بينما كنت جالس في احدى مكتبات مدينة ديربورن الأيام الماضية أعترضني أحد زوار المكتبه المعروفين من أبناء الجالية اليمنية في ولاية متشغان، ووجه لي سؤالاً مباشراً- هكذا بصراحه: "منير لماذا تطبل لحقك الرئيس صالح على حساب المغتربين؟" لم أستغرب من صيغة السؤال كونه أتى من شخص حاقد- أو كما يقول البعض "محتقن"- وهذا واحد من المحتقنين في الخارج، بل ما شد أنتباهي هو "حقك" وكأنه لم يعترف بعد بأن له حق أيضاُ في رئيس الجمهورية، فقلت:"الرئيس حقي وحقك" قبل ان ندخل في الحوار الوحدوي الأنفصالي، فرد مستهتراُ: أنا لا أعترف بهذا الرئيس. فقلت له: من حقك عدم الاعتراف طالما وانت تعيش خارج أرض الوطن ولديك رئيس أخر، لكن هذا لا يعني انك تمنع الاخرين من الاعتراف برؤسائهم! فأجاب بلهجه مختلفة، وسارع لكشف ما في صدره من غل وحقد على الوطن، وقال: "أنا لا أعترف بالجمهورية والوحدة الديمقراطية المزيفة". ساعتها أدركت أن صاحبنا "مكيف"، أي "مسبت"، بمعنى "مريح الملائكة"، لانه كان يوم سبت عطلة عن العمل "مسبت في سبات عميق"، فقلت أستغل سباته وأجري عليه عدة فحوصات مختبريه قبل أن يفيق في تلك اللحظات.. جلسنا على طاولة زجاجية وبدأنا الحوارعن الوحدة اليمنية وأهميتها لنا كيمنيين ومخاطرالأنفصال ومساوئه، فأخذنا في الحديث نروح مرة يساراً، ومرة يميناً، فوق وتحت، هنا وهناك، قريب وبعيد، محاسن الوحدة ومساؤى الانفصال.. تقريباُ ساعتين أو أكثر وصاحبنا مازال "مسبت" لم يرجع عقله بعد، ولم يتأثر بكل ما طرحته عليه من محاسن الوحدة وصفاتها الحميدة، بل ظل متمسكاُ بعدم أعترافه "بالجمهورية والوحدة والحكومة والرئيس صالح والشعب والوطن واليمن ككل"! ختم حديثه معي بمطالب أبناء الضالع! والمشاكل الاخيرة التي حصلت في الضالع، كونه من أبنائها المغتربين. وقبل أن أرد عليه بخصوص الضالع أعترضنا شخص أخر يدعى "مستر جراج"- أمريكي- شخصية منتظمة ومهذبة كثيراً، وملامحه تدل على أنه أما دكتور أو مهندس كبير.. لم نكن نعلم أن صاحبنا الأمريكي كان قد أستمع إلى بعض كلمات صاحبنا اليمني الأنفصالي، وحاول أن يشاركنا الحديث في اللحظات الاخيرة.. رحبنا به جميعناُ وكنت غير مطمئن من مشاركته بينما صاحبي رحب به كثيراً، وأجلسه بجانبه على الطاولة الزجاجية ظناُ منه أنه سوف يعزز من موقفه الأنفصالي، ويعلن عدم أعترفه هو الأخر "بالرئيس صالح"! فأستأذن صاحبنا الأمريكي للحديث وضرب التيبل "الطاوله الزجاجية"، ضربة أزعجت صاحبنا اليمني، وقال عبارته الشهيرة: "الوحدة مثل هذا "التيبل" الزجاجي اذا ينكسر لا يستطيع أحد أصلاحه"، وقام من مقعده يريد الانصراف، فقلت في نفسي هذا إنسي أم جني، ونظرت مباشره إلى قدميه علني أكتشف أمره- كما يقال- أن بعض الجن تتنكر ولكن أقدامها تظل كأقدام البغال..، قبل أن نختم الحوار سألت صديقي "مستر جراج ": من أين أتيت بذلك المثال الرائع الذي لم يخطر على بال بعض إخواننا اليمنيين في الداخل والخارج؟ فقال: هذا المثال انتزعته من وسط الشعب الكوري الذي بات يحترم وحدة اليمنيين، ويعتبرها مصدر إلهام لوحدتهم المرتقبه.. وأنا أمريكي من أصول كورية، وكنت أعمل في الإعلام سابقاُ وأعرف عن حضارة اليمن، وعن علاقة كوريا باليمن، وعن مطالبة حكومة الكوريين لحكومة اليمنيين تقديم المساعدة والعون والخطط لهم من أجل تحقيق الوحدة الكورية كما حققوا وحدتهم اليمنية واحترامي لوحدتكم جعلني أتقرب من طاولتكم هذه حتى أريح ضميري لأن الموضوع كان حساساً بالنسبة لي، وهام، ويتعلق بمصير شعوب وأمم كثيرة. هذا ما قاله وأكثر، فيما أخونا اليمني الضالعي يستمع وكأني استمع إليه وهو يقول لنفسه، من أين جاء هذا الكوري الوحدوي! رأيت صاحبنا قد تغير لونه وشكله وأصبح بصورة مختلفة، فقلت في نفسي: هذا هو إبن محافظتي الضالع الذي لم يعترف بالوحدة والجمهورية والديمقراطية اليمنية أم شخص آخر!! فنظرت إلى أرجله حتى أتاكد منه أيضاُ فوجدته يقف على أرجل تشبه أرجل "بغل كبير"، فأستعذت بالله من الشيطان الرجيم من هذا الجني الذي جعلني أعرف الفرق الكبير بين نفر من اليمنيين الأنفصاليين والكوريين الوحدويين في أمريكا.