تعزيزات امنية حوثية في البنوك بصنعاء بعد تزايد مطالبة المودعين بصرف أموالهم    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    ما معنى الانفصال:    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    دموع ''صنعاء القديمة''    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا تُطمس هويّتك الحضرمية
نشر في نجم المكلا يوم 15 - 04 - 2014

( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .
(البقرة اية 75 ) .
بيِّن لنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة كيف أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى قاموا بتحريف جوانب كثيرة من التاريخ وقصص الأنبياء وقد صحّح لنا سبحانه هذه التّحريفات في ايما آية من كتابه العزيز .
وانطلاقاً من هذا المبدأ الرّباني العظيم ، أُّسطّر لحضراتكم هذا المقال الذي يروق لي ان أطلق عليه اسم ( حتى لا تُطمس هويّتك الحضرمية ) حيث ن
أقوم فيه بإذن الله تعالى بتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي طالما قد وقع فيها وحرّفها كثير من الناس وللأسف الشديد وذلك حتى تعود الأمور إلى نصابها ، والمياه إلى مجاريها ، ويزول الغبش ، وتظهر الحقيقة واضحة جلية ناصعة للعيان .
نقول وبالله التوفيق ،،،،
ذكر الإمام البخاري (3499) :
( سميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة والشام لأنها عن يسار الكعبة ) .
قال العيني (72/16) :
( سميت اليمن؛ لأنها عن يمين الكعبة ). وهو قول الجمهور .
قال أبو عبدالله (م/52) :
( سميت اليمن؛ لأنها عن يمين الكعبة, والشام؛ لأنها عن يسار الكعبة ) .
أنظر لكتاب ( القول الحسن في فضائل أهل اليمن ) .
قال ابن عباس :
( تفرقت العرب فمن تيامن منهم سميت يمناً ) .
معجم البلدان لياقوت الحموي: 5/447 (ذيل كلمة اليمن) .
ويعتقد الإخباريون أنّ هذه المنطقة تُسمّى باليمن؛ لأنّهم يذهبون إليها من جهة اليمين ولهذا كتبوا إنّما سُمي يمناً لأنّه عن يمين الكعبة .
أنظر لمروج الذهب للمسعودي 2/ 69 .
كما جاء أيضاً في معجم البلدان أن مُسمى لفظ اليمن يعني اليُمن والخير والبركة لأنها أيمن الأرض . أنظر لمُعجم البلدان ( 447/5 ) .
مما سبق ذكره نستطيع القول أن اليمن كمُسمّى في القديم كان مجرّد أتجاه أرض فقط .. !
فالعرب قديما قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة قرون وتحديداً حينما ابتدأوا رحلتي الشتاء والصيف التي كانوا يذهبون فيها في فصل الشتاء إلى اتجاه يمين الكعبة للتجارة مستغلين الظروف المناخية ويعودون بالأرباح فاعتبروا هذه البلاد التي يذهبون إليها بلاد اليُمن والخير والبركة فسميت يمناً لذلك فرحلة الشتاء والصيف هما السبب الرئيسي في تسمية اليمن والشام .
اما ما قبل الرحلتين فلا يُعرف اليمن ولا الشام ، فالرقعة الجغرافية الممتدة يمين الكعبة كانت ما قبل رحلة الشتاء تُعرف بالعربية السعيدة ، وليس اليمن السعيد كما يظن البعض .. ! فلم تكن لفظة اليمن قد استحدثت أنذك وأحياناً كان يُطلق عليها كذلك اسم عرب الجنوب أو عرب الاحقاف كما وصفها ابن كثير عليه رحمة الله
كما كان يُطلق كذلك أسم ( العربية الصخرية ) للبتراء وأجزاء من الشام،
و( العربية الصحراوية ) للحجاز
أنظر لبعض الدراسات التاريخية القديمة كمثل ( المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام) لجواد العلي الجزء الأول .
