لعب القطاع الخاص ممثلاً بالشركات والمصانع والوكالات وغيرها من المرافق الاستثمارية الخاصة خلال السنوات الماضية دوراً هاماً وإيجابياً لا يمكن إنكاره ونسيانه وإغفاله بأي حال من الأحوال وإلى جانبه القطاعين (( العام والمختلط )) حيث وقد ساعد القطاع الخاص في إحداث التنمية الوطنية الشاملة وتأسيس بنية اقتصادية وطنية قوية وتحسين مستوى دخل الفرد عبر استيعاب القطاع لشريحة كبيرة من العمالة الوطنية المؤهلة وغير المؤهلة . وهو ما يمكن اعتباره تحقيقاً لأحد أهداف الثورة اليمنية المباركة . ولعلى ما جعل هذا القطاع يصل إلى أوج عطائه بهذه السرعة هو حب الإنسان اليمني للعمل الجاد والمثمر من جهه وإبداء القطاع الخاص الاهتمام بالعامل اليمني الذي يشهد له العالم في كفاءته وإخلاصه ووفائه في العمل الذي يوكل إلية من جهه أخرى وإعطائه كافة الحقوق المنصوص عليها في قانون العمل من أجور وحوافز وميزات وغيره من منطلق القول (( أعطي العامل حقه قبل أن يجف عرقه )) مما يتضح يمكن القول أن السر وراء هذا الاهتمام وهذا النجاح هو وجود الكثير من العوامل المساعدة في إحداث هذا النجاح المتميز . ومن هذه العوامل والأسباب هو قلة وندرت الكوادر اليمنية المؤهلة والقادرة على مزاولة الأعمال والأنشطة المختلفة وتسرب الكثير من الكوادر اليمنية المؤهلة للعمل والاغتراب خارج الخارطة الوطنية إلى غير ذلك من الأسباب التي ساعدت العامل على أخذ حقه القانوني وساعده القطاع الخاص في النمو الازدهار والذي كانت تشكل نقطة ضعف أمام القطاع الخاص وتجعله يسعى إلى تحسين صورته أمام الراغبين في العمل والعاملين فيه أيضاً . إلا أن الأمور لم تلبث بهذا الشكل الجميل الذي استمر خيرة يصب في صالح العامل ورب العمل فسرعان ما تحول السيل إلى اتجاه أخر دون أخر حيث تغيرت الأحوال والأوضاع في البعض من هذه المرافق الخاصة نتيجة زيادة في مخرجات التعليم وارتفاع معدل البطالة والنمو السكاني المخيف وغيره وخصوصاً بعد توسيع نطاق العمل الخاص والذي جاء من اجل معالجة الأوضاع الاقتصادية للوطن والمواطنين على حد سواء ، وهو ما جعل ظهور أنواع جديدة من القطاع الخاص لم تكن موجودة أو مسموح لها بالعمل في الساحة مثل المستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية والمدارس والمعاهد والجامعات وشركات الاتصالات والمواصلات والنقل الخاصة وغيره مما يفترض أن يشكل رافداً هاماً من روافد التنمية الوطنية والبشرية في البلاد يستفيد من خيراتها كافة الأطراف الشريكه في المال والجهد . فبالنسبة للمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة والتي هي محور الحديث في هذا الموضوع الذي ضل عالق في ذهني لسنوات طويلة . حيث وقد تبين منذ الوهلة الأولى لظهور هذه الأنواع من القطاع الخاص أن الهدف تجاري وربحي بدرجة أساسية لصالح أصحاب رؤوس المال وإن قالوا (( نحن بعون الله نرعاكم )) أو(( أنتم في أعيننا )) أو غير ذلك من الشعارات الجوفاء وقد تجلى هذا في القصور والإخفاق الحاصل في تقديم الخدمة على العامة وفي تعامل هذا القطاع مع العامل والذي يعتبر أساس التنمية والاستثمار في البلاد الأمر الذي جعل العاملين في القطاع الصحي الخاص يشعرون بأنهم مجرد عبيد