انتقد خطاب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي أمام أعضاء مجلس الوزراء والنواب وقال "سأصر على استجواب باسندوة وستة وزراء آخرين بينهم وزراء الدفاع والداخلية والمالية والتربية, في مسائل كثيرة بينها تجنيد 200 ألف شخص في الجيش والأمن خلال العامين 2011 و2012, لصالح حزب الإصلاح المصنف تحت الانتماء للإخوان المسلمين وبعض مشايخ قبلية حاشد, وتخصيص 2500 درجة وظيفية لمدارس دينية تابعة للإصلاح, وصرف 23 مليار ريال عبر مؤسسة وفاء التابعة للإصلاح, كانت خصصت لجرحى الثورة الشبابية". واعتبر جدبان المبادرة الخليجية لا تعني أنصار الله في شيء منذ البداية. ونقلت يومية "السياسة" الكويتية عن جدبان قوله إنه أثار هذا الموضوع في جلسة المجلس النيابي أمس, موضحاً أن الدستور لا يلغى إلا بدستور جديد يتوافق عليه كل اليمنيين. وفي تصريح لوكالة اليمن الإخبارية قال جدبان إنه لا يحق للرئيس هادي إلغاء أي استجواب من قبل المجلس النيابي لأعضاء الحكومة فالدستور والقانون يخول لهم ذلك وكذلك محاسبة الحكومة والرقابة عليها، مشيرا إلى أنه إذا كانت هناك مناكفات سياسية بين حزب المؤتمر الشعبي وأحزاب اللقاء المشترك, فهذا شأنهم. وأكد النائب جدبان رفضه لتوجيهات الرئيس بإلغاء قرارات مجلس النواب باستجواب عدد من وزراء الحكومة. والذي كان الرئيس وعد خلال لقائه عددا من أعضاء مجلسي البرلمان والوزراء بإلغاء استدعاء البرلماني لأي وزير. في ماله علاقة بالتدخلات المستمرة للسفير الأمريكي في الشأن اليمني كان الأشجع والأعلى صوتا إلى الحد الذي عبر فيه عن انزعاجه من الصحفيين البرلمانيين لعدم قيامهم بنقل سؤاله لرئيس الحكومة حول ما اسماه بتدخل السفير الأميركي في اليمن. وقال جدبان مخاطبا صحفيي البرلمان:" لقد أصبح السفير الأميركي خطا أحمر حتى لدى الصحفيين". وأشار إلى أنه وجه سؤال لرئيس الحكومة حول زيارة السفير الأميركي إلى أبين لكن وسائل الإعلام لم تنقل سؤاله. مشيرا إلى أن السفير الاميركي أصبح يحكم مجلس النواب كما يحكم اليمن كاملة. متهما إياه بالتأثير على قرار رئيس مجلس النواب حول سعر الديزل. كما لم يسكت حين لامه رئيس المجلس على سفره إلى إيران حيث اتهم جدبان هيئة رئاسة مجلس النواب بإثارة الطائفية والمذهبية داخل المجلس. وقال جدبان إنه وجه له اللوام بسبب سفره إلى إيران فيما بقية الأعضاء يسافرون إلى الولاياتالمتحدة وجميع دول العالم ولا يتم توجيه اللوم لهم. وأضاف في تصريح لبراقش نت: "لقد سافرت إلى إيران فيما الراعي علق علي ساخرا إنني كنت عند الشيعة". وفي مؤتمر الحوار كان أيضا لا يداهن و لم يكن يسكت عن قول الحق وهو ما جعله يدخل مع ممثلي حزب الإصلاح في خلافات حول صعد ة متهما الحزب، حين كان الخلاف قائما على تمثيل فريق لجنة قضية صعدة، بالمشاركة في تدمير محافظة صعدة، التي ينتمي إليها الحوثيون، بالفتوى والقتال. وقال جدبان "إن حزب الاصلاح يحاول حاليا عرقلة حل قضية صعدة في مؤتمر الحوار بكل السبل لأنه يريد أن تبقى صعدة محافظة مدمرة وأهلها مشردين، كما يرفض حتى الانتخابات بالتوافق في فريق على صعدة ويصر على أن يكون في