أكثر من مليار مشترك.. وأرباحه البالغة 1.5 مليار دولار عام 2013 أكثر 30 مرة منها في العام الذي قبله عشر سنوات على «فيسبوك» مضت عشر سنوات على تأسيس «فيس بوك»، أكبر موقع تواصل اجتماعي في أميركا، وفي العالم. وكان حريا أن يكون مركز الاحتفال ليس رئاسة الشركة في ولاية كاليفورنيا، ولكن في جامعة هارفارد، وذلك لأن المشروع بدأ بفكرة للمزاح والتواصل بين بعض طلاب جامعة هارفارد. واليوم، صار فيه أكثر من مليار مشترك من كل أنحاء العالم، ويدر مليارات الدولارات سنويا. بدا الفكرة مارك زوكربيرغ وخمسة من زملائه. واقتصر التسجيل على طلاب الجامعة. ثم توسع ليتيح الاشتراك لكل طلاب الجامعات الأميركية، ثم الكندية، ثم كل الناس في كل العالم. وكم كانت مسيرته مبهرة وخارج المقاييس حيث إن أرباحه ناهزت 1.5 مليار دولار، أي أكثر 30 مرة من أرباحه عام 2012. وبينما تلقى «فيس بوك» أنباء سارة مع عيد ميلاده العاشر، تلقى، أيضا، أخبارا غير سارة. وكما قال هنري سامبورييان، محرر صفحة الإنترنت في صحيفة «هافنغتون بوست»: «ها هو (فيس بوك) على أبواب المراهقة. لهذا، لننتظر عشر سنوات لنرى ماذا سيحدث له عندما يبلغ العشرين، ويتخطى سنوات التقلبات. هل سينمو عن الطوق، ويصير أقوى؟ أم هل ستؤثر عليه المشاكل، وربما ستحطمه؟». وأشارت دراسة أجرتها جامعة تكساس الأميركية عام 2009، تناولت 2600 طالب، إلى أن الذين استخدموا «فيس بوك» بكثرة كانوا راضين عن حياتهم بشكل أكبر، كما أظهرت دراسة أخرى أن خمس دقائق ينظر فيها المستخدم لحسابه الشخصي في «فيس بوك» تزيد من الثقة بالنفس. واعتبرت دراسة لجامعة ميشيغان الأميركية أن «صور الرحلات المرفهة أو إعلانات الخطوبة والزواج تؤثر سلبا على المستخدمين لاعتقادهم أن حياتهم تعيسة». ومؤخرا، من بين الأخبار غير السارة، توقعت دراسة في جامعة برينستون (ولاية نيوجيرسي) أن «فيس بوك» سيفقد نسبة 80 في المائة من مستخدميه بحلول عام 2017. غير أن الدراسة فلسفية، أو منطقية، أكثر منها واقعية، وتشير إلى أن «الأفكار تشبه الأمراض.. تنتشر في سرعة كبيرة بين الناس.. ثم تندثر». واعترف كاتبا الدراسة، طالبا دكتوراه في الهندسة الميكانيكية، بأنهما لا يملكان أدلة علمية، لكنهما يعتمدان على فلسفة تقول «لكل جديد جديد». وسأل واحد منهما في مقابلة مع صحيفة الجامعة: «أين أميركا أونلاين؟». وقال إنهما توصلا إلى أن «فيس بوك» بلغ ذروته في عام 2012، وأن «التراجع السريع»، حسب نظريتهما، سيلي ذلك، بدليل أن عدد مستخدمي الموقع بدأ، فعلا، يتراجع عام 2013. لهذا، توقعا أن يفقد «فيس بوك» 80 في المائة من مستخدميه مع حلول عام 2017. طبعا، لم تقبل شركة «فيس بوك» هذا التحليل غير الموثق. بالعكس، أعلنت أنها تستمر في تقديم خدمات جديدة. والشهر الماضي، أعلنت خدمة جديدة بإبراز قائمة بالمواضيع الأكثر شعبية وتداولا في الموقع. وفعلا، بدأت القائمة تظهر في الزاوية العليا من صفحة «آخر الأخبار»: مواضيع عبارة عن عناوين، وشرح مبسط لكل موضوع. وعند النقر على أي واحد، تظهر قائمة «الأصدقاء» والموضوعات المتعلقة بالموضوع. وفعلا، وجدت الفكرة الجديدة إقبالا كبيرا. وتشبه الفكرة ما تفعله شركة «تويتر» التي تنشر قائمة «تريندينغ» (المواضيع الأكثر قراءة). لكن، لأن «فيس بوك» تركز على «الأصدقاء» أكثر، تشمل قائمتها إشارات لهم «لتزيد الصداقة»، كما قالت نشرة «فيس بوك» التي أعلنت بداية تنفيذ الفكرة. وهناك مشكلة أخرى يواجهها «فيس بوك» مع بلوغه العاشرة من العمر: اكتشافات إدوارد سنودن، خبير الكومبيوتر الذي عمل مع وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه)، ثم هرب، ونشر ملايين المعلومات عن تجسس الوكالة