السياحة تعتبر إحدى القطاعات الاقتصادية الهامة في عالمنا اليوم باعتبارها تشكل الصناعة التي لا تحتاج إلى مواد خام ولكن أساس نجاحها يعتمد على توافر المراكز السياحية من فنا دق ومتنزها ت ومراكز أثرية مصانة وتحت حماية دائمة حفاظا على آثارنا والتي نقرا عبر الإعلام كل يوم عن لصوص الآثار الذين يستهدفون طمس ماضينا وبيعه بحفنة من الدولارات، ولابد للهيئة العامة للآثار أن تكثف جهودها وبالتنسيق مع رجال الأمن من اجل إحباط أي محاولة تستهدف النيل من الآثار اليمنية باعتبارها ملكا للشعب اليمني ومفخرة لماضيه المجيد، وكذلك لا بد من تأهيل وصيانة المتاحف ورفدها بالعنا صر المؤهلة في الصيانة والحماية والإدارة والاستفادة من خبرات الأشقاء والأصدقاء في هذا الجانب. في عام 2002 رافقت وفد إعلامي اسباني زار اليمن لمدة أسبوع وقد خرج بانطباعات رائعة عن اليمن وتوقعوا أن يشهد هذا القطاع الهام تطورا كبيرا من اجل رفد الاقتصاد اليمني بعوائد تساهم في إحداث نهضة في البنية التحتية. وأمام اليمن تحديات صعبة جدا وان لم تكن مستحيلة منها: أولا: الجانب الأمني على الحكومة اليمنية أن تثبت بأنها قادرة على احتواء الاختلالات الأمنية والتي تستهدف القطاع السياحي بدرجة أساسية ومسالة التحذيرات الأوربية والأمريكية حول زيارة اليمن لابد أن نتعامل معها بكل حذر وخاصة و أنها تأتي بمعلومات استخبارية وفي بعض الأحيان فيها مبالغة كبيرة وهي نتيجة لحوادث شهدتها اليمن استهدفت امن وحياة السواح والبعض منها أدى إلى القتل المباشر وهذا ما حدث في مأرب في يوليو 2007 والذي أدى إلى مقتل عدد من السواح الأسبان الأبرياء. ومسالة توفير الأمن هي مهمة الحكومة اليمنية إذا أرادت أن تنتشل الواقع الصعب التي آلت إليه السياحة ولن ينهض هذا القطاع من سباته العميق مادام السلاح أصبح في متناول الجميع وأي دولة لا تستطيع أن تثبت مكانتها في فرضها لقوة النظام والقانون ستكون عاجزة دوما في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل وأنا اعتبرها مأساة كبيرة لواقع اليمن وخاصة وان الأخبار اليومية لا تخلو من ضحايا هذه الأداة الفتاكة. ثانيا: النظافة وهي عنصر هام في تقديم صورة مشرفة عن اليمن لما يمثله من واجهة هامة بحيث يشعر كل من يزور اليمن براحة تامة ولكن للأسف ما زلنا في بداية الطريق بحيث نجد أكوام القمامات متراكمة في الشوارع وبالذات البلاستيك وأوراق القات لما لها من آثار سلبية على صحة الجميع كما أن النظافة في بعض الفنادق بحاجة إلى رقابة وتوجيه وفرض الغرامة كأداة ضغط أخيرة. أن السياحة صناعة والصناعة إذا اهتم بها القطا ع الخاص نجحت وإذا اهتمت بها الحكومة خسرت لأنه لابد من الحافز المادي وبعيدا عن البيروقراطية وكثرة الخطابات السياحية، ولابد من دعم القطاع الخاص والذي كان له الدور الرائد والفعال في الترويج واستقطاب العديد من السواح من مختلف الجنسيات وكلنا نتذكر أوائل الشركات السياحية منها ياتا و العالمية للسياحة والتي تحتل مكانة بارزة في الخارطة السياحية اليمنية. وحاليا تعمل المئات من الشركات السياحية البعض منها بحاجة إلى مراجعة في بنيتها التحية والبعض الآخر يعتقد بان فتح شركة سياحية مثل فتح بقاله لبيع الفواكه والخضار. السياحة اليمنية تبشر بمستقبل كبير وتخطوا خطوات متسارعة لكي تواكب الدول التي سبقتنا في هذا المجال ولدينا مقوما ت تؤهلنا لان نحتل مكانة متقدمة في الخارطة السياحية العربية والدولية والمنتوج السياحي اليمني متنوع و جذاب للسواح الأجانب والعرب على السواء، من شوا طي جميلة تمتد لأكثر من ألفين وخمسمائة كيلو متر وجزر جذابة ووديان خلابة وجبا ل خضراء وشاهقة وصحاري رملية بلون الذهب تلهم كل من يعبرها. وقد نشرت مجلة الجغرافيا الوطنية ذا ت الشهرة العالمية ريبورتاج رائع عن صحراء الربع الخالي فيه لقطات خلابة للصحراء ومدينة شبام وهذا الريبورتاج يشكل إضافة مهمة للترويج السياحي لليمن، كما أن الترويج السياحي يعتبر أهم عمود وعنصر مساهم في التعريف وجذب السواح وعلينا أن نركز في هذا الجانب لما يحتله من أهمية خاصة وبالذات في المشاركات في المعارض الدولية. إن إدراج جزيرة سقطرى من ضمن قائمة التراث العالمي يجب أن يكون الدافع القوي نحو حماية الثروات البيئية والأثرية لليمن، وكذلك أهمية وجود قانون لحماية السواحل