العليمي يستفرد بقرارات المجلس الرئاسي متجاوزا أعضاء المجلس    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    طبيب سعودي يتبرع بدمه لينقذ مريض يمني أثناء عملية جراحية (اسم الطبيب والتفاصيل)    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    هجوم حوثي مباغت على قوات درع الوطن وسقوط قتلى وجرحى    ثورة على الأبواب...غليان شعبي في عدن يهدد بثورة شعبية ضد الحكومة بسبب تدهور خدمة الكهرباء    اشتراكي المكلا والديس يعقد اجتماعه الدوري    حماس تعلق على إعلان مصر التدخل لدعم دعوى "الإبادة الجماعية" ضد اسرائيل    بعد تصريحات حادة.. وزير الخارجية يلتقي المبعوث الأممي في عدن ويطرح عليه بقوة شرطة الشرعية للسلام    صبرا ال الحداد    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    خبير اقتصادي: قرار مركزي عدن بنقل قرات بنوك صنعاء طوق نجاة لتلك البنوك    فشل ذريع لكريستيانو رونالدو السعودي.. كيف تناولت الصحف العالمية تتويج الهلال؟    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    بالصور.. قاعدة الدوري الأمريكي تفجر غضب ميسي    مبابي يطارد بيريز في احتفالية الليجا    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    مراكز ومدارس التشيّع الحوثية.. الخطر الذي يتربص باليمنيين    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لو كان معه رجال!    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواهب دخلت التاريخ وأخرى فقدناها
نشر في نجم المكلا يوم 17 - 10 - 2012

في مقالى السابق ذكرت عن مواهب حضرمية تستحق العناية والرعاية من قبل رجال الأعمال الحضارم المتواجدين على أرض حضرموت أو من هم في الخارج واعتقد أنه ربما لم يطلع عليه أحد من هولاء رجال الأعمال ولكن كل ما يهمنى هو طرح هذه المواهب على القارى لكى يتفهم ويعرف حقيقة حضرموت التى تزخر بمثل هولاء في شتى المجالات الأخرى .
واليوم قد يستغرب البعض حين أطلاعة على هذا المقال الذى يعتبر الجزء الثانى عن هذه المواهب وربما لم يتعرف أو يسمع البعض من شباب حضرموت عن هذه الشخصية صاحبة الموهبة التى دخلت التاريخ من باب لم يخطرعلى بال هذه الموهبة أنه سوف يؤرخ في كتب المستشقيين ويجوب دولاً لم يعرف عنها أو أين تقع ومواهب أخرى فقدناها برحيلها عن دنيانا أو هجرتها إلى دول غربية .
يقال أن ذاكرة الأنسان ربما في بعض الأحيان لم تسعفة فيما هو مخزون بداخلها لهذا قد يستعين هذا الأنسان ببعض الكتب أو المراجع عن الشخصيات المتوارية بين صفحات هذا الكتاب أو المراجع وما أطلع عليه من خلال الصحف أو السمع عنها وفي موضوعى اليوم عدة شخصيات من فنية وطبية .
الفنان سعيد عوض كاوره
في عام 1894م فكر المستشرق السويدى الكونت كارلودى لاندبرج بالذهاب إلى الحبشة ولكن ظروف تلك البلاد حالت دون تحقيق رغبته فتوجه صوب ميناء عدن التى وصلها في ديسمبر من نفس العام ويقال ربما صدفة خيراً من الف ميعاد وهذه حقيقة لاغبار عليها فالصدفة قد لعبت دوراً في لقاء هذا المستشرق بالفنان سعيد عوض كاوره أبن مدينة شبام .
ففي ذات يوم من شهر يناير من عام 1895م تم التلاقى بين المستشرق لاندبرج والفنان سعيد عوض كاوره الشحرى المطرب الحضرمى الذى لم نكن نسمع عنه لولا هذا المستشرق الذى تعرف على سعيد عوض في عدن وقد تلقى منه نماذج من الشعر الغنائى كانت الأساس الذى أنطلق منه في دراستة للهجة الحضرمية .