ويُقال قديماً أيضاً بأن الناس كثُرت بمكة فالتأمت بنو يمن إلى اليمن وهي ايمن الأرض فسميت بذلك
أنظر للمفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 2/ 531.
فاليمن (الجهةً) هو كل ما كان يمين الكعبة ، فهي رقعة جغرافية واسعة مترامية الأطراف واقعة جنوب الجزيرة العربية
ولاشك أن أرض حضرموت داخلة في هذه الرقعة الجغرافية الواسعة إذ أن حضرموت تقع تماماً في الجنوب الشرقي من الكعبة وليس الجنوب، فهي أقرب للحجر الأسود منها إلى الركن اليماني ، فحضرموت ليست يمين الكعبة كإتجاه وإنما هي امتداداً للجنوب، لهذا فهي داخلة في اليمن جهةً فقط إذ أن العرب قديماً في رحلتهم في فصل الشتاء عندما كانوا يذهبون باتجاه يمين الكعبة للتجارة كانوا يصلوا إلى حضرموت ( في الجنوب الشرقي ) ويشترون منها البخور واللبان كما هو معروف ويعودون إلى بلادهم فيقولون جئنا من اليمن على الرغم من تخطيهم لاتجاه يمين الكعبة امتداداً الى الجنوب الشرقي .
ولهذا قال غير واحد من أهل العلم أن حضرموت بلدة باليمن ( أي من جهة اليمن ) على الرغم من أن لفظة بلدة التي يستدل البعض بها على الصغر والتبعيّة كانت في الزمن السابق تعني ما لا تعنيه هذه اللفظة في الزمن اللاحق فقد كان يُطلق على حضارة سبأ بأكملها لفظة بلدة كما قال الله تعالى (( بلدةٌ طيبةٌ ورب غفور)) .
كذلك مصر كان يُطلق عليها بلدة على الرغم من رقعتها الجغرافية الواسعة وهويتها السيادية المستقلة
فمن اهل العلم اللذين قالوا بذلك :
الحافظ ابن حجر في فتح الباري 156/1
والأمام السيوطي في شرح السيوطي على مسلم (1/ 154)
ومن المفسرين مقاتل بن سليمان في تفسيره صفحة 23
مجاهد في الذر المنثور 449/6
التابعي دعامة بن قتادة السدوسي كما عند الطبري
الإمام ابن الجوزي في المنتظم 4/ 241
ابن خلدون في تاريخه 119/4
خليفة بن خياط في تاريخ خليفة بن خياط ص 97
ومن علماء السير محمد بن إسحاق المطلبي كما عند الطبري وابن أبي حاتم
ومن الفقهاء الأمام الشافعي وأبا يوسف القاضي كما جاء عند البيهقي .
كل هؤلاء الأعلام وغيرهم كثير قالوا ان حضرموت بلدة باليمن أو مخلاف (محافظة) من مخاليفها على الرغم من أن لفظة مخلاف تعطي صفة إدارية على العكس تماماً من لفظة إقليم فهي أكثر دقة لأن الإقليم كلفظة تعطي صفة جغرافية سياسية وحضرموت لم تكن تابعة لأي من الحضارات التي سكنت جنوب الجزيرة العربية بل كانت مستقلة السيادة .
وقبل أن نتكلم عن هذه النقطة بالتفصيل لابد من توضيح ما تعنيه كلمة اليمن حتى يتضح لنا الأمر جيدا ،
فكلمة اليمن كما بينّا أعلاه تعني اليمين ( أي اتجاه ) وأضف الى ما دكرناه أعلاه كذلك
قال المؤرخ الهمداني: (( يمن وشام فجنوبها اليمن وشمالها الشام)) ويقصد بذلك الكعبة، أما حسين بن علي بن أحمد الويسي صاحب كتاب ((اليمن الكبرى تاريخ وجغرافيا)) فيقول: (( اليمن هي الواقعة يمين الكعبة)) وقد سبقه إلى هذا القول المسعودي صاحب كتاب ((مروج الذهب)) وقد ادخل المسعودي قبيلة طي التي ينتمي إليها حاتم الطائي الموجودة بغرب نجد في اليمن على أساس تناوله للكلمة كاتجاه ، ومن اهم المعاجم التي تناولت الكلمة بهذا المعنى معجم ((لسان العرب واحد)) وفي معجم البلدان يقول الشرقي: ((إنما سميت يمناً لتيامنهم إليها )) .