اليمنية والجزر من البناء العشوائي و الذي قد يعجل بتدمير البيئة وجمال السواحل وقد عانت العديد من دول العالم من هذه الظاهرة منها اسبانيا في بداية الثمانينات والآثار السلبية التي خلفتها في البنية التحتية والبيئية لسواحلها وجزرها وفي هذه الفترة تسعى اسبانيا إلى استعادة وحماية البيئة من الثلوث بعد سنوات طويلة من عبث البناء العشوائي، وعلى اليمن أن يركز على هذا الجانب إذا ما أراد أن يحافظ للأجيال القادمة على جمال ونظافة الشواطي والجزر اليمنية. كما يجب تكثيف الرقابة من اجل حماية مدينة صنعاء وشبام وعدم التساهل مع كل من يحاول أن يغير أو يستحدث بنايات جديدة تساهم في تغيير جمالها أو المساس بمكانتها التاريخية والأثرية. ويجب أن يكون الحفاظ وحماية المدن المعلنة كإرث عالمي مثل صنعاء وعدن وسقطرى قضية وطنية وإستراتيجية ومن أولويات الحكومة إذا أرادت أن تكون للسياحة مكانة خاصة عربيا وعالميا. وأصبح التنوع السياحي يا خذ بالتغيير مع تطور وعي السواح وأصبحت السياحة البيئية تحتل مكانة هامة في قائمة الطلب السياحي العالمي. أما الخطوة التالية فهي آثار مأرب منها معبد وعرش بلقيس وكذلك مدينة الهجرة في مناخه بحيث يجب أن تسعى الحكومة اليمنية بمطالبة اليونسكو بان تدرج في قائمة الإرث العالمي هذين الموقعين الهامين الأول ذات طابع اثري والثاني ذات طابع معماري فريد من نوعه. أما التحدي الذي ظل يواجهه اليمن يتمثل في مدينة زبيد التاريخية التي شهدت تشويه كبير في بنيتها من خلال استحداث البناء العشوائي ولهذا فان ناقوس الخطر مازال قائما والشئ الذي يجب أن ندركه جميعا فانه من الصعب أن نحقق إدراج مدينة أو جزيرة في قائمة التراث العالمي ولكم من السهل جدا أن نخسر هذا الموقع وبكل سهولة أيضا. النهضة بالسياحة تتطلب توافر الجهود والتنسيق السليم بين كل الجهات ذا ت العلاقة المباشرة لكي تسهم في أن يتمتع السائح بإقامة مريحة وان يخرج بانطباع ايجابي عن اليمن وبدوره ينعكس إيجابا في تدفق السواح وفي نفس الوقت إنعاش الاقتصاد خاصة وان السياحة فوائدها للجميع ابتداء من الوكالة السياحية حتى إلى عامل النظافة في الفندق وهي مصدر رزق للآلاف من المواطنين وأي إضرار في هذا القطاع تنعكس سلبياته على الجميع. المستقبل واعد لتطور وازدهار السياحة وخاصة وان هذه الفترة تشهد استثمارات كبيرة لا نجاح هذا القطا ع واليمن ما زال في بدا يا ت النهوض ولكن علينا أن ندرك متطلبا ت هذا القطا ع من قوى بشرية مؤهلة علميا وإدارة ناجحة متحررة من القيود البيروقراطية وان ننفتح إلى العالم الخارجي عبر حضورنا الفعال في المعا رض السياحية العربية والدولية. وقد اتخذ مجلس الترويج السياحي إجراءات هامة إن تم تطبيقها ستساهم في النهوض السياحي وهي إجراءات طبيعية، مثل إنشاء مراكز معلومات في المناطق السياحية، توفير الخدمات الأساسية وتامين النظافة وهي تعكس صورة اليمن أمام الزوار وناسف جدا عندما نجد أكوام القمامة تلا حق الزائر في كل موقع سياحي يزوره، توفير الخارطة والمنتج السياحي، المشاركة في المعا رض السياحية الدولية في دبيموسكوبرلين طوكيو باريس ولندن، وعدم تجاهلنا للمعرض السياحي الدولي الذي يقام سنويا في مدريد،استضافة إعلاميين وقنوات فضائية من الأسواق السياحية الرئيسية. والاهم من كل ذلك أن يوجد توجه صادق من قبل الجهات الحكومية في تحريك هذا القطاع واعتباره من أولويات التطور الاقتصادي لليمن كما يجب الاستخدام المكثف للتكنولوجيا الحديثة وخاصة الانترنيت والذي أصبح أداة فعالة في التعريف بالمنتج السياحي لآي بلد في العالم وخلال السنوات القادمة سوف تتقلص الشركات السياحية بحيث يصبح الحجز مباشر وعن بعد وهذا ما يحدث حاليا مع شركات الطيران عبر الحجز الالكتروني للتذاكر أو الحجز الفندقي إذا التحدي ليس بالسهل وأمام اليمن مشوار طويل يجب أن تقطعه. اليمن مهد الحضارة وارض بلقيس والبلد الذي أسهم في رفد الحضارة العربية و باعتباره احد ى الركائز الأساسية في الجيوش العربية في فتوحاتها للشام ومصر والأندلس. ونشير هنا إلى ما أورده احد القادة العرب في القرن الثامن الميلادي في رسالته إلى الوالي العباسي عندما انبهر بجمال وطقس الأندلس فقال طقس الأندلس مثل طقس اليمن وروعة اليمن وهذه شهادة تاريخية وحقيقة واقعة إلى يومنا هذا. [email protected]