فتح المركز الوطني لتنمية الديمقراطية وحقوق الإنسان أمس الأربعاء أبواب الحوار على مصاريعها أمام مختلف القوى الوطنية اليمنية، وبمشاركة السيد "بيتر ديمتروف"- الممثل الإقليمي للمعهد الديمقراطي الأمريكي NDI ، والسيد "راين كليها"، مدير الشئون الصحافية والثقافية بالسفارة الأمريكية، والسيد "براين ولتس"- الملحق السياسي والاقتصادي بالسفارة الأمريكية بصنعاء- على طريق تفعيل دور المجتمع المدني، وإيجاد حوار ايجابي خارج الأطر الرسمية، بعيداً عن الصفقات السياسية. الحوار الذي أداره جمال العواضي- رئيس المركز، فتح أبواب الجدل فيه السيد "راين كليها"، مدير الشئون الصحافية والثقافية بالسفارة الأمريكية، بسؤاله عمّا تحمله الأحزاب اليمنية اليوم من مفهوم للحوار، وآليات إدارته، وطبيعة المضامين التي تتداولها الأطراف المشاركة فيه! علوي المشهور- عضو اللجنة العليا للانتخابات- قال أن الحوار كان معلناً، وهو عبارة عن برنامج انتخابي لرئيس الجمهورية، وكيف يعكسه إلى عمل. وبين أنه قرأ البرنامج بتعمق فوجده فعلاً يحوي على العديد من المحاور التي تضمنت مشروع تعديلات دستورية نحو تقليص المركزية، حيث أن نظام السلطة المحلية يعتبر بدائياً، ومستمداً من نظامين مختلفين، في حين أن الرئيس يطالب بحكم محلي تسقط فيه الكثير من السلطات التي بيد الحكومة، وتتحول إلى المحافظات. وأشار إلى أن ليس بوسع أحد أن يتكلم عن ما هي السلطات التي ستسقط، لأنها رهن الحوار مع الأحزاب، ولم يبت فيها بعد، معتبراً ما يحدث اليوم من حراك سياسي يصب كله في مسار الاتفاق نحو هذا المشروع، منوهاً إلى أن أحزاب اللقاء المشترك كانت أيضاً لديها مبادرة مقاربة، وكلا الطرفين يتفقون بشيء، ولديهم نقاط اختلاف، وهما اليوم يتحاورون للتوصل إلى صيغة اتفاق تقدم للبرلمان. كما قدم المشهور نبذة عن التعديلات التي طرأت على اللجنة العليا للانتخابات، والملاحظات التي دونتها المنظمات الدولية التي أشرفت على الانتخابات الأخيرة، ثم دور منظمات المجتمع المدني التي قدرها بأكثر من 2000 منظمة مهتمة بالشأن الديمقراطي. شوقي القاضي- الناشط في المجتمع المدني، واشهر المدربين على حقوق الإنسان- سلسل أفكاره ضمن خمس نقاط رئيسية مرتبطة بالحوار والحراك السياسي القائم: أولاً- عن هناك إشكالية في جدية قول نتائج الحوار،قائلاً: "لقد تعودنا في الوطن العربي أن الأقوى لا يُحاور، لأنه إذا قبل الحوار فإنه يقبله منّاً وتفضيلا وليس احتياج ولا ديمقراطية.. فما عودنا حكامنا هو قبول الحوار كنتاج وطني ، لكن نقبله إذا كان هناك ضغط دولي أو شعبي أو مصلحة شخصية للحاكم". ثانياً- الكلام الذي يقال في برنامج الرئيس، ونتفق مع جزء كبير منه، لكن هذه القضايا عندما جاءت من الآخرين منذ زمن فهي حينئذ مؤامرة وإذا الرئيس بادر بها تصبح وطنية. ثالثاً- في موضوع التساوي بين المتحاورين.. لا يمكن أن ينجح الحوار إذا كان هناك طرف قوي وآخر ضعيف يقبل بالحد الأدنى . وهذه القاعدة المختلة جعلت أحزاب اللقاء المشترك تدفع لإيجاد شيء من القوة في الشارع، لأنها تريد أن تستفيد من قوة الشارع حتى تتفاوض، ويحدث شيء من التقارب ، فيحترمها الحاكم الذي يحاور وبيده الجيش والمال، وكل شيء. رابعاً- الوحدة الوطنية.. عندي شيء اسمه مصلحة الوطن والمواطن، فانا من الناس الذين عانوا من التشطير نحو 33 عاماُ والأسرة في شتات بين الشطرين. ومن هنا فأنا لي حتى مصلحة شخصية في الوحدة حيث التأمت الأسرة مجددا، وتوقفت الحروب، وتعزز