وفي مدينة عدن التى وصل اليها هذا المستشرق والتى لم يطيب له الأقامة بها لهذه الأسباب التى ذكرت فقد كانت عدن في ذاك الزمان كانت فنادقها هابطة المستوى وسوقها ملئ بالسلع من الأنواع الردئية وطعامها لا تتحمله معدة لاندبرج وزاد الطين بلة أن خادمة الألماني أصيب بمرض أقعده عن العمل فشد الرحال إلى مصر بصحبة سعيد عوض كاوره ومطرب حضرمى آخر أسمه منصور باضريس بعد أن تم التعارف بينهما .
وقد ذكر في صحيفة المنتالدى العدد 52 الصادرة في دبي لشهر نوفمبر من عام 1985م الصفحة الخامسة مقالاً عن هذا المطرب الحضرمى بقلم الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه علق فيه على القليل الذى حفظه لنا لاندبرج عن سعيد عوض وهو ما أورده في كتابه ( المستشرقين وآثار اليمن ) حيث قال : ( والحق إن المطرب سعيد عوض لايكاد يتذكره أحد من أبناء عصرنا هذا في اليمن وحضرموت فكل الذين أشرعوا أقلامهم للكتابة عن تطور الغناء اليمنى والحضرمى لم يذكروة .
وقد قيد لاندبرج حديث هذا المطرب عن نفسه وعن نشأته وترعرعه وتعلمه العزف على العود في مدينة شبام وكان له صيت بين الناس في عدن وكان معروفاً في مدينة المكلا وأنه غادر الداخل مضطراً وتجول في المدن الساحليه نظراً لاعتراض بعض الفقهاء والسادة الصوفية على الطرب إذ إنه يلهى عن الصلاة وأن مجال الرزق لأمثاله في المدن التى تقع على السواحل أوسع .
ويعود الفضل في تخليد ذكرى هذا المطرب كما يقول الدكتور بافقيه إلى اتصاله بذلك المستشرق الذى ساقته الأقدار إلى عدن باحثاً فيها عن ما يسميه ( قصاد) أو منشداً أو راوى أشعار وكان سعيد عوض قد قدم لتوة من مدينة شبام إلى عدن .
لاندبرج يصف سعيد عوض
يصف لنا لاندبرج الصفات التى كانت متميزة في سعيد عوض قائلاً ( بأنه أنسان خام ) وصريح وأمين ولايعرف عن العالم غير الشئ القليل حتى القراءة والكتابه لايعرفهما كما كان لايعرف من أسماء البلاد بعد حضرموت وعدن سوى مكة المكرمة وقدحببت هذه الصفات المتواجدة في سعيد إلى لاندبرج إذ كان في نظرة هو (القصاد ) المنشود والذى يبحث عنه والذى يمكن مساعدته على دراسة لهجات أهل العربية الجنوبية وهو يعتبر سعيد خير من ينشد الشعر الحضرمى ويغنيه .
السفر إلى القاهرة
وبعد أن وجد لاندبرج ما كان يبحث عنه وبسبب عدم طيب الأقامة في مدينة عدن قرر لاندبرج المغادرة إلى مصر بصحبه سعيد عوض ومنصور باضريس الذى أتضح فيما بعد أنه يقول الشعر الشعبي أيضاً وقد تدخل في أختياره كونه جاب أطراف حضرموت مشياً على الأقدام خلال عشرين عاماً وحفر في قصور عاد بحثاً عن الكنوز وقد غادرلاندبرج عدن إلى مصر وهو يشعر أنه بتعرفه على الرجلين قد وقع على كنز جديد لايقدر بثمن واستقر في حى حلوان حيث استأجر بيتاً ليستطيع أن يكتب فيه مادته اللغوية والشعرية وفي العدد الثالث من نشرته المسماة ( أرابيكا) صفحة 21 نشر لاندبرج صورة لسعيد عوض مع آلته المؤسيقية ( العود ) ويلاحظ فيها ما يرتديه سعيد من ملابس يقول عنها الدكتور بافقيه ( يبدو أنه أتخذها من مصر فهى غير معروفة بحضرموت أو عدن وهى حتماً ليست ملابس حضرمية )
سعيد عوض وآلته المؤسيقية ( العود )
وقبل أن أدخل إلى صلب موضوعنا لابد على أن أضع للقارى تعريف للعود حتى تكون المعرفة الحقيقية لهذه الآله بين يدى القارى .