هنا يتبين لنا بشكل واضح لا مرية فيه أن اليمن إنما سُميت يمن اتجاهً وحضرموت داخلة في اليمن اتجاهً كذلك لا كياناً كما يظن الكثيرون .. !
إذ انه لم يُعلم في التاريخ أنها كانت كياناً واحداً إلا في العصر الحديث عام1990م بقيام الجمهورية اليمنية،
أما لفظ اليمن كهوية سياسية وجغرافية بدلاً من كونه إتجاه فقد جاء حديثاً أيضاً وبالتحديد في عامي 1918م عند قيام المملكة الُمتوكليّة اليمنية التي استمرت حتى عام1962م ، وكذلك في عام 1967م عند قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اما ما قبل هذه التواريخ الثلاثة فكان المقصود باليمن الجهة فقط ، أي بمعنى الرقعة الجغرافية الواقعة يمين الكعبة ومصداق ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقبل من تبوك حين قال: (( الإيمان يمان والحكمة يمانية )) فكان النبي صلى الله عليه وسلم عند قدومه من تبوك كانت حينئذ مكة عن يمينه فقال هذا الحديث بناءاً على موقعه من البلاد المراد إمتداحها أي بمعنى أن الأيمان والحكمة موجودان في أهل الأرض التي تقع يمينه انذاك وهي مكة وما بعدها ( تدخل فيها اليمن وحضرموت جهةً ) .
قال الحافظ ابن حجر:(( قيل معناه نسبة الإيمان الى مكة لأن مبدأه منها ومكة يمانية بالنسبة للمدينة، وقيل نسبة الإيمان الى مكة والمدينة وهما يمانيتان بالنسبة للشام، بناءاً على ان هذه المقالة صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ بتبوك ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر عند مسلم ((والإيمان في أهل الحجاز)) ، وقيل المراد بذلك الأنصار لأن اصلهم من اليمن ونسب الإيمان إليهم لأنهم كانوا الأصل في نصر الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حكى جميع ذلك ابي عبيد في غريب الحديث له ) .
وقال ابي عبيد أيضا : ( إنما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لأن مكة منها وُلد نور الإيمان ومكة من بطون تهامة وتهامة يمنية ) .
كذلك لعلّ مصداق ما نقوله أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم :
( والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) . رواه البخاري
فهدا الحديث يدل على تمام أمر الإسلام في المستقبل وأمن الناس من عدوان بعضهم على بعض كما كان ذلك في الجاهلية.
قال الحافظ في الفتح : ( يحتمل أن تكون صنعاء اليمن ويحتمل أن تكون صنعاء الشام ) .
وقال ياقوت الحموي ( هي قرية على باب دمشق عند باب الفراديس تتصل بالعُقيبة وسميت باسم من نزلها من أهل صنعاء اليمن ) .
فسواء كان المقصود بها صنعاء اليمن او صنعاء الشام فكلاهما هويتان مستقلة تماماً عن حضرموت ، وذكرُ النبي صلى الله عليه وسلم للمنطقتين بهوياتهم وتركه لذكر أسم الجهة (اليمن) يدل على الانفصال والمغايرة وتعبيراً عن بعد المسافة بينهما.