المن.... وقال: أن الوحدة الوطنية ليست المصلحة الوحيدة كي لا تصبح قميص عثمان إذا انتُهكت بقية مصالح الوطن: الوحدة، الأمن والاستقرار، العدالة، التنمية- فكلها مصالح مقدسة، ولا ينبغي اللعب بعواطف الناس فاربط كل شيء بالوحدة. وأشار القاضي إلى أن الوحدة عند البعض حقيقة، وعند البعض الآخر مزايدة يريد أن يتسلق على ظهرها! النائب أحمد النويرة- عضو مجلس النواب- قال إن التجربة الديمقراطية تنضج بالتراكم وليس بالتشريع، وهناك اختلاف على وجهات نظر معينة حول قانون الانتخابات وغيره، رغم أنه ايجابي بإشادة الآخرين في أوروبا وغيرها.. ولا اعتقد إن هناك انتقاص بالتجربة الديمقراطية- كما يطرح اللقاء المشترك- فالمؤتمر يستمع لهم ولمبادراتهم، ويقدم مبادراته بين الحين والآخر، لن الحوار لدى المؤتمر هو الدخول من بوابة الإصلاحات، وهو لديه مدخل بمبادرة طرحها الأخ الرئيس. وفي معرض تعقيبه على النائب شوقي القاضين قال النويرة: الأخ شوقي أنكر أن العرب في لغتنا الحوار .. فالحوار في الجزيرة العربية منذ ثلاثة آلاف سنة موجود. ونحن كجيل جديد ربما تربينا على الحوار ، فهو كثقافة موجودة، وأشار إلى الدعوات المتكررة التي وجهها الرئيس لأحزاب المشترك للحوار ، مؤكداً إن الرئيس ملزم بتنفيذ برنامجه بدون أي حوار لكنه مع ذلك دعا إلى حوار لتعزيز هذه الثقافة في المجتمع. ودعا النائب النويرة المجتمع المدني إلى الضغط على اللقاء المشترك من أجل الحوار الجاد وتبني القضايا الوطنية، منوهاً إلى أن المشاكل التي تظهر اليوم فيها تضخيم كبير. من جهته، أكد السيد "بيتر ديمتروف"- الممثل الإقليمي للمعهد الديمقراطي الأمريكي NDI – على أن الحوار يجب أن يكون متكافيء، وعادل، ومتضمن للقضايا الأساسية التي تهم المواطن مثل قضية ارتفاع الأسعار، والمتقاعدين. وإذا خلا من هذه القضايا فإن المتحاورين سيضعون أنفسهم في مأزق. وأشار السيد ديمتروف إلى أنه من الضروري اشتراك الجميع في الحوار، وليس الحزب الحاكم وحده، كما إن اشتراك جميع الأطراف لا يمنع الحكومة من تسيير عملية التنمية، مؤكداً: أنه عندما يكون الشخص في الحكم فإنه لديه الحق في اتخاذ جميع القرارات، مثلما يكون من حق الآخرين مساءلته حول مختلف الأمور.. ومن هنا لا يجب إلقاء اللوم على جميع الأطراف، فمادامت الحكومة بيدها كل هذه الأمور فإن اللوم الأكبر يقع عليها. وتطرق السيد ديمتروف إلى مبادرة الرئيس، قائلاً: إننا أولاً يجب أن نفهم ما هي المبادرة التي قدمها الرئيس، فقد كنا نتحدث عن حوار سياسي فجاءت المبادرة تتحدث عن تعديلات دستورية والكثير من القضايا.. فالمبادرة من شأنها أن تقوم بتعزيز العمل الحكومي حول ما ينبغي التركيز عليه، فمن حق الرئيس إجراء تعديلات دستورية، ولكن من الواجب عليه أيضاً التعريف بهذه الأمور أكثر، ويجب التسريع في تثبيت ما يطرحه الرئيس لنكون جاهزين للانتخابات القادمة. ونوه إلى أن الحوار الذي يجري في البرلمان هو شيء صحي للبلد، وينبغي أن تجري المناقشة بشكل مفتوح وليس خلف أبواب مغلقة... ويجب دعم الحوار بغض النظر عن القضايا التي يتعاطى معها، مؤكداً: أن المجتمع الدولي لديه جاهزية كاملة لإحضار خبراء لدعم هذا الحوار، فالناس لا يريدون كلام فقط بل عمل فعلي. محمد الصبري- الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك- قال: أن "الناس خرجت إلى الشوارع وأننا لا نستطيع أن نوقف هذا، وعلى الدولة أن تستجيب.. فالمشكلة بين الرئيس وناخبيه"، وتابع قائلاً: "نحن عندنا