تكون دم الإنسان من مجموعة من الكريات الدموية الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، وهذه جميعها تسبح في سائل هو البلازما. تقوم كريات الدم الحمراء بحمل الأوكسجينO2 من الرئتين إلى كافة أنسجة الجسم وتعود بثاني أكسيد الكربون CO2 من تلك الأنسجة إلى الرئتين ليتخلص منه الجسم. ويجب أن تحتفظ كريات الدم الحمراء بشكلها وأن تحتوي على مادة بروتينية متخصصة وهي الهيموجلوبين الذي يحتوي على الحديد، وذلك حتى تتمكن من القيام بوظائفها بشكل طبيعي. وإذا ما تعرضت مادة الهيموجلوبين في كريات الدم الحمراء للتغيرات التي تفقدها القدرة على أداء وظائفها، ينتج عن ذلك نوع مزمن من فقر الدم يسمى «الثلاسيميا». والذي قد يكون من نوع ألفا أو بيتا حسب نوع المورث المصاب. ومنطقة الشرق الأوسط تقع في وسط ما يُعرف باسم «حزام الثلاسيميا»، وتصل فيها نسبة حاملي سمة الثلاسيميا، في بعض دول الخليج، إلى واحد من بين كل عشرة مقيمين. * الثلاسيميا * وتوضح الدكتورة سلوى إبراهيم ، استشارية أمراض الدم وطب نقل الدم- أن الثلاسيميا مرض وراثي يصيب الأطفال في مراحل عمرهم المبكرة، ويكون ناتجاً عن زواج شخصين مصابين بالمرض أو حاملين للطفرة الوراثية له. فإذا تصادف وكان الزوجان مصابين بالمرض، ينتج عن ذلك طفل مصاب بالصورة الشديدة للمرض، أما إذا كان أحد الزوجين مصابا بالمرض أو حاملا له، فينتج عن ذلك طفل مصاب بالصورة البسيطة للمرض ويكون حاملاً له. ويسبب هذا المرض فقر دم مزمن لضحيته نتيجة التكسر المستمر لكريات الدم الحمراء، ويصبح المصاب بالمرض محتاجاً إلى نقل دم باستمرار بمعدل مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع وعلى مدى الحياة. ونتيجة للعلاج المستمر من خلال نقل الدم المتكرر، يحدث تراكم للحديد في جميع أنسجة الجسم المختلفة نتيجة التكسر المستمر لكريات الدم الحمراء، ومع مرور الوقت وإن لم يعالج المريض، فإن تراكم الحديد يؤثر على الأعضاء المهمة في جسمه، يؤدي إلى فشل هذه الأعضاء وخاصة القلب. وعليه قد تحدث الوفاة في سن مبكرة لمرضى الثلاسيميا. من هنا جاءت ضرورة استعمال العلاج الطارد للحديد والمعروف ب «ديسفيرا Desferal أو ديسفيروكسامين Desferoxamine » وهو العقار المستخدم في جميع أنحاء العالم كعلاج لمنع تراكم الحديد، وللحصول على نتائج مرضية فإنه يجب استخدام هذا العقار بطريقة مستمرة وأن يؤخذ يوميا لمدة 12 ساعة عن طريق مضخة خاصة ويحقن تحت الجلد طيلة حياة المريض. وتذكر الدكتورة سلوى أن المشكلة الحقيقية التي تواجه معظم مرضى الثلاسيميا أن المريض منهم، عندما يصل إلى سن المراهقة، يبدأ بالتكاسل في أخذ العلاج وينتابه شعور بالغضب والملل والتعب من الاستعمال اليومي للمضخات إضافة إلى أن الأهل هم أيضاً يفقدون القدرة على إجبار أبنائهم في هذه المرحلة من العمر على استعمال العلاج مما يؤدي إلى حدوث تراكم الحديد وظهور الأعراض المصاحبة له مما قد يتسبب في الوفاة المبكرة. وعليه عكف الباحثون والعلماء في إجراء العديد من الأبحاث على أدوية جديدة تؤخذ عن طريق الفم بهدف التخفيف من الأعباء التي تواجه هؤلاء المرضى ولتفادي حدوث المضاعفات. فكان الدواء الجديد «إكسجيد Exjade » الذي يؤخذ عن طريق الفم مرة واحدة يومياً، وهو عقار انتظره مرضى الثلاسيميا طويلاً وتبنى عليه آمال كبيرة لتخفيف معاناتهم. تمت التجارب الطبية على هذا الدواء في جميع أنحاء العالم والآن هو في مرحلة الاختبار الأخيرة بالشرق الأوسط حيث تم انتقاء مجموعة من المراكز الطبية في العالم العربي لتقوم بهذه الدراسة. قد أظهرت الدراسة نتائج مشجعة جداً، حتى هذه اللحظة، خاصة من ناحية الالتزام بأخذ الدواء في موعده والذي كان يعتبر من أكبر العقبات التي تواجه المرضى الذين يستخدمون المضخات وحقن تحت الجلد. وقد أبدى جميع المرضى بدون استثناء رضاهم التام عن العقار الجديد والذي أثبت أيضاً فعالية كبيرة في خفض كميات الحديد المترسبة في الجسم وخاصة في الأنسجة القلبية وأكدت نتائج دراسة أجريت على المرضى المصابين بالأنيميا المنجلية فاعلية الدواء إكسجيد Exjade في إزالة الحديد الزائد في الكبد، وفي الجسم بأكمله. هذا وقد حصل الدواء إكسجيد Exjade على موافقة بعض الهيئات الطبية المختصة في الولاياتالمتحدة الأميركية وسويسرا في نوفمبر 2005، وهو يعتبر الدواء الأول والوحيد الذي يؤخذ مرة واحدة يومياً عن طريق الفم مع كوب من الماء أو عصير البرتقال لمعالجة حالة فرط تراكم الحديد في الجسم.