الرئاسة" . وأوضح جدبان في تصريح ليومية "السياسة" الكويتية أنه انسحب من فريق عمل قضية صعدة وترك الفريق لحزب الإصلاح، متهما إياهم بتعطيل حل قضية صعده والمماطلة لإبقاء القضية معلقة. وأكد جدبان على ضرورة حل قضية صعدة حلا عادلا والخروج بحل مرضٍ وفق الرؤى المقدمة من جميع الاطراف. وأشار إلى أن الإصلاح لا يريد إلا العرقلة لانهم يعتبرون الحكام الحقيقيين وكل مفاصل الدولة أصبحت في أيديهم بما في ذلك محافظتي صعدة والجوف، مؤكدا أنه لم يبق لليمنيين شيء في هاتين المحافظتين ولا في غيرها من المحافظات, فيما الحوثيون يغردون خارج السرب. وكما كان شجاعا في نقده للأخطاء السياسية ومواجهة الفساد كان أيضا شجاعا في قراءته لمسار أحداث التاريخ إذ أن الدكتور عبد الكريم جدبان ليس ذلك السلفي الشيعي فهو صاحب فكر متنور ومن يقرأ نقده لسيرة الأئمة في اليمن يدرك مدى قراءته الموضوعية للتاريخ وعدم تعصبه، وفي ما كتبه من مقدمة لكتاب (مجموع رسائل الإمام الشهيد المهدي أحمد بن الحسين) تحت عنوان{ خلل دستوري في نظرية الإمامة الزيدية}يتضح هذا الفكر المتحرر. أوضح: لأنه لا يوجد نص دستوري في المذهب الزيدي ينظم عملية انتقال السلطة من شخص لآخر، دون شيوع الخلاف الذي يؤدي عادة إلى سفك الدماء والفتن وتهديد مبدأ النظرية عموماً، كان التاريخ الزيدي مليئاً بالمآسي والأحداث الدامية والخراب والدمار. لأنه كما أسلفنا لا يوجد نص دستوري ينظم العملية، بل تُرك الأمر هملا، مما ترك الباب أمام الطامعين والطامحين والانتهازيين مفتوحاً على مصراعيه. فكل من وجد في نفسه قدرة للاستيلاء على كرسي السلطة تقدم إليه، ولو لم يكن يملك من شروط الإمامة إلا الذكورة والانتساب إلى علي وفاطمة عليهما السلام. أو كان يرى أنه الأفضل والأكمل من الإمام الذي سبقه، وإن كان السابق له على أكمل وجه بالنسبة لشروط النظرية الهادوية في الحكم. وسرد أدلة من سير أكثر من عشرة أئمة تعاقبوا على الحكم وخاصة في اليمن ممن كانت فترة حكمهم وبالا على البلاد بسبب النزاع على الحكم. وبعيدا عن ذلك كله الوسط تعيد هنا نص الاستجواب المقدم لوزير الكهرباء للدلالة على أن ما يطرح ليس فقط اتهامات بقدر ما هي مسنودة بأدلة ووقائع.. نص استجواب وزير الكهرباء الذي تقدم بها النائب عبد الكريم ججدبان : الأخ رئيس مجلس النواب المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفقا للدستور واللائحة أتقدم باستجواب الأخ وزير الكهرباء والطاقة عن القضايا التالية: شراء الطاقة :- 1 رفعتم حجم شراء الطاقة من (175) ميجاوات إلى (460) ميجاوات. 2 وقعتم عقودا لأكثر من (285) ميجاوات بالأمر المباشر وبالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات، مع رفع الأسعار السابقة إلى أسعار أعلى بعضها مضاعفة بزيادة (5.500.000) دولار شهريا تقريبا!! وبشروط وامتيازات أكثر لصالح الشركات المؤجرة، ولمصالح حزبية ضيقة. 3 وقعتم عقود شراء الطاقة بدون أية دراسة للاحتياج الفعلي، مما أدى إلى شراء طاقة بأكثر من الاحتياج، خاصة مع قدوم فصل الشتاء مما تسبب في خسائر كبيرة على الخزينة لصالح تجار شراء الطاقة. 