العود آلة مجوفة تصنع من خشب مزخرف أصله في الغالب من خشب الصندل العطري وبه عدة أوتار مزدوجة ويعزف عادة بنقر أوتاره أو بريشة نسر أو بمعزف مصنوع من قرون الجواميس كما جاء ذكر هذا التعريف في كتاب محمد جمعة خان الأغنية الحضرمية الخالدة .
وفي دراسة أوردها جهاد عبدالله عن العود يقول أن العود دخل الجزيرة العربية حين أستعان أهل مكة ببعض الفرس في القرن الخامس الميلادى لإعادة بناء الكعبة المشرفة في مكة قبل الأسلام وأطلق أهل مكة عليه انذاك التسمية التى نعرفه به حتى اليوم وهو العود وهو أصل الكلمة الأوربية lute التى أطلقت فيما بعد على آلة شبيهة انتقلت للأوروبيين الأندلس تطورت فيما بعد إلى الغيتار المعروف حالياً وأستخدم العرب العود ليصاحب عزفه قصائدهم الجميلة حتى اذا إنتشرت الفتوحات الإسلامية نقل العرب العود معهم إلى البلاد التى فتحوها وعاش حقبته الذهبية في أيام العباسيين فقد شهد بلاط هارون الرشيد تحسينات أدخلها الموسيقي العراقي ( زرياب ) على آلة العود وأوتاره وحين دفعته غيرة اسحق الموصلى إلى الهرب من بغداد واللجوء إلى الأندلس وجد فيها نهضة فنية وثقافية عامرة ونشاطاً فكرياً واعياً وفى قصر قرطبة وضع زرياب أصول الموسيقى التى إنتشرت بعد ذلك لتتعلم منها أوروبا أبجديات الموسيقى الكلاسيكية التى اشتهرت بها .
ويتم تصنيف انواع العود حسب عدد الأوتار فالعود العربي القديم له أربعة أزواج من الأوتار تم تطويرها بعد ذلك من قبل زرياب بإضافة زوج خامس وهذا هو العود العربي المعروف حالياً , سواء عرف بالعود المصري أو المشرقي وظهرت حالات مختلفة لأعواد استخدمت فيها ستة أزواج في المغرب العربي وبعض مدن سوريا والعراق , كما كانت هناك تجارب لإضافة زوج سابع من الأوتار خلال القرن التاسع عشر لكنها تلاشت بحلول القرن العشرين هذه السطور أحببت طرحها تعريفاً عن آله العود .
يقول لاندبرج عن هذا العود ( القنبوس ) إنه صنع في شبام بحضرموت وأن تقسيماته عربية قديمة وربما تكون قد أخذت من شعب آخر وهو ذو أوتار أربعة وهو الشائع والمستخدم في حضرموت واليمن حتى بعد النصف الأول من القرن الهجرى ( الرابع عشر ) وكان الشيخ على أبوبكر باشراحيل والشيخ قاسم الأخفش يعزفان به حتى أواخر أيامهما وسعيد عوض كاوره الحضرمى كان يعمل في عدن ومارس نشاطه الفنى فيها ويطلقون عليه المطرب الشحرى كما يقال أنه أول من عزف على آله العود عند ظهوره في عدن .
سعيد عوض والربابة
ومن مارواه لاندبرج عن سعيد عوض أنه كان لايعرف كلمة ربابة فهو يقول في النص المنشور في النشرة ( في بلادنا ماشى إلا العود ولايوجد عندنا قانون والرباب اللى تحكى لى بها فعندنا يلعبون ‘لى العود ( القنبوس ) والمراويس والهاجر والطار والطاسه والبدو عندهم الشرح والمدروف ومايعرفون الطرب ولا غيرة .
