في أول بادرة منذ إعلان الوحدة اليمنية، فتح ملتقى الرقي والتقدم صباح اليوم الأحد ملف قانون العلم الوطني اليمني، في ندوة موسعة تهدف الى تعديل القانون، ووضع لائحته الداخلية، ومنح علم الجمهورية اليمنية مكانته الاعتبارية الوطنية، كرمز للهوية الوطنية اليمنية. الأستاذ يحيى محمد عبد الله صالح- رئيس الملتقى- استهل الندوة بالإشارة الى ولادة الفكرة، مبيناً أنها انبثقت بعد ملاحظة عدم وجود لائحة خاصة بالعلم الوطني، فتم تقديم رسالة الى رئيس الجمهورية في 14 اكتوبر 2004م، أعقبها عقد الندوة الوطنية الخاصة بتعديل النشيد الوطني وتم رفع توصياتها إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وتحويلها إلى مجلس النواب الذي أقرها في 28 نوفمبر 2006م. وقال يحيى صالح: إن هذا العَلم الذي ضحى من أجله آباؤنا وابناؤنا وإخواننا في سبيل الثورة والجهورية والوحدة.. هذا العلم لم يرفع إلاّ بتضحيات جسيمة، ويجب ان نعتز به اعتزازا كبيرا ولذا تقدمنا بهذا المقترح لوضع الضوابط التي تكفل الحفاظ على هذا العمل واهميته وكذا العقوبات التي تحدد من يخالف هذه الضوابط.. منوهاً إلى أن العلم الوطني يخص الشعب والوطن بشكل عام، وليس حزب أو فئة، ولا بد أن توجد هناك لائحة خاصة بالعلم الوطني للتعريف باهميته باعتباره احد الثواب الوطنية. بتلك المقدمة الموجزة لخص الاستاذ يحيى محمد صالح فحوى المشروع، الذي رفعه الى الطاولة بعد وقت قصير جداً من إقرار مجلس النواب لمشروع "النشيد الوطني" الذي سبق أن تبناه ملتقى الرقي والتقدم، في إطار أهدافه الرامية الى تعزيز الهوية الوطنية. من جهتها ، الدكتورة رؤوفة حسن الشرقي- رئيسة المكتب التنفيذي للملتقى- قدمت ورقة عمل موسومة ب(خلفية تاريخية عن الأعلام اليمنية)، استعرضت خلالها سيلاً من المعلومات النفيسة حول "الراية أو اللواء" اللذان يعنيان "العلم" باجماع المؤرخين- على حد ما استهلت به ورقتها- وتجاذبت أطراف آراء المؤرخين والمحدثين حول تعريف كل لفظة من تلك المفردات، وصولاً الى العصر الحديث.. وقدمت الدكتورة رؤوفة الشرقي بياناً لأغراض ووظائف العلم – في العصر الحديث- ثم الهوية الوطنية للعلمومدى ارتباط العلم بالسيادة والهوية للبلاد الى الدرجة التي يصبح فيها الدفاع عن العلم بمثابة رمز للدفاع عن البلاد، ويصير رفعها في المؤتمرات أو بجوار الوفود في المفاوضات أو اللقاءات الرسمية المختلفة دلالة تعريفية عن المطكان الذي قدم منه الوفد ودلالة على الطبيعة التمثيلية لهذا الوفد عن حكومة تلك البلاد أو جهاتها الرسمية- طبقاً لما أوردته في ورقتها. وأشارت الى أن في الازمنة الحديثة لا تزال تحية العلم واجب يومي على كل القوات في كل المعسكرات، باعتبار أنم العلم رمز للوطنمن مهام الجيش الدفاع عنه وضمان تحقيق أمنه. وأعربت عن حيرتها في ظل غياب قانون مفصل أو لوائح منظمة دقيقة للعلم في اليمن، فإن عدداً كبيراً من المدارس لا تعتمد تحية العلم كجزء من طابور الصباح المدرسي . وبعض هذه