اعتبر المصور البريطاني بيتر فراير ما أقدمت عليه الصحف الدينماركية من نشر رسوم مسيئة للنبي الكريم محمد ( ص ) خطأ كبيرا ارتكبته هذه الصحف التي اساءت استخدام حرية التعبير في بلدها فعمدت الى الإساءة الى الإسلام، مؤكدا أن الدين الإسلامي يحترم كل الأديان الأخرى ويتوجب على الغرب احترام الإسلام بالمقابل. جاء ذلك في سياق محاضرة له ألقاها يوم أمس في قاعة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز تحت عنوان (قراءة في او ضاع الجالية اليمنية في منطقة شيلدز جنوبانجلترا). وأشار بيتر الى أن الغرب سيظل الى أمد بعيد يحمل تلك الصورة النمطية عن العرب بالرغم من مساهمات العرب في صناعة النهضة الغربية مستشهدا بابن الهيثم الذي يعود اليه علم البصريات، مرجعا السبب الرئيسي الى ديزني لانتاج الاعلام التي ساهمت في تشويه صورة العرب بشكل كبير لافتا الى انه وأمثاله يحاولون اليوم تغيير تلك الصورة النمطية الظالمة التي كونها الغرب عن المسلمين ولذلك جاء اهتمامه بدول مثل اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين. واستعرض بيتر بأسلوب شيق مشاهد من حياة اليمنيين المغتربين في ساوث شيلدز الذين وصفهم بالشجعان مذكرا بمراحل تاريخية للجيل الأول من المهاجرين اليمنيين الى انجلترا الذين زاد عددهم بعد احتلال بريطانيالعدن عام 1839م وحاجة بريطانيا لبحارة للعمل في السفن مادفع اليمنيين الى الهجرة الى بريطانيا بشكل كبير مشكلين ثاني اكبر جالية في البلد ومشتغلين في مهن كان الانجليز يعفون عن الاشتغال بها، وشبه بيتر معاناة اليمنيين في المجتمع الجديد بسفرهم حافيين على الأقدام من قرى تعز الى عدن التي كانت محمية بريطانية مزدهرة. بيتر الذي عرض 50 صورة من ضمن 5000 صورة تجسد وتوثق حياة اليمنيين في ساوث شيلدز من نواحي مختلفة قال ان عام 1930 مثل محطة مهمة في تاريخ الجالية اليمنية فقد وصل عدد المحلات التجارية في ساوث شيلدز الى 30 محلا، كما ان البحارة اليمنيون على متن الاسطول البريطاني شكلوا نصيب الاسد الامر الذي أثار حفيظة بعض اهالي ساوث شيلدز فشعروا ان البحارة اليمنيين سرقوا أعمالهم وتجارتهم فطردوا اربعة منهم. الا ان هذا التصرف لاقى فيما بعد خجلا واستنكارا شعبيا من المجتمع المحلي لمدينة ساوث شيلدز وصل بهم الى حد حلف اليمين على أن لا يعاودوا لتكرار مثل ذلك التصرف أبدا وهو ما فتح الباب على مصراعيه لتدفق مزيد من الهجرات الى المدينة التي أصبحت فيما بعد مدينة ملونة بامتياز وتضم العديد من الجنسيات من بينها الجنسية اليمنية التي ظل الاهالي مرحبين بها لما تتمتع به من حسن خلق وكرم وشجاعة وفخر واعتزاز فلقد كانت محل ثقة من الانجليز على الدوام فهم لم يكونوا يتعاطون الكحول وكانوا يقبلون على الصلاة ولعبة (الضومنة) وياكلون العصيد ويلبسون الثياب التقليدية. ونوه بيتر الى ان اهتمامه بالجالية اليمنية نابع من حب لها وللعصيد الوجبة الشعبية اليمنية التي تذوقها مع المهاجرين اليمنيين لسنوات أما القات فقد وجه له بيتر انتقادا لاذعا قائلا انه مضيعة للوقت وللمال وللصحة. وكشف بيتر في ختام محاضرته التي لاقت استحسانا من قبل الحاضرين معظمهم من النساء اللاتي برعن في التحدث بمداخلاتهن باللغة الانجليزية ما خفف من رهبة الضيف من اسود طاغ غطي زوايا قاعة السعيد وأزال عامل الاختلاف الثقافي بين الشعوب، ان 800 يمني لقو حتفهم في السفن الحربية البريطانية ابان الحربين الأولى والثانية وهو أعلى رقم قياسا بجاليات أخرى بل بأبناء مدينة ساوث نفسها مرجعا سبب ذلك الى شجاعة واستبسال اليمنيين الذين كانوا يجلسون أسفل السفن وبالقرب من الطوربيدات والوقود التي كانت موضع هدف من القوات المعادية. وأبدى اعتزازه باليمنيين الذين ضحوا في سبيل بريطانيا خلال الحرب العالمية الاولى والثانية اضافة الى مساهمتهم في بناء انجلترا عموما. فيصل سعيد فارع مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز ابدى ترحيبا وارتياحا عاليين بالضيف واصفا اياه برجل المحبة والسلام الذي قدم من بلاده ليقدم ويوثق جزء مهما من حياة ومعاناة المغتربين اليمنيين في انجلترا وهو جهد يستحق عليه الشكر الجزيل، مؤكدا ان بيتر قدم رسالة لكل انسان في العالم العربي انه من السهل ان نلقي التهم والكلام جزافا في أي وقت ومكان ولكن مالم نأبه له ان من بين الغربيين اناس يستحقون الاحترام والتحية والإشادة معاتبا مثقفي تعز الذين غابوا عن حضور هذه الفعالية الهامة. حضر الفعالية وكيل محافظة تعز للشئون الفنية المهندس عبد القادر حاتم و كوكبة من المهتمين والمثقفين.