معركة مع الحاكم منذ فترة طويلة ، ولا يوجد لدى السلطة ما يوحي أن للحوار قيمة ويجب أن ينتهي بنتائج طيبة.. فهم يعتبرون ذلك تكتيك عندما احتاجه افتح الحوار، والمعارضة مثل عمال مطافي، هم يشعلون الحرائق ويطلبون منا إطفائها". وقال الصبري: "خلونا نعمل أجندة فيها قضايا نتفق عليها.. بعد أربعة أشهر عملناها وإذا الحاكم يتوقف، ونحن نتمسك بان للحوار قيمة يجب أن ينتهي إلى نتائج"، وأشار فيما يتعلق بالمحافظات الجنوبية إلى أنه "هناك وضع استثنائي على الدولة معالجته عبر مؤسساتها"، منوهاً إلى أن "واجب الدولة أن تخدم مواطنيها، وهناك قضايا ذات طابع سياسي كلنا مسئولين عنها". وقال الصبري: " الأصدقاء الأمريكان والأوروبيون لم نمنع عنهم أي شيء.. العمل الديمقراطي بيننا مصالح مشتركة، ونحن بحاجة إلى أن نتشاور، فلا توجد مشكلة في ذلك، والمعهد الديمقراطي يقوم بدور كبير وممتاز". النائب عبد الرحمن علي العشلي- عضو مجلس النواب- قال: أن الناس معتادين في اليمن وراء كل انتخابات تحصل مماحكات، وأنا أسأل المعارضة: لماذا التحريك في المحافظات الجنوبية وليست الشمالية؟ هذا خطأ، وستدفع المعارضة الثمن مستقبلاً.. لماذا الشارع متحرك في الجنوب وليس الشمال مع أن الفقر في الشمال، وكثافة السكان أيضاً؟ أما الجنوب فالكل أجرم بحق الجنوب.. لماذا قيادات المعارضة موجودة على رأس مجلس النواب ومجلس الشورى ؟ وقال العشلي: "إن نص الفساد لدى المعارضة، أنهكت نفسها وأنهكتنا.. فعلى أي أساس نقول لقاء مشترك وهو ما اتفق على مرشحه للرئاسة.. وما يدور في الجنوب اليوم هو نتاج الدعاية الانتخابية لمرشحي اللقاء المشترك، كونها كانت دعاية انفصالية". من جهته، محمد الميتمي- مدير عام اتحاد الغرف التجارية- قالك عن كل ما تطلبه أحزاب المعارضة من الحاكم هو هبات، لأنها بلا موارد، وخلفياتها الاجتماعية ضعيفة، وأنها سبق لها أن خاضت تجربة الحكم وقد أخفقت في تقديم شي ء للمواطنين لذلك أخفقت في الانتخابات. وأشار إلى أن أحزاب المشترك لا تتلقى دعم إقليمي بسبب إيديولوجياتها التي تجعلها غير مقبولة خارجياً، منوهاً إلى أن الحزب الحاكم يتقدم على المعارضة في العديد من القضايا كما هو الحال مع قضايا المرأة. وتساءل ايضاً: "من توغل في عام 1994م حتى جرّ الناس إلى بؤرة الحرب؟ نسأل المشترك لماذا لا يدينوهم، وهم يعرفون أن الإصلاح دخلوا في الوسط وجروا المؤتمر والاشتراكي إلى الحرب؟ إذا كانت عندهم قدرة تحريك الشارع في الجنوب لماذا لا يحركوه في الشمال؟ هذا لعبة من الخارج وليس الداخل.." وقال: "لماذا رفضت المعارضة المبادرات التي طرحها الرئيس مع أنها تسوق البلد إلى بر الأمان؟ عندما الرئيس يقول لك تعال نتحاور وأنت معك 23% فقط من الدوائر، فهذا قمة التواضع من الأخ الرئيس". هذا وقد شارك في هذا اللقاء - الذي يعد الأول على طريق المنتدى الديمقراطي الأسبوعي- عدد كبير من الشخصيات المدنية والبرلمانية والسياسية، في نفس الوقت الذي ابدت جهات مؤسسية في القطاعات الخاصة استعدادها الكامل لرعاية الحوار، وتوسيعه ليتحول الى مظلة جديدة ناطقة بلسان حال الشعب اليمنين والمجتمع الدولي، وهو الأمر الذي يجري تداوله حالياص في أروقة المركز الوطني لتنمية الديمقراطية وحقوق الانسان. جدير بالذكر أن اللقاء السبوعي القادم سيشهد حضوراً أوروبياً واسعاً، بجانب الحضور المريكي الذي أكد حماسه لدعم اي مبادرات حوارية، والاسهام في تفعيلها- وبدا حجم الحضور في اللقاء الاول دالاً على ذلك التوجه.