المدارس تنطلق من فتاوي دينية تجعل الولاء للوطن والدولة عبر رمز كالعلم نوع من الوثنية. وبعض هذه المدارس تعود الى ملكية خاصة تحمل مسميات أجنبية تعتبر الولاء للدولة المحلية تقليل من. مستواها المتعلق بالمسمى الاجنبي والقائم على التكبر والعجرفة على البلاد وعلى بقية أهلها. ولأول مرة في تاريخ اليمن، استعرضت الدكتورة الشرقي- عبر البروجكتور- أعلام اليمن وراياتها عبر حقب زمنية موغلة في القدم، قدوماً الى الزمن الحالي، مبينة هوية كل علم، ومنشأه، وأحيانا ما ترمز إليه بعض مكوناته.. بناء على دراساتها البحثية التي استخلصت منها هذه الحقائق ووثقتها كأول عمل تأريخي في هذا الاطار. كما قدم الستاذ أحمد محمد الأبيض- عضو الهيئة التنفيذية للملتقى- ورقة بعنوان (تعديل قانون العلم الوطني اليمني.. ضرورة وطنية وسيادية) تناول في مستهلها القانون رقم (1) لسنة 1990م بشأن العلم الوطني المكون من ثمان مواد عقب قيام الوحدة المباركة، مشيرا الى عدم صدور لائحة تنظيمية لعلم دولة الوحدة. ولعل المثير في ورقة الاستاذ الأبيض هو ما تناوله في الفصل الثاني من دراسته حول (واقع العلم في الذهنية الشعبية والرسمية)، والتي أكد خلالها أن العلم "لا يحتل أي مساحة في التربية الأسرية سواء في الحضر أو الريف" كما لاتوجد\ كتابات عنه، وعزا ذلك الى "قلة الوعي" حيث البعض يعامل العلم بغير اكتراث ولا يمانع إن كان متسخاً أو ممزقاً أو بأي وضع كان. ثم تناول ارتباط العلم بالسلسلطة التنفيذية (الحكومة) منتقداً عدم ظهور العلم وراء القادة والمسئولين باشسثناء ظهوره وراء رئيس الجمهورية، كما أن معظم المؤسسات لا ترفع العلم على مبانيها .. في حين لا توجد خطة في مناهج الدراسة للعلم الوطني، وكذلك الحال بالنسبة لوزارة الثقافة، ووزارة الدفاع.. وفي البرلمان لا يوجد علم خلف رئاسة المجلس ولا فوق قية البرلمان، ولا أيضاً فوق المحاكم ودور القضاء.. سارداص جملة من الامثلة التي تؤكد سلبية الثقافة الشعبية والرسمية تجاه العلم الوطني. ودعا في ورقته الى عقد مؤتمر موسع يدعى اليه ممثلون من مختلف الوزارات والهيئات والمنظمات والمراكز لإيلاء الموضوع نقاشاً وافراً. ندوة الرقي والتقدم حول العلم الوطني، حضرتها شخصيات مثلت رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، والدفاع، والداخلية، والتربية، والثقافة، والاعلام، وأمانة العاصمة، ورئاسة جامعة صنعاء، وعدد كبير من الشخصيات الثقافية والسياسية البارزة، التي كان لها دوراً كبيرؤاً في إثراء مشروع تعديلات قانون العلم الوطني بالنقاش والملاحظات. حيث استعرض الملتقى مشروع تعديل القانون، وبعد قراءته فتح المجال لجميع المشاركين بغبداء آرائهم ومقترحاتهم حوله، والتي قامت سكرتارية الملتقى بتسجيلها جميعاً أملاً في النظر فيها ومراعاتها في صياغة النص المعدل. هذا وبدا المشاركون جميعاً حريصون على بلورة رؤى ثابتة ترسخ قيمة العلم الوطني في النفوس، كجزء من مسعى الملتقى لتعزيز الهوية الوطنية.