نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    وفاة أحد مشايخ قبيلة حاشد وثلاثة من رفاقه بحادث غامض بالحديدة (صور)    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    الحوثي والحرب القادمة    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    الأكاديمي والسياسي "بن عيدان" يعزّي بوفاة الشيخ محسن بن فريد    بمنعهم طلاب الشريعة بجامعة صنعاء .. الحوثيون يتخذون خطوة تمهيدية لإستقبال طلاب الجامعات الأمريكية    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    آرسنال يُسقط بورنموث ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصداء الربيع العربي في المملكة السعودية
نشر في المساء يوم 22 - 03 - 2013

مساء الأول من آذار/مارس، انتشر خبر عن قيام الشرطة السعودية باعتقال 176 شخصاً، بينهم 15 امرأة وعدد من الأطفال ممن اعتصموا أمام مقر هيئة التحقيق والادعاء العام في مدينة بريدة وسط المملكة السعودية، للمطالبة بالإفراج عن معتقلين ومعتقلات تحتجزهم السلطات السعودية منذ سنوات طويلة بدون محاكمة، أو بعد انتهاء فترة محكومية بعضهم. إلا أن الاعتقالات الجديدة لم تمنع أهالي المعتقلين من التجمع والاعتصام في الأيام التالية أمام ديوان المظالم والسجن المركزي، إضافة إلى مقر هيئة التحقيق والادعاء العام في المدينة.
تأتي الاعتصامات في البريدة في سياق سلسلة متتابعة من احتجاجات متفرقة ومتصاعدة تشهدها مختلف مناطق المملكة السعودية في السنتين الأخيرتيْن، شرقا في القطيف، وغرباً في جدة، وشمالاً في حفر الباطن، وجنوباً في أبها ونجران، علاوة على العاصمة الرياض. تمثل هذه الاحتجاجات على اختلاف أشكالها ودوافعها المباشرة، ضربة للخطاب الإعلامي السعودي وصداه في المحيط العربي، اللذين أصرا على تصوير مظاهر الحراك الشعبي في السعودية على أنه جزء من مؤامرات تقف خلفها إيران. فلم يعد مجدياً ترديد تلك التعويذة، بعد أن اتضح أن الاحتجاجات ليست محصورة في المناطق الشيعية في شرق السعودية وجنوبها.
لن ينهار الحكم السعودي بسبب هذه الاحتجاجات. فلا شك في أن احتكار العائلة المالكة لجميع أدوات ممارسة السلطة، بما فيها سلطة توزيع عوائد صادرات النفط، سيجعلها قادرة على الصمود طويلاً أمام التحديات التي تواجهها الآن. إلا إن استمرار الاحتجاجات وانتشارها جغرافيا واجتماعيا سيفرضان إعادة النظر في عددٍ من المرتكزات التي أسست لشرعية النظام السعودي وضمنت استقراره رغم ما تعرضت له الدول المحيطة من ثورات وحروب إقليمية ونزاعات مسلحة داخلية.
الركيزة العسكرية الأمنية
أول هذه المرتكزات يتمثل في القدرات الأمنية العسكرية التي تشكل في الخطاب الرسمي السعوديي أداة توحيد الجزيرة العربية على يد عبد العزيز بن سعود في العقود الثلاثة الأولى من القرن الماضي. تشمل الركيزة العسكرية القوات المسلحة النظامية والحرس الوطني اللذين أثبتا قدرتهما على مواجهة كل تحرك مضادٍ داخلي. يضاف إلى ذلك الأجهزة الأمنية المتشعبة الفروع التي تستخدمها السلطات السعودية لمواجهة معارضيها أو من يشتبه في عدم ولائهم لها. لقد تعرضت الركيزة العسكرية / الأمنية إلى عدة هزات منذ 11 سبتمبر 2001، شملت مواجهات مسلحة في شوارع المدن السعودية مع أنصار القاعدة وغيرها من التنظيمات الإسلامية المتشددة. وساهم في تلك الهزات اختراقات تعرضت لها الأجهزة الأمنية لصالح ما يسميه الإعلام الرسمي ب«الفئة الضالة». لهذا، وعلى الرغم من الخبرة الواسعة التي تمتلكها الأجهزة الأمنية، فقد عجزت في السنتيْن الأخيرتيْن عن اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع وصول تأثير الانتفاضات العربية إلى مدن السعودية وبواديها. فبسبب انشغاله بالمواجهات مع «الفئة الضالة»، وبسبب اعتماده أساساً على سياسة «الضرب بيد من حديد»، عجز الأمن السعودي عن مواكبة التغييرات التي شهدها المجتمع السعودي في العقدين الماضييْن. فلقد فتحت ثورة المعلومات آفاقاً جديدة لمشاركة أقسام مهمشة من النساء والشباب، ومن سكان المناطق النائية، مما مكنها من القفز فوق جدران العزلة المفروضة على تلك الفئات بسبب الجنس أو الجغرافيا.
