تعتزم الحكومة اليمنية اتخاذ إجراءات مشددة للحد من دخول الأدوية المهربة إلى البلاد إثر تزايد عملية دخولها إلى اليمن بطرق غير مشروعة في الآونة الأخيرة مما ينذر بكارثة إنسانية بين المواطنين المرضى في البلاد. وقال الدكتور عبد المنعم الحكمي- رئيس الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية الحكومية: إنه تم الانتهاء من إعداد استراتيجية جديدة هي الأولى من نوعها تهدف إلى تحسين أداء الهيئة وتطويرها خلال السنوات المقبلة تتمكن من خلالها من إحكام عوامل الريادة والكفاءة والفاعلية للهيئة وتأمينها في مجال الرقابة الدوائية على المستوى المحلي والإقليمي، وتقديم خدمات متميزة تسهم في حماية الصحة في اليمن وتعزيزها. وأشار إلى أن الاستراتيجية تعتمد على تنظيم إدارة شؤون الهيئة وتطويرها بأبعادها البشرية والإجرائية والتنظيمية والفنية والإشراف على حسن تطبيق التشريعات واللوائح المنظمة، إضافة إلى استخدام نظم المعلومات والأخذ بمفهوم تنمية الموارد البشرية وإدارتها وبناء تراكم معرفي في الهيئة وفروعها. وأوضح الحكمي أنه سيتم تنفيذ هذه الإستراتيجية الجديدة الطموحة بالتنسيق والتعاون مع عدد من الجهات والهيئات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية مضيفا أن العمل وفق الآلية الجديدة للرقابة على الأدوية سيتم وفق المعايير والمواصفات الدولية الحديثة في جوانب الرقابة على الأدوية المستوردة والمصنعة محلياً وأن آلية العمل الرقابية الجديدة تتضمن القيام بالرقابة وفق أجهزة حديثة تضمن عدم دخول أي سلع دوائية مغشوشة ومهربة إلى السوق اليمنية. وبحسب تقارير وإحصائيات رسمية حديثة فإن الاقتصاد اليمني يتكبد أكثر من خمسة مليارات ريال يمني " 26 مليون دولار " سنوياً جراء الأدوية المهربة . ويعاني اليمن من تفشي تجارة الأدوية المهربة فقد بلغت نسبة معدلاتها أكثر من 55 في المائة من إجمالي عام الأدوية الصحية التي تستورد إلى الأسواق في اليمن. وكشف المسؤول اليمني عن أنه تم إتلاف ما يربو على ستة أطنان من الأدوية المزورة والمهربة كانت في طريقها إلى داخل البلاد عبر مطار صنعاء وميناء الحديدة خلال الأشهر الماضية من العام الجاري 2007. وقال إن تلك العمليات تقف وراءها عصابات تقترب من أن تكون منظمة وتتخذ من بعض الدول المجاورة ودول شرق آسيا كالصين، والهند محطة لتزوير وتصدير الأصناف الدوائية بأسعار مرتفعة ووحيدة المصدر وقليلة البدائل مما حدا بالهيئة إلى أن تسارع في رسم سياسة تسجيل البدائل للأصناف الدوائية وتطبيق أسعار مناسبة ومعايير الجودة والفاعلية العلاجية. في سياق متصل أظهرت دراسة علمية أن المئات من الأصناف الدوائية تدخل اليمن بطرق غير مشروعة قادمة من دولة عربية وأجنبية. وأوضحت الدراسة الصادرة أخيرا عن الهيئة العليا للأدوية اليمنية الحكومية أن 45 نوعا مقلدا ومزورا دخلت البلاد بطريقة غير شرعية خلال العام الماضي وتم تعميم أصنافها وأسمائها من قبل هيئة الأدوية على جميع مكاتب الشؤون الصحية وفروع الهيئة لمصادرتها. وبلغت الأصناف المزورة مجهولة المصدر 26 صنفا فيما بلغت الأصناف المهربة المحددة مصادرها 175 صنفا ، هربت جميعها إلى السوق الدوائية لأسباب تتراوح بين ارتفاع السعر لدى الوكيل الأصلي وانعدام الصنف نهائيا وعدم توافر البدائل وتقبل الصنف المهرب لرخص ثمنه. وحسب الدراسة فإن المملكة العربية السعودية جاءت في المرتبة الأولى من حيث كميات الأدوية التي تهرب إلى اليمن بواقع تهريب 73 نوعا تليها مصر ب 67 نوعا ثم الهند بتسعة أنواع ثم الأردن خمسة أنواع من الأدوية وأخيرا إيطاليا وباكستان والصين وكرواتيا وإسبانيا على التوالي. وبينت الدراسة أن تزوير الأدوية وتقليدها انحصر في نوعين: تزوير أصناف شائعة خارج البلد, ويتم عمل أصناف مشابهة ومقلدة لها بالاسم التجاري والشكل الخارجي استغلالا لمعرفة التعامل به وشيوعه في السوق الدوائي ، الآخر التزوير المحلي لبعض الأصناف عبر تغيير المظهر الخارجي ، ووضع لاصق على الصنف المزور يحتوي على دواء معين ويباع على أنه دواء آخر. واعتبرت الدراسة هذا النوع هو الأخطر كونه يتم تزويره محليا في أماكن مجهولة. وأرجعت الدراسة أسباب التهريب والتزوير إلى ضعف الوازع الديني والإنساني لدى مرتكبي هذه الجريمة الخطيرة، وكذا قصور التشريعات والقوانين الخاصة بمكافحة ظاهرة التهريب والتزوير وعدم وجود نيابة خاصة بمثل هذه القضايا وضعف الجهات الرقابية على الدواء بشكل عام. وتشير تقارير رسمية إلى أن حجم الأدوية المهربة إلى داخل الأراضي اليمنية تقدر بنحو 60 في المائة من حجم المعروض الكلي في السوق المحلية. ويقدر ما يستهلكه اليمنيون من أدوية منتجة محليا ومستوردة من خمسين بلدا عربيا وأجنبيا بنحو 117 مليون دولار سنويا. يستورد القطاع الخاص والمختلط منها ما قيمته 101 مليون دولار بنسبة 86 في المائة من حجم الاستيراد الكلي من تلك الأدوية فيما يوفر الناتج المحلي ما نسبته 4.7 في المائة من حجم الاستهلاك للأدوية التي تصل قيمتها إلى 5.517 مليون دولار. وتشير معلومات إلى أن نحو سبعة مصانع محلية لإنتاج الأدوية تنتشر في اليمن تزيد تكلفة كل واحد منها على مليون ونصف المليون دولار بطاقة استيعابية دون مستوى التغطية لاحتياجات السوق المحلية بالأدوية.