إن الواجب الوطني يحتم على كل الشرفاء الغيورين على وطنهم وأجياله التكاتف والتعاون من اجل القضاء على آفة الفساد بكل الوسائل المتاحة بداية من رجل الشارع حتى اكبر مسئول بالدولة. وبما أن المفسدين يجتهدون في تطوير أساليبهم لتحقيق غاياتهم الدنيئة فالمطلوب من الشرفاء في الدولة أو المجتمع المدني العمل لإيجاد المضادات الذي تحصن المجتمع من ذلك السرطان قبل أن يتحول إلى سرطان خبيث لا يمكن علاجه فيقضي على هياكل الدولة الاقتصادية والاجتماعية لا سمح الله. والفساد بمعناه الأوسع هو إساءة استخدام الفرد للسلطة والصلاحيات المخولة له في تحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ويمثل الفساد تحدياً خطيراً في وجه التنمية الاقتصادية وينتج عنه تشوهات اقتصادية في القطاع العام بتحويل ألاستثمار في المال العام إلى مشروعات رأسمالية تكثر فيها الابتزاز الرشاوى والاختلاس ويبدأ المسئولون في استخدام الحيل وزيادة التعقيدات الفنية للمشاريع في القطاع العام لتمهيد الطريق للابتزاز غير المشروع. كما انه على الصعيد السياسي يقوض العملية الديمقراطية- أي بمعنى أوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي إلى إهمال إجراءاتها واستنزاف مصادرها، فبسبب الفساد تباع المناصب الرسمية وتشترى . كما ويؤدي الفساد إلى تقويض شرعية الحكومة.
وظاهرة الفساد هي مجموعة من السلوكيات التي يقوم بها بعض من يتولون المناصب العامة في الدولة أو شركات القطاع الخاص، وبالرغم من التشابه أحيانا والتداخل فيما بين تلك السلوكيات إلا انه يمكن إجمالها كما يلي:
أولا: الرشوة- وهي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى بشكل غير قانوني من اجل تنفيذ عمل أو الامتناع عن تنفيذ أعمال مخالفةً للأصول واستخدام المنصب العام من قبل بعض الشخصيات المتنفذة مثل وزراء، وكلاء، مستشارون، مدراء عموم ..الخ للحصول على امتياز خاصة كالاحتكارات المتعلقة بالخدمات العامة ومشاريع البنية التحتية، والوكالات التجارية للمواد الأساسية، أو الحصول من آخرين على العمولات مقابل تسهيل حصولهم على مناقصات والامتيازات دون وجه حق. ثانيا: المحسوبية- تعني القيام بتنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي لها الشخص مثل حزب أو عائلة أو قبيلة مثل قيام بعض المسئولين بتعيين أشخاص في الوظائف العامة على أسس القرابة أو الولاء السياسي أو بهدف تعزيز نفوذهم الشخصي، وذلك على حساب الكفاءة والمساواة في الفرص، أو قيام بعض المسئولين بتوزيع المساعدات العينية أو المبالغ المالية من المال العام على فئات معينة أو مناطق جغرافية محددة على أسس عشائرية أو مناطقية أو بهدف تحقيق مكاسب سياسية. ثالثا: الواسطة- لا تخلو منها أي إدارة حكومية وتعني التدخل لصالح فرد ما، أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة مثل تبذير المال العام من خلال منح تراخيص أو إعفاءات ضريبية أو جمركية لأشخاص أو شركات بدون وجه حق بهدف استرضاء بعض الشخصيات في المجتمع أو تحقيق مصالح متبادلة مما يؤدي إلى حرمان الخزينة العامة من أهم مواردها. رابعا: الابتزاز- أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع بالإكراه مستغلا موقعه أو منصبة الوظيفي ولتخلص أو الحد من الفساد الذي يعاني منه مجتمعنا اليمني بكل أطيافه فان على القيادة ممثلة بفخامة الأخ القائد والمخلصين من رجالة العمل الدائب للقضاء على مسببات الفساد ولكي تتمكن الدولة من السيطرة والقضاء على الفساد يتحتم عليها اتخاذ بعض الخطوات الجادة ومنها على سبيل المثال: 1- العمل على الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي والحد من طغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة, كما أن ضعف الجهاز القضائي وغياب استقلاليته ونزاهته يعتبر سبباً مشجعاً على الفساد. 2- مكافحة الفقر والغلاء الذي يعاني منه المواطن وذلك بتوجيه جزء من مخصصات الدفاع والأمن لدعم المواد الغذائية ورفع الأجور والعمل على زيادة معرفة المواطن بحقوقه وواجباته. 3- يجب أن يكون لدى القيادة السياسية إرادة قوية لمكافحة الفساد وذلك باتخاذ إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق تلك العناصر الفاسدة. 4- العمل على اكتمال البناء المؤسسي والإطار القانوني للدولة لمنع الفاسدين من استغلال ضعف الأجهزة الرقابية والقانونية في تحقيق غاياتهم. 5- إعطاء الحرية لوسائل الأعلام والسماح لها بالوصول إلى المعلومات لكي تقوم بممارسة دورها الرقابي وكشف الفساد والفاسدين أمام المجتمع. 6- إصدار التشريعات والأنظمة التي تكافح الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه والتشهير بهم. 7- العمل على أن تكون الانتخابات البرلمانية نزيهة شفافة مع وجوب وضع الشروط الذي يجب أن تتوفر في المرشح حتى لا تسود الأمية بالمجلس ويصبح مجلس يفتقد للكفاءات العلمية وبالتالي تستطيع الحكومة تمرير ما تشاء من القوانين والموازنات فيتحول المجلس كما قال احد النواب (مقبرة لا ترد ميت). تلك هي بعض مهام القيادة الرشيدة للقضاء على الفساد، أما نحن كمجتمع مدني فان دورنا في مكافحة الفساد دور مهم ينبع من وعي الفرد بعدم التعدي أو التجاوز على حقوق الآخرين، وكذلك عدم الرضوخ للضغوط والابتزاز والدفاع عن حقوقنا الفردية بكل ما نملك والإبلاغ عن المفسدين عملا بقوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )، إلى قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )..