بعد أشهر قليلة وندلف إلى أشهر الصيف الحارقة وحينها نكون قد بدأنا فصلنا الدراسي الجامعي الثاني الجديد من العام 2012م / 20013م باستقبال الرطوبة والعرق والحتكّة وروائح الآباط الكريهة، ونعود لنكالف من جديد قضايا جمة ارتبطت بالحدث ( الصيف ) كالانقطاعات المتتالية للتيار الكهربائي خلال أوقات مليئة بالمفاجآت السارة والعيون الفارّة، فارة لأنها تنظر طول الوقت لمراوح السقف دون الانتباه لما يُلقى من محاضرات ودروس، إضافة إلى مشاكل المراوح المعطلة والمقربعة والمحلية والمكيفات الحلم والأمنية والقاعات الضيقة وكل ما سبق ذكره فإن حلوله الذهبية والسريعة قد أضحت إلى الآن وعوداً تُنسج على الخيال دون أن نرى لها جعجة أو طحناً بل جعجعة المواطير والمولدات الكهربائية. القضية الجديدة التي نريد توضيحها وربما هي قضية قديمة حديثة ولكنها مستجدة من قلة طرحها على طاولة المطالب ألا وهي عمل مظلة من الشمس للطلاب ومظلة أخرى للطالبات المنقولين من مناطق أخرى ونائية كغيل باوزير والشحر والديس الشرقية والحامي وغيرها، وذلك حال خروجهم من المحاضرات بعد انتهاء اليوم الدراسي وعلى أهبة المغادرة وعند انتظار الحافلات . أعداد من الطلاب وكثيراً ما نجد بينهم الأساتذة والدكاترة والشخصيات الأكاديمية ينتظرون تحت ظلال الشجر المحدود بمحاذاة سور الجامعة، ومنظرهم عند ازدحامهم وتكتلهم ك ( الشياه ) مع اعتذاري عن هذا التشبيه التي تبحث عن ظل ظليل لتحتمي به من حرارة الشمس الساخنة ، والمنظر يُنبئ عن كثير من الشفقة لهؤلاء الخليط الأكاديمي يستوجب النظر لحله ولو بأبسط الأمور . الطالبات ليس أمامهن إلا القعود من أمام وخلف السور في دكك قليلة تم بناؤها بجهد أحد عمادات الكليات السابقين تحت أفياء الأشجار الخضراء حباً وشفقة على البنات ولا يهمنا بعدئذٍ لماذا صُنعت للبنات خاصة دون الطلاب ! فالمهم أن نحمي أبناءنا الطلاب من حرارة الصيف ببناء ظلة لهم، والأمر ليس بعزيز على الجامعة ولديها الاستطاعة والقدرة أن تفعله بأقل التكاليف أو حتى من دون أدنى تكاليف ! نعم من دون أية تكاليف أي ب ( بلاش ) فالكثير من الشركات التجارية الكبيرة على استعداد لبناء مظلات للطلاب بالتنسيق مع الجامعة على أن تحمل هذه الظلات إعلانات خاصة بها، وتكون المنفعة متبادلة . خلال تواصلي مع أحد أعضاء المجلس الطلابي بإحدى الكليات؛ حدثته عن هذه المشكلة فبين لي خلال حديثه أن إحدى الشركات لديها الاستعداد الكامل لبناء مظلة للطلاب ولكن شرطها بعد أن يتم ترتيب التنسيق مع الجامعة من حيث الموقع المناسب . وخلال أشهر الصيف الآتية وتحديداً في شهر إبريل القادم ليس بمقدوري الحديث عن أية فرحة أو تحمس سيعم الطلاب طبعاً سوى الخريجين المغادرين للكابوس بالعيد العشرين لتأسيس الجامعة وهم يعانون كثيراً من النقص في ضروريات وأساسيات التعليم الجامعي، ولعل الجميع يعلم أن الهموم المطروحة قد سبق طرحها عشرات المرات وهي معروضة على طاولة ( ويا طاولة ما أطولش ) رئاسة الجامعة ولن تحتاج لأضواء كاشفة لاستجلائها . اختيار جامعة حضرموت لتكون أول جامعة وطنية تعمل على تدشين مشروع التقييم الشامل لتطوير الجامعات اليمنية أمر رهيب وعجيب عندما أطالعه ينتابني شيء من الضحك الهستيري، لا أدري لماذا، ولكن حسبي أن تسعفني الذاكرة بنصيحة غالية قدمها لي أحد أساتذتي الفضلاء عندما بشرته فرحاً ذات يوم بإنجاز كبير سيتم، وأنني قرأته على إحدى الصحف، تبسم أستاذي في وجهي ابتسامة الواثق الرزين وقال لي " يا أحمد ! ليس كل ما يُكتب على الجرائد من إنجازات قادمة تجد له رصيداً في الواقع " ولعل كلمات مختصرة كتلك غنية في أن نسهب القول في التحسر على الوعود المنكوثة، والندم على إشكاليات قد تطاول بها الزمن وسار بها الركبان حتى المغاريم قد عقلوها ولم تنل أية نظر أو عناية أو حرص على حلحلتها، بل تحلحلنا نحن وتحلحلت عقولنا وضمائرنا وحناجرنا ولا ندري متى تنتهي هذه الحلحلة ، ربما تنتهي بحلحلة أرواحنا المتعبة !!