سعيد عوض وعبده الحامولى
يقول لاندبرج عن رحلة مصر إنه حضر حفلاً أحياه المطرب الشهير المطرب المصرى عبده الحامولى وكان سعيد عوض وباضريس بمعيته وعند بلوغ الحامولى ذروته في الغناء فلم يعجب به سعيد وقال أهذا مغنى ؟ أنه نباح عال ؟
وكانه قد شعر حينها بأعتزازة بفنه فأراد أن يقول للجمهورالذى كان متواجداً في حفلة عبده الحامولى تعالوا أسمعكم أصالة الغناء وعذوبته مما يؤكد على أزدهار أحوال الغناء الحضرمى وأنتشار حركة الطرب في تلك الفترة بمدينة الشحر على أيدى جماعة الشاعر الكبير عبدالله باحسن ( جمل الليل) والمطرب الشهير سلطان بن صالح بن الشيخ على آل هرهرة ومن الغريب ما يلفت النظر أن سعيد لم يشر في حديثه مع لاندبرج إلى حركة الطرب تلك ويوافق لاندبرج سعيد اعتزازه بنفسه وبأصالة فنه .
وفي ندوة مؤتمر المستشرقين المنعقدة في ليدن بهولندا قال لاندبرج بأن المؤسيقى العربية المعاصرة ليست عربية بالمعنى الحقيقى وأنه أقر ذلك الرأى عند حديثة في دورة المؤتمر المنعقدة في لندن .
وأن كل ما كان يغنيه سعيد عوض كان يتسم بانسجام وأنه قام بمساعدة السيد بيلوف سكرتير المفو ضية الألمانية بالقاهرة بتسجيل الألحان التى كان سعيد يقوم بأدائها وهذه الألحان وردت مدونه بالنوتة المؤسيقية في كتاب لاندبرج عن اللهجة الحضرمية وفي رأيه أن سعيد يمتلك حساً لغوياً ومؤسيقياً فطرياً وأن في بدائيته أشبه بقادم من وراء الأزمنة الغايرة .
السفر إلى ألمانيا
يغادر سعيد عوض ومنصور باضريس بصحبه لاندبرج القاهرة متوجهين إلى ألمانيا وينزلان في قصره بتترنج في بافاريا بألمانيا ويواصل لاندبرج العمل على دراسة اللهجة الحضرمية معتمداً على الأشعار التى يحفظها سعيد عوض الذى دخل التاريخ من باب لم يكن ليخطر على بال .
ودل ما أورده لاندبرج عن سعيد يقول الدكتور بافقيه أن معارفنا عن تطور الغناء الحضرمى وخاصة في تلك الفترة بالذات ناقصة وأن على المعنيين بدراسة فن الطرب الحضرمى وهم غير قليلين أن يراجعوا ما كتبوه عن هذا الفن .
حضرموت وكنوزها مختلفة الألوان
هذه هى حضرموت الخير والعلم والتاريخ والأدب والشعر والثقافة والتراث والموروث حضرموت التى انجبت فطاحل من العمالقة في العلم والتصوف والأدب والشعر والثقافة وأنجبت المؤرخين والباحثين الذين خلدوا لنا كنوزاً لاتضاهيها اى كنوز في الدول الأخرى .
حضرموت هذه الأرض المباركة التى لازالت تحتضن في طيات طبقاتها التضارسية كنوزاً أخرى تحتاج إلى حماية ومحافظة من المنتهكين وقطاع الطرق الذين يحيكون لها المخططات والدسايس مستغالين غفوة أهلها وتشت شبابها إلى تكتلات حزبية وسياسية وحركية دون وعى وأدرك ولا يعلمون مغبات وويلات الزمن وما يخطط لهم في الخفاء .
لقد أصبحت حضرموت مستعمرة في زمن الحريات مستعمرة حرف تاريخها وفنها وثقافتها وهجرها أبنائها الذين أستوطنوا في دول الجوار وتناسوا جذروهم وتاريخهم وثقافتهم وتراثهم .
أول فيلم سينمائي حضرمى
هل يعلم شباب حضرموت أن أول فيلم سينمائى تم تصورية في مدينة المكلا الذى يعتبر من الوثائق التسجيلية وكان يعالج قضية أجتماعية حول زواج رجل متقدم في السن من فتاة شابه وقام بوضع الفكرة وصورة السلطان صالح بن غالب القعيطي وأشترك في تمثيلة فرقة أعضاء غرفة المعلمين التى كان يرأسها حينئذ الأستاذ محمد عوض باوزير مدير المدرسة الشرقية التى كان مقرها يطل على ميناء المكلا القديم في حى البلاد وقد غنى في هذا العمل السينمائى الفنان رائد الأغنية الحضرمية الراحل محمد جمعة خان في لقطات الزواج وهو يعزف على آلته العود وشارك معه أخيه الفنان أحمد خان وهو يعزف على آلته المؤسيقية المفضلة لديه التى أحبها ( الهارمونى) .
