ليس من الغريب أن يفرز نظام السلطة المحلية أناساً يتمتعون بمستوى لا يحسدون عليه من جهل وعدم فهم لمضامين قانون السلطة المحلية لتفشل التجربة ويربك العمل في الوحدات الإدارية التي تقع مسئولية الإشراف والمتابعة عليهم وفقاً للقانون والصلاحيات الممنوحة لهم. فمثل هؤلاء أينما وجدوا ليسوا تكنوقراط ولم تأت بهم الجامعات بل صندوق الاقتراع يفرز فيه المتعلم والمبلّم الذي لا يستطيع تجاوز أميته مما يؤدي إلى قصور عند تطبيق الحكم المحلي فيتحول العمل إلى فوضى لا تخدم أحداً.. إن عدم قراءة قانون السلطة المحلية واستيعابه فقرة فقرة وباباً باباً جعل البعض يصدر توجيهات لمؤسسات وهيئات مستقلة مالياً وإدارياً ليست في نطاق اختصاصه فنجده يوجه بسحب الثقة ويعفي من يريد عن سداد الضرائب وفواتير الكهرباء والمياه والهاتف والتوجيه بتعيين من يشاء.. من المراسلات المضحكة التي قرأتها بين رئيس المجلس المحلي في إحدى المديريات ومدير عام مؤسسة الكهرباء أنه بناء على توقيعات "أصحاب البلاد" فقد تقرر تعيين "رعوي" مسئول عن تحصيل الإيرادات، وعندما رفض ذلك المدير ما جاء في الرسالة جملةً وتفصيلاً ردّ رئيس المجلس المحلي برسالة استغراب واستنكار وإدانة لرفض ترشيحه على اعتبار مؤسسة إيرادها مئات الملايين تتبع مجلساً محلياً في مديرية نائية.. المضحك هو ما حصل في مديرية حفاش عندما قام رئيس المجلس المحلي في المديرية بتعيين سائقه مديراً لمكتب التربية بالمديرية استبدل فيه تربوياً معتقاً ب"دريول". أليس من الأحرى تعيينه في مدرسة أروى لتعليم قيادة السيارات إنه عجب عجاب. للأسف بعد دورتين انتخابيتين للمجالس المحلية لا يزال هناك سوء فهم، والمصيبة أن هناك من يراها مشيخة أو أجهزة ضبط أو بعبع بسحب الثقة من مدير وتعيين مدير آخر وفق أهواء تحكمها العلاقات الشخصية والمزاج والحزبية متناسين أن سحب الثقة من أي كان لابد أن يكون وفق مسببات حقيقية لا مماحكات، فالتجربة أثبتت بأن هناك من يغرد خارج السرب، وليس له علاقة بالقانون ولم يكلف نفسه عناء قراءته.. فقط اجتهاد واستعراض عضلات كما حدث في سحب الثقة عن مدير عام مؤسسة الكهرباء في ذمار الذي وجد نفسه تفادياً لأية إشكاليات على موعد مع برنامج "خليك في البيت"!! ونتذكر كلمة الرئيس علي عبد الله صالح أمام المؤتمر العام الرابع للمجالس المحلية الدورة الأولى- بأن: على قيادات وأعضاء المجالس المحلية أن يفهموا الحكم المحلي ويعكسوا ذلك الفهم إلى ممارسة عملية بناء على قانون الحكم المحلي. والمطلوب من وزارة الإدارة المحلية أن تنظم سلسلة من الدورات والفعاليات التوعوية حتى يكونوا على إطلاع بمضامين القوانين ونوعية الصلاحية المخولة لهم حتى لا يؤدي سوء الفهم إلى إرباك في نشاط الوحدات الإدارية وكذا الهيئات والمؤسسات التي لا تدخل في نطاق اختصاصاتهم فتصبح تجربتنا المحلية أشبه بأغنية "شخبط شخابيط.. لخبط لخابيط" فنتوه بعيداً عن القانون وبعيداً عن الصلاحيات التي يمنحها. * نائب مدير تحرير صحيفة الجمهورية