إن الرقعة الجغرافية الواسعة التي تقع يمين الكعبة والتي تُعرف باليمن جهةً سكنتها عدة حضارات مستقلة الحكم والسيادة ومجتمعة في هذه الرقعة الجغرافية الواحدة
ومن أشهر هذه الحضارات حضارة معين التي كانت عاصمتها قرناو بالجوف وحضارة سبأ التي كانت عاصمتها صرواح ثم انتقلت الي مأرب ، فكلا الحضارتين كانت في شمال اليمين والمعروف اليوم بشمال اليمن، وحضارة قتبان وأوسان في يمين اليمين والمعروفة في هذا العصر بالجنوب العربي، وإلى الجنوب الشرقي قامت اعرق هذه الحضارات تاريخياً والتي يتمحور حديثنا حولها وهي حضارة بلاد الأحقاف (( حضرموت )) فهي أحد أقاليم اليمن (جهةً)ً بلاد الأحقاف أمّة عاد الأولى التي ذكر القران الكريم أخبارها في سورة كاملة باسم الأحقاف ومن ابرز ما قال عنهم انه لم يخلق مثلها في البلاد ونبيها المرسل هود عليه السلام أول نبي عربي
ومن ما تجدر الإشارة إليه أن هذه الحضارة انفرد القران الكريم وحده بذكرها فهي لم تذكر لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في اي من الكتب السماوية لتُعد من وجوه الإعجاز التاريخي فلا يوجد مصدر لهذه الأخبار سوى القران الكريم
فالقرآن الكريم حينما تناول هذه الحضارات ((حضارة بلاد الأحقاف )) و ((حضارة سبأ )) في سورتين كاملة ((الأحقاف وسبأ )) لم يُذكر فيهما لفظ اليمن وإنما اكتفى القران بذكر الكيان والهوية لهذين الحضارتين وترك لاتجاه .. !
(( إذ انذر قومه بالأحقاف )) (( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية )) فلو كانتا كياناً واحداً لما جاء ذكرها في القران الكريم في سورتين كاملتين منفصلتين بإسم الأحقاف وسبأ.
فكل الحضارات كانت أنداك كيانات مستقلة السيادة مجتمعه في ارض واحدة تقع يمين الكعبة .
إن لفظ اليمن إذا اُطلق فهو أعم من أن يُفهم أن المقصود به اليمن المعروف اليوم بحدوده الجغرافية والسياسية ( الجمهورية اليمنية ) . ولعل اوضح واصح الحدود لليمن في العُرف الشرعي هو قوله صلى الله عليه وسلم: (( وليهل أهل اليمن من يلملم)) رواه البخاري ومسلم ، فما وراء ميقات يلملم من أرض تعتبر من اليمن جهة وليس كياناً وهذا الفهم لا يختلف عليه أحد ، فتهامة وما جاورها كدوس وغيرها مثلا كانت تعتبر ارض يمنية وهذا ما يفسر أنه يقال لأبي هريرة رضي الله عنه اليماني كما جاء في ترجمته على الرغم من أنه دوسي من بلاد دوس ، فدوس تعتبر يمنية الاتجاه ولكنها في الوقت نفسه ذات هوية وسيادة سعودية في العصر الحديث وما ينطبق على دوس وغيرها من الأرض الواقعة يمين الكعبة ينطبق على حضرموت فهي يمنية الاتجاه حضرمية الهوية والكيان.