وجواري لدى سلاطين وأمراء القطاع ينطبق عليهم المثل القائل (( حمار مات بكراه )) وذلك لما يتعرضون له ذل وهوان واستغلال غير عادي بدأً من الأجر ه وإنتهاءً بالمعاملة القاسية والذي يفترض أن يكون هذا القطاع أكثر التزام واحترام للقانون وللعامل الذين أوجدوه من العدم على اعتبار انه يحمل رسالة إنسانية سامية لا يقصد من وراءها جني الأرباح والفوائد على حساب جهد العامل وأوجاع المواطن . والأمثلة على استغلالية هذا القطاع أكثر من أن تحصى حيث يشاهد الكثير من الممارسات اللاخلاقية واللانسانية واللاقانونية في حق العاملين من أطباء وممرضين وفنيين وعمال نظافة وغيرهم في حين نراه يحترم ويهتم بالعمالة الأجنبية ويقدم لها كافة التسهيلات والمميزات المشروطة والذي في الغالب الأعم تستخدم لغرض ديكور ودعاية حتى تحسن المظهر العام له (( وسبحان من زين البضاعة بوجه المشتري )) كما يقال ولو فتشنا بخفايا هؤلاء لوجد أن معظم الذين يعملون في المستشفيات من أجانب ليس لديهم مؤهلات حقيقة تجيز لهم مزاولة المهنة . ومن الأمثلة على معاناة هؤلاء العاملين هي (1) عدم التأمين على العاملين ( 2) وعدم إبرام عقود العمل بين الطرفين (3) وحرمان العاملين من الاجازات وإن أعطيت تعطى إجبارية وقلة الأجرة مقابل زيادة في العمل وساعات العمل والتمييز بين الموظفين وعدم وضع اعتبار ومعيار للمؤهل الذي يحمله الموظف حيث نجد أن الممرض والفراش يتساويان في الراتب في أكثر الأوقات . إلى غير ذلك ولعلي أجد نفسي مضطراً إلى تقديم مثال واحد ادعم به الحقيقة الغائبة عن الأنظار ففي احد المشافي الخاصة المشهورة (( بخلس عباد الله أحياء )) اتخذ قرار جاء به مدير جديد وغريب وهو تخفيظ أجور الموظفين في ضل ما يعانيه الموظف من ظروف معيشية صعبة أثقلت كاهله والذي ما يعجبوش الباب يفوت جمل وغيره أحسن منه بكثير جداً جداً وهو إضافة إلى حرمانهم من الإجازات القانونية والعلاوات والإكراميات الرمضانية إلى غير ذلك من إجراءات الظلم والاضطهاد والاستغلالية المشابهة في المشافي الأخرى . وربما هذا نموذج واحد فقط كما أسلفت قد نراه في بعض المشافي ولا نراه في البعض الأخر أو قد نرى ما هو أسوء منه واعتقد أن م/ السعيد هي من تتعامل وفقاً للقانون لأنها تدرك حجم المسئولية (( والله أعلم )) بقي أن نعرف بعض من الأسباب الرئيسية لحدوث هذا الظلم والجور والاستغلال مثل غياب وازع الدين والضمير لدى أرباب العمل من جهة وغياب دور الرقابة في المتابعة إضافة إلى غياب الدور النقابي والذي أقتصر في حشد ودعوة الأعضاء وللانتخابات النقابية وفي متابعة رسوم الاشتراك وصرف بطائق مزاولة المهنة وغيره مما لا يسمن ولا يغني لا من ظلم ولا من قهر ولا من جوع وكم كنت أتمنى من هذه النقابات الطبية أن تطالب بحقوق العاملين في القطاع الصحي الخاص وتصدر بيانات كتلك التي صدرت عند تأخر الحكومة من صرف مستحقات الموظفين المتراكمة والسؤال هنا هل من إحساس بالمسئولية تجاه هذه الشريحة المهمشه من قبل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ومن قبل مجلس تنسيق النقابات الطبية أم أن يستمر الحال بهذه الصورة المشوهة حتى يحكم الله من عليا سماءه بالحق إنه على كل شيء قدير . أملنا كبير