هل هناك علاقه بين الفقر والأرهاب وبجميع أشكاله. يقول "مايكل مور" الرئيس السابق لمنظمة التجارة العالمية "الفقر هو احد اكبر العوامل المهدده للسلام ، والامن ، والديمقراطيه ، وحقوق الانسان ، والبيئة "، فالفقر هو البيئه الخصبه لأنحراف الشباب للألتحاق بمختلف المجموعات بمذاهبها المختلفه، الفقر هو نتيجه لسوء توزيع الثروه في العالم بشكل عام وفي نطاق البلد الواحد بشكل خاص. أذاً فالجميع يعترف بوجود هذه المشكلة، فالبروفسور "روسيل أكوف" من كلية Wharton School of Business يقول "اننا لا نفهم كيف يمكن أن نسد الفجوه- يقصد بين الفقراء والأغنياء- ، فصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في كثيرٍ من الاحيان يساهمان في زيادة الطين بلة". و"غاري بيكر" ، الاستاذ في جامعة شيكاغو، كلية ادارة الاعمال، يقدم أيضاً الحجج القويه بأن هناك علاقة بين الثروة والإرهاب، استناداً إلى ملاحظه ان "الامم او المناطق التي تعاني من النمو الأقتصادي السريع تبدوا أقل عرضةً لحوادث الارهاب" ، بيكر يفترض ان النشاط السياسي، بما فيها الأنشطه السياسيه العنيفه، تكون اقل جاذبيه للافراد والمجموعات عندما يتم توسيع الفرص الاقتصادية، وبهذا حتى لو كان صحيحا ان الفقر ليس سببا مباشرا للارهاب، فانه لا يزال من الممكن ان يكون صحيحا ان النمو الاقتصادي يقلل من الارهاب. وهذا يقودنا الى بيت القصيد، وهو هل هناك علاقه بين "البطئ الشديد" – -سواءً بتعمد أو بدون-من قبل الدوله في فتح أبواب الأستثمار- و توفير الأمن والأمان للمستثمرين، وبين مايمكن تسميته في ظل التعريفات السابقة الأرهاب السياسي -الذي تمارسه الأحزاب السياسيه اليمنيه- كما يبدوا- والذي وصل الى حد الدعوة الى ممارسة العنف وتهديد السلم الأجتماعي، من خلال المظاهرات والأعتصامات على أمل أن تؤدي الى أندلاع شراره ما تؤدي بالبلد الى مالايحمد عقباه ولايمكن السيطره عليه.
فالبطالة التي يعاني منها الشباب اليمني – صُلب المستقبل وعماده- سواءً من خريجي الثانوية العامة أو من المحضوضين ممن تمكن من الألتحاق في الجامعات الحكومية وحصل على قدر من التعليم الجامعي- أو التصاعد الجنوني للأسعار الذي يلٌهب ظهورالشريحة العظمى من عامة الشعب المتذمر - كل هؤلا يشكلون البيئة المناسبة"للتفريخ" للخطاب السياسي للأحزاب، التي تحاول دوماً أن تظهر الحكومه بالفاشلة والعاجزة عن توفير سبل العيش الكريم من وظائف، الى كبح لجماح الأسعار. فالحوار مع المشترك لايبدوا أنه أدى الى الوصول الى سقف مرضي للجميع وبشكل يحافظ على الثوابت الوطنية، حيث فشل الجميع فشلاً ذريعاً في الفصل بين ممارسة السياسة والتعرف على صلب المشكلة، والذي يبدوا جلياً الأن أكثر من أي وقت مضى أن الهوة تتسع يوماً بعد يوم، وعدم الأتفاق لايجب ان يعيق الحكومة عن تنفيذ برامجها بقوه وبدون توان أو تأخير- فالمؤتمر – بأغلبيته المريحه- مطالب الأن أن يمخر بسفينته – سفينة الأصلاحات الدستوريه والأقتصادية بقوة وبدون أنتظار لبقية الركاب. و بالرغم من أن الدولة تبدو"ملتهيه أو منهمكه" بقوة في مسار "القضاء" على الحراك السياسي في الجنوب -والذي أراه أقتصادياً أكثر منه أنفصالياً- والوصول به الى بر الأمان بأقل قدر من الخسائر، بقدر مايبدوا جلياً للعيان ايضاً أن أداء الحكومة في تنفيذ برامجها التنموية والتي تمس الحياة اليومية للمواطنين غير منسجم مع نبض الشارع. فالمواطن الأن لم يعد بعقلية الأمس ولقد مل من ترديد الخطابات وأرقام الأستثمارات التي لم تعد تعني الشئ الكثير بالنسبة له ، في ظل البحث عن مصدر دخل أضافي لتوفير متطلبات الأسره المتنامية. الأيام تمر بوتيرة متسارعة والأوضاع تترشح لمزيداً من التدهور الأقتصادي في بؤر كثيرة من العالم - ومنها اليمن وبشكل أكبر مما هو حادث حالياُ، فالبنك الدولي في اخر تقاريره في سبتمبر 2007 يتنباء بأن اليمن سوف تستورد النفط في 2015 وتتوقف عن الأنتاج فعلياً في 2018 العام- وأنا شخصياً لاأصدق هذه التقديرات 100 بالمئه، فلقد قراءت مثلها في الماضي أن نفط الخليج سينضب في الثمانينات، لكن من المؤكد أن الأستهلاك المحلي للنفط في أزدياد مستمر منذ العام 2002 (33.5 مليون برميل) ليصل الى 44.7 مليون برميل في العام 2006. وهذه زيادة تمثل 25% خلال 4 سنوات.