وقد انتقلت فرقة التمثيل على سيارة شحن إلى القصر وقابلت السلطان وسجل الأدوار على شريط أعدت خصيصاً ثم تم تصوير المناظر الخارجية في مناطق زراعية مثل منطقة الحرشيات ( شرق المكلا ) ومنطقة ( فوة ) غرب المكلا وكان الفيلم يحمل أسم ( عبث المشيب ) وقام السلطان بأخراج الفيلم .
ويعتبر هذا الفيلم أول تجربة سينمائية أنفردت بها حضرموت في وقت مبكر على الصعيد الوطن اليمنى والجزيرة العربية .
ونجح هذا الفيلم مما جعل السلطان صالح على تصوير فيلم آخر بعنوان ( العلم نور ) والتقطت مناظرة الخارجية في منطقة ( الصالحية ) في مدينة غيل باوزير وكلن السلطان صالح يعد لانتاج واخراج ( فيلم بالألوان ) وعهد إلى الأديب الراحل حسين عمر شيخان بكتابة قصته ولكن قصر عمر بالسلطان وتوارى المشروع وتوارت معه الأهتمامات بالإنتاج السينمائى في القصر .
وللأسف بعد زوال السلطنة القعيطية عام 1967م أختفت تلك الأفلام من القصر ولا أحد يعلم عن مكان وجودها وبذلك تكون الأغنية الحضرمية قد فقدت وثيقة تسجيلية (صوت وصورة ) لرائده الفنان محمد جمعة خان .
فهل سنعيد في يوماً من الأيام هذا التاريخ المشرق وهل سنجد من يقوم بتمويل هذا العمل السينمائى بكوادر حضرمية وهبها الخالق بموهبة الثقافة السينمائية هل سنجد من يضى النور الأخضر لمواهب الذين تم ذكرهم في مقالى السابق أم نجد رجال الأعمال الحضارم يسقون البعيد ويتركون القريب ضامى .
موهبة طبية
في عدد من جريدة الأيام التى مر عليها بضع أعوام اطلعت على تحقيق صحفي قام بعملة الصحفي الشاب صلاح البطاطى وكان هذا العمل مقابلة صحفية مع دكتور لا أذكر أسمة بالكامل لكنه من عائلة حميد من مدينة الشحر تلقى دراسته العليا في مجال طب الطؤارى بألمانيا وقد كان يعمل في أحد المستشفيات الألمانية أثناء تحضير رسالتة للماجستير ‘لى ما اعتقد وعند تخرجة رجع إلى موظنة حضرموت لأكى يساهم في هذا المجال لكن للأسف لم يجد التجاوب والعنايه والأهتمام من قبل الدولة مما أصابه الأكتئاب فبعد كل هذه السنين والسهر والمتابعة والبحث في مجال هذا التخصص وجد الصد وعدم القبول من الدولة ولولا عناية الله لكن هذا الطبيب متقوقع في أحدى مجالس التخزين ولكن عناية الله أرحم وأنبل من عناية الدولة فقد سخر له الأسباب وتم أستدعاه من قبل المستشفى الذى كان يعمل به أثناء دراسته للعمل به وتم منحة الأقامة الدائمة وربما تم منحة الجنسية الألمانية تقديراً على علمة وأخلاقة وأحترامه لهذه المهنة .
هذه حضرموت وهولاء شباب حضرموت أفيقوا ياشباب الأحزاب والحركات الثورية وياشباب مجالس التخزين يامن أصابكم داء الكسل والتراخى والنشوة الوقتية أصحوا وشدو العزم والهمة وحافظوا على هذه الأرض التى لازال أملك الكثير والكثير أمثال هذه المواهب والظواهر العلمية والأدبية والشعرية والفنية .
أختم مقالى بعبارة رائد الأدب الحضرمى الدكتور على أحمد باكثير الذى أثرى الساحة العربية الأدبية بأدباً رفيع المستوى والرقى
ومن تجرد عن دين وخلق
فليس يرفعه علم ولا أدب
العلم والدين والأخلاق أن جمعت
لأمة بلغوا في المجد ماطلبوا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.