إن حضرموت ككيان مستقل موجود حقيقةً منذ أكثر من خمسة الف سنة وتحديداً عام 1500قبل الميلاد فهم أول من سكن جنوب الجزيرة العربية وسبقت ضهور معين وسبأ بحوالي أكثر من خمسة قرون وكانت اول عاصمة لها ميفعة ثم انتقلت إلى شبوة واستمرت حضرموت مستقلة السيادة منذ ان وجدت حتى جاءت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فتعامل معها عليه الصلاة والسلام كإقليم مستقل وكيان منفصل فأرسل لها عاملا خاصاً بها وهو الصحابي زياد بن لبيد الأنصاري الخزرجي البياضي رضي الله عنه وارسل لها كذلك مرشداً إسلامي خاصاً بها ليعلم الناس أمور دينهم وهو الصحابي الجليل ابو موسى الأشعري رضي الله عنه الذي كان تمركزه في مدينتي شبام وتريم ، وجاءت لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حضرموت عدة وفود جماعية وفراديه، فمن أشهر الوفود الجماعية وفد كندة الذي يترأسه الأشعث بن قيس الكندي رضي الله عنه الذي روى لنا حادثة تؤكد ما نقوله حول حضرموت ، فعن الأشعت بن قيس الكندي رضي الله عنه أن رجلا من كندة ورجل من حضرموت اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض باليمن فقال الحضرمي يا رسول الله أرضي اغتصبها هذا وابوه ، وقال الكندي يا رسول الله هي أرضي ورثها عن أبي … الخ . رواه الأمام أحمد وغيره ،
فالشاهد من هذا الحديث أن المتخاصمين أحدهما كندي والآخر حضرمي على الرغم من أنهم من أرض واحدة يقال لها اليمن اتجاهً وهذا يدل على أن اليمن كانت اتجاه ارض فقط وليس هوية ولو كانت هوية لقال رجلين من اليمن .
إن حضرموت وكندة كانتا حضارتين وهويتين مستقلتين واليمن رقعه ارض جمعتهم على الرغم من أن حضرموت كحضارة هي أقدم من كندة بكثير، فحضرموت تنحدر من قحطان مباشرة الذي ينحدر منه كذلك يعرب وجرهم وعمان، كما جاء ذلك في كتاب ( اليمن والإنسان والحضارة) لعبدالله بن عبد الوهاب بن مجاهد الشماحي طبعة 72 القاهرة
أما كندة فتنحدر من سبأ بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي رقم الحديث 3222 وفي مصنف ابن ابي شيبه وفي مشكل الآثار لطحاوي وابو داؤود في سننه والحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير والطبري في تفسيره لسورة سبأ وغيرهم كثير عن ابن عباس رضي الله عنه عندما سئل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ اهو ارض ام امرأة فقال ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد له عشرة من العرب فتيامن منهم سته وتشاءم منهم اربعة فأما الذين تشاموا فلخم وجدام وغسان وعاملة واما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير ومدحج وأنمار وكندة…..الخ
فالكندين كما تقول كتب التاريخ هاجروا من نجران واستقروا في حضرموت ونجران سبئية وهذا ما يفسر قول أمرؤ القيس دمون دمون نحن معشر يمانون كما روي عنه
أما سبأ فتنحدر من يشجب بن يعرب بن قحطان ، وعلى ذلك فحضرموت يُعتبر جداً لسبأ لأن حضرموت ابن قحطان مباشرة وهذا ما يفسر ضهور حضرموت قبل سبأ بأكثر من خمسة قرون، فحضرموت موجودة منذ عهد نبي الله هود عليه السلام أما سبأ فذُكرت في عهد نبي الله سليمان عليه السلام وقصته المشهورة مع الهدهد ،وبين نبي الله هود ونبي الله سليمان قرابة الخمسة قرون تقريباّ .
أما الوفود الفرادية التي قدمت للنبي صلى الله عليه وسلم من حضرموت كان من اشهرهم وائل بن حجر الكندي ، وقيس بن سلمه الجعفي ، وربيعه بن مرحب الحضرمي وغيرهم .
إن الحضارم لم يشتهروا تاريخياً بلفظة اليمن في انتسابهم للأرض على العكس تماما ًمن المعينين والسبأيين فقد اشتهروا بهذا كثيراً فمنهم مثلا طاؤوس اليماني وحذيفة ابن اليماني وغيرهم كثير، أما الحضارم فلا ينتسبون لليمن بل لكياناتهم وهوياتهم فتجد منهم العلا بن الحضرمي وربيعة الحضرمي وغيرهم كثير، وهذا دليل آخر على ما نقوله حول حضرموت ،
فإنتساب الرجل يكون إما لأرض وإما لهوية وانتسابه للأرض لا يعني انسلاخه من الهوية فنحن الحضارم يمانيون الاتجاه (الأرض) حضارم الهوية والكيان. أما أن تكون حضرموت يمنية الهوية فهذا ما لا نستطيع أن نبلعه
فمن الممكن أن يقال أن اليمن حضرمية وليس حضرموت يمنية الهوية فلم نرى ولداً هو أكبر سناً من والده فضلاً عن جده !!!