الركيزة الدينية
ثاني المرتكزات يتمثل في الشرعية التي يوفرها تحالف العائلة المالكة مع المؤسسة الدينية الوهابية. وهو تحالفٌ اعتمدت عليه أجيالٌ من الملوك والأمراء السعوديين لتزويدهم بالحجج الشرعية الداعمة لما يتخذونه من قرارات. صمد ذلك التحالف ما يقارب من قرنيْن أمام التغيرات الهائلة التي شهدتها الجزيرة العربية، إلا إن تلك التغيرات أحدثت أيضاً شروخاً بدأت ملامحها تتضح منذ أن تحدى ذلك التحالف منشقون عن الحركة الوهابية بقيادة جهيمان القحطاني، قاموا باحتلال الحرم المكي في نهاية عام 1979. وتشير دراسات إلى تسارع تآكل مصداقية الركيزة الدينية في أعقاب الفتاوى التي أصدرتها «هيئة كبار العلماء» الرسمية لتبرير سماح الملك فهد في العام 1990 لقوات التحالف الغربي بإقامة معسكراتهم في الأراضي السعودية تمهيداً لحرب تحرير الكويت. كما ساهم في إضعاف الركيزة الدينية الفتاوى المتتالية التي صدرت لتبرير قمع معارضي الوجود العسكري الأميركي في الأراضي السعودية. وبسبب ابتذال المؤسسة الدينية لسلطتها في إصدار الفتاوى والحيل الشرعية، رأينا ازدياد الحراك الشعبي المضاد الذي ينطلق من المساجد بعد أداء الصلوات، متحدياً فتاوى يرددها فقهاء «هيئة كبار العلماء» الرسمية بتحريم الخروج على السلطان، «وإن سرَق مالك وضرَب ظهرك»، أو أبحاثاً تنشرها المعاهد الدينية من قبيل «الحجج الجلية في تحريم المظاهرة في السعودية».
الركيزة الريعية
وثالث المرتكزات، وأكثرها ثباتاً، يتمثل في الموارد المالية التي تشمل عوائد صادرات النفط السعودي، وهي تزيد عن مليار دولار في اليوم الواحد. فلقد أتاحت هذه الموارد المالية إدامة الركيزتين الدينية والعسكرية / الأمنية، كما وفرت للعائلة المالكة قدرات لا حدود لها لضمان ولاء النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بمن فيها شيوخ القبائل والتكنوقراط. وتمكنت العائلة المالكة من فرض اعتبار قيام المؤسسات الحكومية بوظائفها الأساسية في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية «مكرمات»، يتطلب التمتع بها إعلان الولاء للعائلة المالكة واستمرار الإشادة بأفضالها. وبسبب هذه الموارد المالية، تمكنت العائلة المالكة من الحفاظ على دورها كمحرك للنشاط الاقتصادي في البلاد، عن طريق تحويل الحكومة إلى أكبر صاحب عمل في المملكة، وعن طريق التحكم في أساليب إسناد مشاريع البنية التحتية إلى القطاع الخاص السعودي. ويتجه هذان الدوران إلى التعاظم حسبما تشير أرقام الميزانية العامة للعام الحالي. فلقد تضمنت تلك الميزانية تخصيص 400 مليار دولار لمشاريع البنى التحتية. وتستطيع هذه المخصصات الجديدة تخفيف حدة الاحتقان الاجتماعي المزمن، وخاصة ما يرتبط بارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، وخاصة بين الشباب. فلقد زادت نسبة العاطلين بين السعوديين في الفئة العمرية بين 25 و29 سنة على 37 في المئة، حسب الأرقام التي نشرتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في الشهر الماضي. وتشير الأرقام الرسمية نفسها إلى أن نسبة البطالة بين خريجات الجامعة السعوديات تزيد على73 في المئة. إلا أن ما يعيق التوقعات المتفائلة بخصوص المخصصات الجديدة المعتمدة هو انتشار الفساد في أجهزة الدولة، وهو سيؤدي إلى تحويل جزء كبير من تلك المليارات المخصصة لمشروعات البنية التحتية إلى جيوب الأمراء، بالإضافة إلى المتنفذين في الأجهزة الحكومية والسوق السعودية.
لا تشكل الاحتجاجات التي تشهدها المملكة السعودية تحدياً وجودياً للنظام الملكي فيها. ولكنها تضعه امام اختبارات غير مسبوقة. وهو لن يتمكن من عبورها، كما في السابق، بتحريك رجال الدين لإصدار فتوى تحريم الخروج على ولاة الأمور أو الفتاوى التي تكفر المعارضين وتهدر دماءهم قبل أن تتولى الأجهزة الأمنية والعسكرية التعاطي معهم. فبسبب تعدد الفئات المنخرطة في الاحتجاجات التي تشهدها المملكة، بمن فيهم النساء والعاطلون عن العمل، وبفضل قدرة النشطاء على التواصل ضمن حدود المملكة وخارجها، تواجه السلطات السعودية صعوبة في الاستفراد بالمحتجين، وفي وصم احتجاجاتهم بأنها من تدبير فئة ضالة أو ترويج اعتبارها جزءا من مؤامرة خارجية. لهذا تزداد الاحتجاجات وتنتشر وتزداد جرأة المشاركين والمشاركات فيها، ما يبرر التفاؤل بما يحدث. فمع أن التمرد العربي لم يصل بعد إلى السعودية، إلا إنه ليس بعيداً تماماً!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.