أذاً ماهو الحل؟ بالطبع قد يبدوا السؤال ساذجاً أو يبدوا بسيطاً – تبعاً لأي معسكر يتبعه القارئ- ولكن الاجابة تبدو من الصعوبة بمكان أن يتم أستعراضها في هذا الحيز، لكن ماأود قوله هنا بأن على قادة البلاد الأن السعي بوتيرة عالية لأصلاح الأوضاع الأقتصادية، والطبع يجب الأعتراف هنا أيضاً بعدم وجود وصفة سحرية، لكن يمكن القول أننا لم نرى حتى الأن مجلساً أقتصاديا -لا يمثل خيرة العقول اليمنية الأقتصادية فحسب بل أيضاً ممن يتم الأستعاةه بهم من خارج البلد- يقدم الخطط القصيرة المدى- ذات الفعاليه- التي تؤدي الى جذب المشروعات الأقتصادية ذات معدل عالي في العمالة والمردود الأقتصادي الكبير، مجلس ذو صلاحية كبيره في أدارة أقتصاد البلد والأهتمام بمتابعة حركة الأقتصاد العالمي بشكل ينعكس ايجابياً على أقتصاد البلد- فهذا هو ما يبحث عنه المواطن والبلد. و في نفس الوقت يجب الأعتراف أنه من غير المعقول أن تستمر سياسة "الأحتواء" في المحافظات الجنوبيه وحرمان اليمن ككل من مصادر دخل لاتنضب. خوفاً من "تمركز" الثروة في المحافظات الجنوبيه وأنتقال الثقل السياسي الى أتجاه أخر، وهذه مخاوف طبيعية حدثت بالفعل في أمريكا مباشرةً بعد أنتهاء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب- تماماً كما هو حادث في اليمن، ولكن تم تجاوزها، وللعلم أن ثلاثة أرباع ثروة في أمريكا تتركز في الولايات الشمالية الشرقية وهي لاتتعدى أصابع اليدين بينما رئيس أمريكا ينتخب من أي ولاية من ولاياتها الخمسين. الدولة والحكومة في حاجة ماسة لتحرك سريع والأستماع "بعقلانية" الى نداءت الشارع اليمني- الذي لايزال معظمه الى الأن صامتاً، ويردد همومه فقط مابين أربعة جدران، ويجب ان نعترف بأخلاص -وتعترف الدول أيضاً معنا ، أن الشيخ الأحمر رحمة ألله تغشاه ، والذي هُجم بعنف في حينها من أحد صحف المؤتمر، قد ربما يكون أصاب كبد الحقيقه عندما ذكر ان اليمن، ومما لاشك فيه دول كثيره ، وفي ظل الأوضاع الأقتصاديه الحاليه ، تسير في" نفق مظلم"- مع العلم ان ماقاله كان سابقاً للحراك في جنوب البلاد، أذاً يجب ان نتحلى بالشجاعه والجراءه وبعيداً عن خداع انفسنا ونعترف بأن الدولة مطالبة اكثر من أي وقت مضى أن "تضئ" هذا النفق حتى يخرج الجميع منه - حاكماً ومحكوماً- الى ضوءٍٍ أكثر أشراقاً. [email protected]