حضرموت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عام 1967م :
جاء الاسلام وحضرموت كما أسلفنا حضارة مستقلة منفصلة السيادة وتعامل معها الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا على هذا الاساس وضلت كذلك طيلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وطيلة عهد الخلفاء الراشدون كإقليم منفصل، ثم جاءت بعد ذلك الدولة الاموية التي دامت قرابة 100 عام وحضرموت كذلك منفصلة السيادة تحت إمرة الامويين ، ولما قامت الدولة العباسية بعصريها على انقاض الدولة الاموية واستمرت قرابة 600 عام كانت حضرموت كذلك على نفس الوثيرة إلا أن العباسيين جعلوا حكم حضرموت يتم عن طريق واليهم في صنعاء وفي هذه الحقبة من الزمان يحصل لبس عند كثير من الناس فيضنون ان ارض اليمن موحدة من ذلك الزمان .
ثم جاء بعد ذلك الفاطميون والايوبيون والمماليك والعثمانيون ولازالت حضرموت انذاك محافظة على هويتها وكيانها منفصلة السيادة وتدار فعلياً من عواصم هذه الدول الاسلامية في كل من دمشق او بغداد او القاهرة واحياناً ضمن سلطة اقليمية لهذه الدول تارة من صنعاء وتارة من تعز وتارة أخرى من عدن وهذه المناطق كانت بدورها خاضعة لسلطة هذه الدول الإسلامية المتعاقبة
والجدير بالذكر أنه في نهاية عهد المماليك بدأت تظهر السلطنة الكثيرية الحضرمية الاولى التي استمرت قرابة 700 عام ففي عام 1538 م أصدر السلطان العثماني قرار بجعل سلطان حضرموت انذاك بدر بن عبدالله الكثيري المكنى بأبي طويرق سلطاناً على حضرموت وقد حدد السلطان العثماني حضرموت بأنها الارض الممتدة من باب المندب حتى ظفار بالرغم من أن النفوذ الفعلي للسلطان أبي طويرق لم يصل إلى ابين وعدن ولحج والضالع وباب المندب ،
كما طلب السلطان العثماني من سلطان حضرموت ان يتلقى تعليماته مباشرة من عاصمة الخلافة العثمانية التي كان أسمها ((الأستانه)) والتي تُعرف اليوم ((بإسطنبول)) وليس من الوالي العثماني في صنعاء
ثم بعد السلطنة الكثيرية الحضرمية الأولى جاءت بعض الإمارات والمشيخات كبني راشد وبني فارس وغيرهم ثم جاءت السلطنة الكثيرية الحضرمية الثانية واستمرت حتى قامت ولأول مرة في تاريخ هذه الحضارة العريقة دولة سميت يمناً ككيان وهوية بدل من أن تكون رقعة ارض تعد جهةً لحضارة وهي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1967م فلم تسمى هذه الحضارة باليمن ككياناً وهويتاً الا في هذا العام فقط ، أما ما يقوله البعض من ان الملك (شمريهرعش) آخر ملوك سبأ قد وحد الحضارات كلها واطلق عليها اليمن فهذا غير صحيح لأن اللفظ جاء في جميع كتب التاريخ يمنات أو يمنت وليس اليمن ، والفرق كبير بين اللفظين فيمنات تعني اقصى اليمين وهي المنطقة الساحلية الممتدة من عدن إلى ابين فقط وليس المقصود بها ارض جنوب الجزيرة العربية كلها مثل ما قال الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه في جل كتاباته ، ولو كانت يمنات تعني ارض اليمن كلها لإكتفى الملك شمر يهرعش بتسمية مملكته (بمملكة يمنات) فقط بدلا من مملكة (سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت واعرابهم في المرتفعات والتهائم ) فسبأ حضارة وذو ريدان حضارة وحضرموت حضارة وكذلك يمنت او يمنات حضارة
كذلك إن القول بان الملك شمر يهرعش قد وحد كل هذه الحضارات يقتضي انها لم تكن موحده من قبل والمعلوم ان الملك شمريهرعش هو اخر ملوك سبأ !!!