4 ماطلتم في تنفيذ توجيهات صريحة لفخامة رئيس الجمهورية في شهر يونيو 2012 وبإجراءات استثنائية لتركيب (240) ميجاوات، وبناء المحطات الإستراتيجية بإجمالي (2000 ) ميجاوات. واستغلال الغاز المحترق في الجو لتركيب مولدات غازية بقدرة (250 ) ميجاوات. 5 رفضتم مع وزير المالية مشروع محطات غازية بقدرة (500) ميجا خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر، وبقيمة(600) مليون دولار ، برغم توجيهات رئيس الجمهورية الصريحة في شهر سبتمبر 2012م ، وخسرتم الخزينة أكثر من(900) مليون دولار حتى الآن!! 6 أصررتم على تشغيل محطات الكهرباء بالديزل ، بدل الغاز رغم أن تكلفة إنتاج 400 ميجاوات من الكهرباء بالديزل يكلف مليونين وخمسمائة ألف دولار في اليوم، بينما يكلف إنتاج نفس الكمية بالغاز(288) ألف دولار. بفارق سعر يومي مليونين ومائتين واثني عشر ألف دولار (212.000. 2$). : المشاريع الهامة والرئيسية 7 أصررتم على أن تتبع المشاريع الرئيسية الوزارة ، رغم الفشل الذريع لوزارتكم، وقد تعثرت تلك المشاريع وربما توقفت !! 8 وجهتم المشاريع بتوفير (120) ألف ريال شهريا من كل مشروع البالغة واحدا وعشرين مشروعا لمواجهة مشتريات القرطاسية والمتابعة بمكتب الوزير! يعني صرف ثلاثة ملايين ريال شهريا (كحد أدنى) مخالفة للقانون واستغلالا للسلطة لكسب غير مشروع !!. وزير الكهرباء والتعيينات 9 أصدرتم أكثر من تسعين قرارا عشوائيا في مؤسسة الكهرباء بدون أسس أو معايير !!بتغيير موظفين واستبدالهم بكوادر حزبية لا كفاءة لديها؟! والنظر فقط للولاء الحزبي!! :المديونية والفاقد 10 أهملتم متابعة سداد مديونية الكهرباء عند الغير ، بل تزايدت حتى وصلت إلى أكثر من (65) مليار ريال، والفاقد ارتفع إلى أكثر من 45% ، خاصة في أمانة العاصمة!! :الوزارة وقطع الغيار والصيانة والتفريط بالمال العام 11 أهملتم محطات توليد الطاقة بلا صيانة، ولا توفير قطع الغيار وزيوت، وأصررتم على تأخير مناقصات قطع الغيار، أكثر من سنة رغم موافقة اللجنة العليا للمناقصات، مما تسبب في تكبيد خزينة الدولة 77.5 مليون دولار، ما يقارب(16) مليار ريال في السنة، ليصب في مصلحة عقود شراء واستئجار الطاقة. 12 لم تتخذوا أية إجراءات للحفاظ محطة حزيز ومراقبة عدادات الديزل المعطلة فيها والتي ينهب منها ملايين ليترات الديزل ؟ وتنهب منها قطع الغيار ؟ وتنهب منها كابلات وصفائح النحاس، حسب تقرير اللجنة المشكلة لعام 2010م للتحقيق في اختفاء الوقود وقطع الغيار في محطة حزيز !!. 13 لم تتخذوا أية إجراءات ضد التجاوزات الكبرى والمخالفات القانونية التي أدت وتؤدي إلى خسارة المؤسسة إلى مئات الملايين من الريالات بحسب ما هو موضح في تقرير الجرد السنوي للعام 2011م للمؤسسة العامة للكهرباء والمرفوع من لجنة الجرد لمدير عام المؤسسة ومنسوخ لوزير الكهرباء، ولم يتم مساءلة المتسببين فيها. 14 استحدثتم غرفة عمليات حزبية من خارج الوزارة تدير عملية تصفية للكفاءات بالوزارة ورصدتم لها مبالغ مهولة ، خلافا للقانون!! والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل مقدم الاستجواب / عبد الكريم جدبان *عضو مجلس النواب. عن الوسط