يرى بعض المسئولين الغربيين والمحللين الإستراتيجيين في عدد من مراكز الدراسات الأمنية والإستراتيجية الأجنبية، ان نشاط تنظيم القاعدة الأخير هو محاولة لنقلها من أفغانستان إلى المنطقة العربية وأنه بعد تعرض التنظيم لعدة ضربات من قبل الحكومة السعودية فإنه قد يسعى للتمركز في اليمن و جبالها الوعرة التي يصعب الوصول إليها كما هو الحال في أفغانستان. وما يلفت النظر هو أن تنظيم القاعدة بدأ ينشط فعلا في الآونة الأخيرة في المنطقة العربية سيما مع وجود التنظيم المكثف في العراق الأمر الذي يعني وجود خطر يهدد المنطقة بأسرها، وما تحرك القاعدة من بلد إلى بلد إلا خطوات تكتيكية قصيرة المدى تهدف إلى التحرر من الضغوط الأمنية المتوالية التي تتعرض لها. وإذا كانت السلطات السعودية مثلاً قد وجهت ضربات عنيفة للتنظيم حدّت من قوته داخل المملكة فلا يعني هذا بأن المملكة قد أصبحت في مأمن من خطر القاعدة والاعتقالات الأخيرة التي جرت في صفوف القاعدة في السعودية دليل على أن التنظيم حاول استعادة نشاطه بعد فترة الهدوء التي مرت به، وسواء انتقل نشاط القاعدة من السعودية إلى اليمن أم لم ينتقل فإن خطره لا زال نتيجة للإمكانات المادية الهائلة التي يمتلكها والتي يجب تجفيفها ونتيجة أيضاً لوجود بعض الحواضن الفكرية التي تسوغ للتنظيم أعماله ، خصوصاً في أبعاده الدينية. إذاً فما الذي يجب عمله تجاه تمدد القاعدة في شبه الجزيرة العربية؟ ما يجب عمله هو إستراتيجية أمنية موحدة للتنسيق بين كافة دول الجزيرة بل والإقليم للخروج بخطة شاملة تستهدف تحجيم التنظيم وتجفيف منابع تمويله وتحاصر تحركات عناصره، أما الحلول الفردية سواءً كانت أمنية أو مجتمعية أو مالية فيسهل الالتفاف عليها بمجرد تحرك العناصر الإرهابية إلى منطقة بديلة، الأمر الذي يفرض على دول مجلس التعاون الخليجي تطوير إستراتيجية لمكافحة الإرهاب تكون اليمن طرفا فيها وتشمل المؤسسات المعنية بالأمن في دول المجلس واليمن ولمصلحة الجميع. فاليمن لها حدود بحرية مع منطقة ملتهبة هي القرن الأفريقي وحدود بحرية مفتوحة مع المحيط الهندي وحدود برية طويلة مع دولتين من دول مجلس التعاون مما يعرضها لتسلل الإرهابيين والمهربين، حيث تضبط السلطات اليمنية على ساحل البحر العربي بين الفينة والأخرى كميات كبيرة من المخدرات قادمة من باكستان وإيران تكون وجهتها في الغالب إلى المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج وحيث أن لهذه التجارة أرباح خيالية فلن يتوقف المهربون عن محاولات اختراق الحدود ما يعنيه بذل الجهود من الجميع بجهد موحد وإستراتيجية مشتركة بين اليمن كدولة (ترانزيت) وبين دول الخليج كمحطة نهائية لهذه التجارة غير المشروعة، فالذي يستطيع تهريب المخدرات يستطيع أن يهرب السلاح والأموال وبالتالي يستطيع أن يهرب الإرهابيين وهذا هو الخطر الداهم على الجميع. ناهيك عن مأساة اللاجئين الأفارقة الذين يعتبرون اليمن محطة عبور ينطلقون منها إلى دول الخليج وغيرها، حيث أوضحت آخر الإحصائيات التي نشرت في وسائل إعلام خليجية أن 70% من اللاجئين الواصلين إلى اليمن يقصدون دول الخليج. وبناء على ما سبق فإن على دول الخليج إعطاء أمن اليمن أولوية في إستراتيجيته الأمنية حيث أن أي ضعف أو فشل (لا سمح الله) في قدرات اليمن الأمنية يعني أن هذه الدول أصبحت مكشوفة على كل شيء، وبالتالي فإن قوة اليمن الأمنية هي في نفس الوقت تعني الحماية الجنوبية لدول مجلس التعاون.