كذلك إن توحيد الملك شمريهرعش لكل تلك الحضارات لم يكن إلا غزواً وليس برضى اهل تلك المناطق وقد استعادت جميع تلك الحضارات استقلالها فيما بعد .
كذلك كانت باقي الحضارات في اليمن تحت امرة هذه الدول الإسلامية ولكن ككيانات مستقلة السيادة فالمعنيون والسبئيون مثلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا تحت إمرة الفرس وكان واليهم أنذك باذان الذي أعلن إسلامه طواعية فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ملكه وعين له عاملاً ومرشداً إسلامياً منفصلاُ خاصاً به وهو الصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي اوصاه النبي أن يتقي دعوة المظلوم كما هو معلوم لديكم
كما أرسل للقتبانين الأوسانين عاملاً ومرشداً إسلامياً خاصاً بهم وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي إستقر في عدن
والجدير بالذكر أن السبأيين وتحديدا ملكهم سيف بن ذي يزن هو من جاء بالفرس الى بلادهم كي يخلصوهم من حكم الأحباش أما حضرموت فلم تكن تحت إمرة الفرس ولا الأحباش مما يدلنا انها كانت حضارة مستقلة بذاتها لا تربطها أي صلة بغيرها من الحضارات التي سكنت جنوب الجزيرة العربية سوى رقعة الأرض الممتدة يمين الكعبة
عاش السبأيون المعينيون كما عاش الحضارم تحت إمرة هذه الدول الإسلامية المتعاقبة خلال تلكم الفترة من الزمان إلى أن جاء حكم الأمامة الذي أستمر قرابة الألف عام والذي أبتدئه الهادي بن الحسين وأختتمه بدر الدين بن أحمد بن يحيى الذي دام حكمه ثلاثة أيام فقط وإنقلبوا عليه لتأتي بعد ذلك المملكة المتوكلية الهاشمية وبعدها تأتي ولأول مرة في تاريخ هذه الحضارة العريقة المملكة المتوكلية اليمنية في 1918م وليدخل أسم اليمن كيانا وهوية بدلاً من رقعة أرض تُعد جهةً لحضارتهم واستمرت هذه المملكة حتى عام 1962م .
مما سبق نستطيع القول أن رقعة الأرض الممتدة يمين الكعبة سميت يمناً اتجاه نتيجة لرحلة الشتاء التي بدأت ما قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة قرون تماماً كما سميت الشام نتيجة لرحلة الصيف ،
وهذه الرقعة الجغرافية الواسعة المترامية الأطراف الواقعة يمين الكعبة سكنتها عدة حضارات مستقلة السيادة والحكم تجمعهم ارضاً سميت اليمن جهةً لا كياناً سوى في عامي 1918م بقيام المملكة المتوكلية اليمنية في شمال اليمن وعام 1967م بقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالجنوب العربي وحضرموت معاً .
فحضرموت على مر التاريخ لم تكن لها صلة باليمن الا جهة وليس كيانا ً، فعلى حد علمي ان جميع كتب التاريخ التي تناولت حضرموت تاريخياً لم يورد فيها لفظة اليمن البتة ولم يكن الحضارم يعتقون أنهم يمنيون الهوية الا في العصر الحديث فقط .
هذا ما وقفّنا عليه واستطعنا من جمعه بفضل الله وعونه .. وفي الختام نقول لكل من خالفنا الراي مثل ما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز
{ قُلْ هَل عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ} .
وقال عز من قائل :
{ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.