على الأميركيين وغير الأميركيين.. وأن أغلبية التجسس عن طريق مواقع شركات الإنترنت: «فيس بوك» و«تويتر» و«غوغل» و«مايكروسوفت»، وغيرها. وسارع زوكربيرغ، مع بقية رؤساء هذه الشركات، وانتقد ما فعلته «إن إس إيه». ثم اجتمعوا كلهم، وقرروا الضغط على الحكومة لوقف هذا التجسس. وفعلا، اجتمعوا مع الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض، وقالوا إنهم يخشون فقدان ثقة الناس الذين يعتمدون عليهم في الأخبار والتواصل والتحليل. وأسس «زوكربيرغ فايلز» (ملفات زوكربيرغ)، وفيها كل ما قال عن الشركة. وفيها أكثر من مائة محاضرة، وأكثر من 50 ملف فيديو، وتعليقات في الإنترنت، ومقابلات إعلامية. وفي البداية كتب «أريد أن تبدأ الشفافية من هنا» (قبل وكالة «إن إس إيه»). لكن، في الوقت نفسه، أسس أستاذ جامعي موقعا يعتمد على موقع زوكربيرغ، لكن يحلله تحليلا دقيقا ونقديا. هذا هو د.مايك زيمير، أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة ويسكونسن (ولاية ويسكونسن). قال «يتمثل هدفنا الأساسي في فهم فلسفة زوكربيرغ حول مواضيع مثل (الخصوصية) و(الشفافية) و(الحرية)، وذلك لأن الأسلوب الذي يفكر به زوكربيرغ يؤثر تأثيرا مباشرا على أكثر من مليار مستخدم حول العالم». حسب هذا الموقع، منذ عام 2009، ذكر زوكربيرغ كلمة «شفافية» فقط 17 مرة، بينما ذكر كلمات مثل «توسيع» و«زيادة» و«استثمار» مئات المرات. وقال زيمير «غريب ألا تذكر هذه الشخصية المهمة في النقاش العالمي حول الخصوصية كلمات مثل (الشفافية) و(الخصوصية) و(الانفتاح)». وأول من أمس، صار واضحا أن مشاكل الشاب زوكربيرغ تزيد ولا تقل، وذلك عندما نشرت أخبار بأن مدير الاستخبارات البريطانية، سير ايان لوبان، سيستقيل، على ضوء تسريبات إدوارد سنودن. وذلك بسبب استعمال الوكالة لمواقع، مثل «فيس بوك»، للتجسس على الناس. وأمس الاثنين، أصدرت شركة «فيس بوك» بيانا كرر حرص الشركة على حماية خصوصيات الذين يستخدمونها. لكن، لا بأس من أخبار سارة مع عيد الميلاد العاشر. يوم الجمعة، أعلنت الشركة أقوى نمو للإيرادات في عامين. وتجاوزت توقعات خبراء «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك). وأعلنت، أيضا، استمرار نمو قوي لمبيعات شركة الإنترنت من خلال إعلانات التليفون الذكي. وحسب البيان، قفزت قيمة السهم 12 في المائة، إلى 98.59 دولار في المعاملات، قبل الإغلاق الرسمي في بورصة نيويورك يوم الجمعة، وأن إيرادات الربع الأخير من العام الماضي ارتفعت بنسبة 63 في المائة، أيضا، بسبب مبيعات إعلانات أجهزة التلفون الذكي، وأن هذه شكلت نسبة 53 في المائة من إجمالي إيرادات الإعلانات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2013 أي 24.1 مليار دولار (مقارنة مع 49 في المائة في الربع الثالث). ونقلت وكالة «رويترز» تصريحات لمسؤولين في «فيس بوك»، قالوا فيها إن لديه الآن 23.1 مليار مستخدم شهريا، وإن 945 مليونا يحصلون على الخدمة عبر التليفونات الذكية أو أجهزة الكومبيوتر اللوحي. وأخيرا، في السنة الماضية، نقلت الأخبار أن «فيس بوك» كان من المنافسين على جائزة نوبل للسلام لعام 2013. ونشرت «رويترز» تقريرا عن «فيس بوك» قالت فيه إنه «أكبر شبكة اجتماعية في العالم»، وإنه «كان أداة سياسية مهمة في انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط، حيث كان إحدى الشبكات الاجتماعية التي ساعدت الناس في الحفاظ على تواصلهم وتنظيم المظاهرات». طبعا، لم يفز «فيس بوك». لكن، من يدري، ربما سيفوز هذا العام، أو في الأعوام المقبلة. هذا إذا لم تتحقق توقعات الذين قالوا إن «مراهقة فيس بوك ستكون صعبة»، وإنه ربما لن يقدر على تجاوزها بنجاح.